الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الحرب الإيرانية-الإسرائيلية: الحصيلة المرحلية للأيام الأربعة الأولى من الصراع
زياد الزبيدي
2025 / 6 / 18مواضيع وابحاث سياسية

*إعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف*
فيكتور بيريوكوف
كاتب صحفي ومراسل حربي
موقع Military Review بالروسية
17 يونيو 2025
منذ انطلاق العملية العسكرية الإسرائيلية "الأسد الصاعد" مرّت أربعة أيام، ويمكننا بالفعل إستخلاص بعض النتائج المرحلية للصراع الإيراني-الإسرائيلي. فعلى الرغم من الدمار الواسع للبنية التحتية المدنية في كلا البلدين، فإن الجولة الأولى من هذا الصراع تميل بشكل واضح لصالح إسرائيل، إذ كانت ضرباتها أكثر دقة وفعالية.
في مادة سابقة بعنوان "إسرائيل بدأت عملية عسكرية ضد إيران. ما هدفها وإلى أين ستؤدي؟"، أشار الكاتب إلى أن جولة جديدة من المواجهة العسكرية بين تل أبيب وطهران كانت حتمية بعد فشل المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران حول الملف النووي. وكان السؤال فقط حول مدى المواجهة وتوقيت إنطلاقها. إذ لم تستطع إسرائيل القبول بإمتلاك إيران لسلاح نووي، لذلك إستغلت فشل المفاوضات كذريعة لبدء الحرب.
ونتيجة لذلك، شهد الشرق الأوسط أعنف تصعيد عسكري خلال السنوات الأخيرة، وقد يتطور هذا التصعيد إلى حرب إقليمية شاملة بين تحالفات، إذا ما تدخلت دول ثالثة بشكل مباشر (حتى الآن، مشاركتها لا تزال غير مباشرة). وقد حوّل هذا الصراع أنظار الإعلام العالمي من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط، الذي بات مصدر الأخبار الرئيسي على الساحة الدولية.
---
الضربات الإسرائيلية والإيرانية: تقييم الفعالية
لنبدأ بتقييم فعالية الضربات الإسرائيلية، ثم ننتقل إلى الضربات الإيرانية.
أولاً، إسرائيل:
خلال الأيام الأربعة الماضية، وجهت إسرائيل ضربات إستهدفت القيادة العسكرية العليا (ما يُعرف بـ "مراكز إتخاذ القرار")، حيث تم تصفية القيادة العليا للحرس الثوري الإسلامي – القائد العام للحرس، رئيس الأركان، قائد قوات القدس، قائد القوات الجوية للحرس، رئيس الاستخبارات ونائبه، بالإضافة إلى غالبية العلماء النوويين (وفق بعض التقديرات: 16 شخصًا).
وقد أستُهدفت منشآت نووية في نطنز وفوردو وأصفهان (حيث أشارت تقارير إلى وقوع هزات أرضية تحت الأرض بقوة 2.5 درجة نتيجة ضربة على منشأة فوردو في مدينة قم). كما تم إستهداف قواعد عسكرية ومحطات رادار ومبانٍ إدارية.
بالإضافة إلى ذلك، طالت الضربات مخازن نفط جنوب (شهريار) وغرب طهران، ومستودعات الغاز المسال في مصفاة فجر-جام بمحافظة بوشهر، وقواعد جوية في أنحاء متفرقة من البلاد.
وتوجد العديد من مقاطع الفيديو التي تُظهر الضربات الجوية الإسرائيلية على أنظمة الدفاع الجوي ومنصات إطلاق الصواريخ الباليستية الإيرانية (بعضها ضُرب أثناء التحضير للإطلاق)، وصور أقمار صناعية تظهر دمارًا في قواعد ومطارات عسكرية.
كما لوحظ أن بعض عمليات "الموساد" لم تستهدف فقط منشآت عسكرية بل بنى تحتية مدنية أيضًا – ففي طهران، يُعتقد أن "الموساد" عطّل أنظمة الصرف الصحي وإمدادات المياه، مما دفع السكان المحليين إلى مغادرة المدينة بشكل جماعي وسط القصف المستمر.
---
الآن ننتقل إلى إيران: ما هي الأهداف التي أصابتها؟
شنّت إيران العديد من الضربات الصاروخية على إسرائيل، وإخترقت بعضها الدفاعات الجوية، ولكن ما هي الأهداف التي أصابتها فعلاً؟
هناك العديد من مقاطع الفيديو التي تظهر إنفجارات صواريخ باليستية إيرانية في تل أبيب وحيفا، وتظهر أيضًا دمارًا في أحياء سكنية في هذه المدن.
وتوجد تسجيلات تُظهر إصابة محطة الكهرباء "غيزار" ومصفاة نفط في حيفا، كما تشير تقارير إلى إصابة مبنى وزارة الدفاع الإسرائيلية في منطقة "كيريا" في تل أبيب مرتين. كما أصابت صواريخ إيرانية منطقة مطار بن غوريون، لكن لم يتضح ما الذي تم تدميره تحديدًا.
وكالة "تسنيم" الإيرانية تحدثت عن "أضرار كبيرة في تل أبيب وبني براك"، لكن هذه الأضرار مست بنية تحتية مدنية بالدرجة الأولى. أما بالنسبة للبنية التحتية العسكرية، فلا توجد أية أدلة على إصابة منشآت عسكرية إسرائيلية مهمة، ولا يوجد أي تأكيد على تصفية أي من قيادات المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.
وبناءً على ذلك، يستطيع القارئ استنتاج الفرق في فعالية الضربات الإسرائيلية مقارنة بالإيرانية.
---
إسرائيل تهيمن على الأجواء
هناك نقطة مهمة أخرى تستحق الإنتباه: إسرائيل تسيطر بالكامل على المجال الجوي.
صحيفة "جيروزاليم بوست" ذكرت أن سلاح الجو الإسرائيلي تمكن من فرض سيطرته على المجال الجوي الإيراني بسرعة أكبر مما كان متوقعًا، مشيرة إلى أن القوات الجوية قادرة الآن على العمل بحرية حتى فوق طهران، بعد تدمير معظم أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية.
ولا توجد أي أدلة على سقوط طائرات إسرائيلية، رغم إعلان إيران عن إسقاط ثلاث طائرات، لكنها قدمت صورًا مولدة بالذكاء الاصطناعي ومنخفضة الجودة، ما يُضعف مصداقية هذا الادعاء.
وتنشر إسرائيل بانتظام تسجيلات فيديو لغارات جوية تستهدف منصات صواريخ ومركبات عسكرية داخل عمق الأراضي الإيرانية.
أما الطيران الإيراني فلا يُسمع له صوت، ما يثير التساؤلات: هل لا يزال سلاح الجو الإيراني موجودًا؟ وإن كان كذلك، فأين هو؟ إذ لا توجد أية تقارير عن أي نشاط جوي إيراني.
---
إلى أين يتجه الصراع؟
في مقال سابق، تساءل الكاتب: هل تستطيع إيران الصمود في هذه المواجهة أم أنها ستضطر لتقديم تنازلات؟ والإجابة التي بدأت تتضح: لن تستطيع الصمود، وستُجبر على تقديم تنازلات.
يبدو أن إيران، وهي تُدرك تفوق إسرائيل، أعلنت في اليوم الثالث من الصراع، على لسان وزير خارجيتها عباس عراقجي، إستعدادها للتوصل إلى إتفاق يضمن عدم إمتلاكها للسلاح النووي. وفي اليوم التالي، صرح الرئيس مسعود بيزشكيان أن "من يدعو لإمتلاك إيران للسلاح النووي لا مكان له في السياسة الإيرانية".
من خلال هذه التصريحات، تُرسل إيران إشارات واضحة إلى الولايات المتحدة بأنها مستعدة لإستئناف المفاوضات حول برنامجها النووي، رغم تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن "جميع المفاوضين السابقين قد لقوا حتفهم".
لكن الوضع أعقد مما يبدو – فإسرائيل، رغم تفوقها، ليست معنية بصراع طويل الأمد. إنها بارعة في الحروب الخاطفة، والصراع المُطوّل سيكون مرهقًا ومكلفًا جدًا، خاصة وأنه لا توجد أي خطط لشن عملية برية داخل إيران. كما أن الجيش الإسرائيلي لا يزال غارقًا في حملة برية مرهقة في غزة، ولم ينجح بعد في "تطهيرها".
ولا يمكن لإسرائيل تدمير جميع المنشآت العسكرية تحت الأرض في إيران، رغم إستخدامها أحيانًا ذخائر خارقة للتحصينات، لذا فهي تتبع تكتيكًا أكثر دهاءً – ضرب مداخل المواقع، لجعل إستخدامها أكثر صعوبة.
الهدف الإسرائيلي المعلن هو تدمير القدرة العسكرية الإيرانية ومنع تطوير برنامجها النووي وتهديدها لتل أبيب. وهذا الهدف يُنفذ بنجاح حتى الآن، إذ تواصل القوات الجوية الإسرائيلية قصف الأهداف الإيرانية.
ورغم حديث بعض المحللين عن قدرة إيران على الصمود، فإن إسرائيل ما زالت في موقع أقوى. نعم، إيران قد تُلحق بإسرائيل أضرارًا مالية ومعنوية جسيمة (بسبب الصواريخ التي تخترق الدفاعات الجوية)، لكن من منظور عسكري فإن تلك الضربات ذات تأثير محدود.
وبالتالي، إن لم يتحول هذا الصراع إلى حرب إقليمية موسعة، فمن المرجح أن ينتهي خلال أسبوعين أو ثلاثة، بإنصياع إيران وتقديمها تنازلات كبيرة.
---
لماذا يخدم التصعيد في الشرق الأوسط روسيا؟
ختامًا، تجدر الإشارة إلى أن هذا الصراع يخدم مصالح روسيا لعدة أسباب:
1. يساهم في ارتفاع أسعار النفط، مما يزيد من عائدات الميزانية الروسية.
2. يُحول إنتباه الغرب والولايات المتحدة عن الحرب في أوكرانيا – فالأميركيون يركزون على دعم حليفهم الرئيسي (إسرائيل)، مما يقلل من أهمية زيلينسكي الذي يعتمد على "إبتزاز" الشركاء الغربيين، الأمر الذي يزعجه بالتأكيد.
3. يفتح أمام روسيا نافذة دبلوماسية، فقد تتمكن من لعب دور الوسيط في المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران.
---
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. حرائق الساحل السوري تلتهم المزيد من الغابات ودمشق تطلب مساعد

.. السودان.. سلحفاة تقدم القهوة! • فرانس 24 / FRANCE 24

.. محادثات ترامب ونتنياهو بشأن إيران.. عملية عسكرية أم عودة للت

.. الجيش الإسرائيلي: نفذ اللواء 300 عملية في جبل بلاط ودمر مستو

.. عاجل| الجيش الإسرائيلي يعلن تنفيذ عمليات خاصة ومنع إعادة تمو
