الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


(طقوس العطر والغيم)

سعد محمد مهدي غلام

2025 / 6 / 22
الادب والفن


تقدمة :

في هذه النصوص تتكثف جدلية الحضور والغياب، يتسلل العطر كرمزٍ للحضور المتخفّي، والغياب الممتلئ بالإشارات.
ليس هذا النص مجرد سرد للحواس، بل تمرين روحي في استنطاق الفراغ بين اللمسة والصدى، بين العتمة وشقوق الضوء، بين طقوس الحب وأشباح الفقد.

إننا أمام «طقوس العطر والغيم»، حيث تتداخل الذات في مرايا الآخر، وينمو العطش في قلب المرآة، وتهطل الأمكنة من السماء على هيئة فراشات متعبة تبحث عن مظلّتها.

تتشظى العلاقة بين العاشق والمعشوق إلى طبقات من الرمز:

النافورة اليابسة: انقطاع الحياة.

السادن والدرويش: صراع السلطة والبراءة.

لعبة الغميضة: البحث الأبدي عن المعنى داخل الألفة والضياع معاً.

بهذا المعمار الرمزي، ينفتح النص على احتمالات التأويل: العشق، الغربة، الذكرى، وحيرة الوجود.


قصيدة النثر :

1
شَفتُكِ تَوْمِضُ،
عَيْنُكِ تَهْمِسُ،
نَبْضُكِ يَرْقُصُ...
قُوليها:
هِيتَ... هَاكَ... هَيْكِ.

2
النَّافُورةُ تَبْكي،
لا يَمامَ في الهَواءِ،
غَابَ النَّبْضُ عَنِ المَواءِ.

3
في رَمَاديَّةِ المَساءِ،
تَجْلِسُ القُرْفُصاءَ في ظِلِّ الصُّورةِ،
ويُسْمعُ صَدَى الخَريفِ.

4
يَتثاءبُ النَّوَّارُ...
النَّهْرُ يَجْري كمَا يَجْري الزَّمنُ.
أُلَمْلِمُ أَوْرِدتي،
وأَتْرُكُ شُبَّاكَ العَتَمَةِ قَبْلَ الفَجْرِ.

5
أَنَاختْ رِحالَ السِّنينَ،
أَغْرزِي في قَلْبي
خِنْجرَ الشَّهْقةِ...
لَعلَّ الصَّمْتَ يَلْفِظُ أَنْفاسَهُ النَّاشِفةَ.
6
شَحَّ العِطْرُ في الحَدائِقِ،
ذَبُلتْ وَرْدةُ الوعْدِ،
وَرفَعَ الغَمامُ مَظلَّاتِ الفَرَاشاتِ.

7
يا قُبْطانُ، أَعِدْني للْمَرْسى!
تَركْتَني قَارُورةَ عِطْرٍ
في حَقيبةِ يَدِ حَبيبتي.

8
قَطعْتُ الرِّحْلةَ،
بِلا خَريطةٍ...
واتَّبعْتُ عِطْرَكِ.

9
أُقَشِّرُ لِحاءَ الْأَجْسادِ الطَّريَّةِ،
وأَشْتُلُ لَمَساتِ الوَرْدِ النَّديِّ؛
فَيَشْتعِلُ بُسْتانُ التُّفَّاحِ
ويُرتِّلُ جَوْقُ اللَّوْزِ مَجْدهُ الخَفيَّ.

10
أَزْرعُ فِي المِرْآةِ شَجرَةَ العَطشِ،
ليَجِفَّ البَحْرُ،
وتَنْحسِرَ المَسافاتُ،
وتَسْقُطِي بَيْنَ ذِرَاعيَّ
غَيْمةَ تُفَّاحٍ مالِحٍ.

11
رَائِحةُ شِتاءٍ مُنْطبِعةٌ في صَدًى،
وأَنْتِ غَديرُ دِفْءٍ،
بَرْدانُ أَسْتَلذُّكِ.

12
أَحْتَسي وَهْجَ الثَّمالةِ،
وَأَشُمُّ مَساءَ عِطْرِ طَيْفِكِ.

13
أَنْتِ مَنْ أَشْعلَ فيَّ النَّارَ؛
وجْهُكِ لا يُفارِقُ مِرْآتي.

14
كَانَ لي وَطنٌ ضَاعَ...
ها أَنا أُطالِعُ رُواقِمَ طَيْفِهِ
على جِدارِ الرِّيحِ؛
بَقيتْ رُسُومُهُ بَاهِتةً...

15
سَادِنٌ يَرْنُو لِلدَّرْويشِ،
وآخرُ يَسْرِقُهُ،
وثالِثٌ يُعاقِبُهُ.
في الْأَرْضِ...
في الجَحيمِ...
السَّدَنةُ مُوكَّلُونَ بِالدَّرَاويشِ.

16
تَعالَيْ نَلْعبْ غُمَيْضةً:
أَنْتِ في حِضْنِي،
ورَأْسي في جَيْبِكِ،
نَبْحثُ عَنْ بَعْضِنا...
نَنْسى بَهظَ الزَّمانِ.

خاتمة:

في النهاية، يبقى الحب مرآةً تتكرر فيها الظلال...
ويبقى العطر أثرَ عبورٍ في حقائب المسافرين إلى المجهول.
ويمضي الزمن؛
خفيفًا على من ينساهم،
باهِظًا على من يُمسك بأهداب طيفهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان السوري باسم ياخور يعتذر: أنا آسف لكل سوري تألم بسبب ت


.. هل تعتذر عن دعم نظام الأسد؟.. الفنان السوري باسم ياخور: لم أ




.. بشير البكر: لماذا سوريا هي -البلاد التي لا تشبه الأحلام-؟ وم


.. الممثلة القديرة إلسي فرنيني في حديث خاص للـLBCI على هامش مهر




.. شكل امتحانات القدرات في كليات التربية الفنية .. اعرف التفاص