الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المخدرات في العراق: أزمة تتسارع بتأثير اقتصادي مدمر وجهود علاجية لا تواكب حجم التحدي

عامر عبد رسن

2025 / 8 / 5
الادارة و الاقتصاد


في خبر ورد عن وزارة الصحة العراقية أنها نجحت في علاج وتأهيل 7,260 مدمنًا ومتعاطيًا للمخدرات خلال 30 شهرًا: إذ أعلنت وزارة الصحة علاج وتأهيل 7,260 شخصًا خلال 30 شهرًا، وإنشاء 850 سريرًا مخصصًا لعلاج الإدمان، إضافة إلى إتلاف 2,614 طنًا من المواد المخدرة وأطنان من الأقراص المخدرة .
الخبر: علاج 7,260 مدمنًا خلال 30 شهرًا ، هل هذا الرقم يغطي حجم الأزمة؟ :
1. تقدير حجم المدمنين: فلجنة المخدرات النيابية تقول إن عدد المتهمين في قضايا المخدرات (تعاطيًا ومتاجرة) من 2020 حتى منتصف 2024 بلغ 59,300 شخص . ويُقدّر أن يكونوا المدمنين الحقيقيين – بعيدًا عن التوقيفات الأمنية –عشرات الآلاف الإضافية، غير مشمولة بالإحصائيات المذكورة.
2. نسبة التعافي مقابل أعداد المدمنين: أن 7,260 شخصًا يمثلون حوالي 12% من إجمالي من تم توقيفهم في تلك الفترة. و إذا أضفنا مدمني الداخل غير المضبوطين، فإن النسبة الحقيقية للمستفيدين من برامج العلاج أقل بكثير.
3. مقارنة مع السعة: حظيت برامج العلاج بـ850 سريرًا، يعني بمعدل 270 مدمنًا سنويًا يمكن معالجتهم بالكامل إذا تم تدوير الأسرة كل 6–12 شهرًا، وهو يتطلب كادرًا طبيًا متخصصًا وتنظيماً فعالاً.
التحديات والقيود في الجهود الحالية :
1. تركيز محدود على العلاج فقط دون دعم برامج الوقاية، الشمول الاجتماعي وأعادة الدمج، والتأهيل الشامل الذي يعالج الأسباب الجذرية للإدمان .
2. اعتبار الإحصاءات المقاسة عبر التوقيفات مؤشرًا كاذبًا عن عدد المدمنين الفعليين، خاصة أن الانخفاض الأمني للمضبوطين لا يعني تراجع الظاهرة ، وقد يعطي مؤشرا على تطور اليات التملص من الضبط والعقوبة.
3. ضعف البنية العلاجية: رغم افتتاح أعداد من المراكز، إلا أن عدد الأسرة والمراكز الميدانية لم يواكب الزيادة المتوقعة وعدد المحافظات، في ظل تزايد الطلب على العلاج .
تحليل المرصود الوطني مقارنة بحجم المشكلة :
ت البند القيمة
1 من خضع للعلاج 7,260 مدمنًا خلال 30 شهرًا
2 متوسط العلاج السنوي≈ 2,900حالة
3 إجمالي من ثبت تعاطيهم/اتهموا 󖾯,300 بين 2020 حتى منتصف 2024
4 نسبة المستفيدين 󖐬% من المضبوطين، وأقل كثيرًا من الواقع المجتمعي الفعلي
النتيجة: الجهود العلاجية الحالية تُعد أولية، لكنها لا تغطي سوى نسبة بسيطة من حجم الظاهرة الحقيقية، خاصة خارج نطاق التوقيفات الأمنية.
توصيات لتطوير استراتيجية شاملة :
1. التوسع في مراكز العلاج والتأهيل في كل محافظة، بقدرة لا تقل عن 50 سريرًا لكل مركز، وضمان الكوادر المتخصصة والمناهج العلاجية المعترف بها دوليًا .
2. تعزيز برامج الوقاية والتعليم المجتمعي ضمن المدارس والجامعات وإشراك القوى الأمنية والعشائر لتقليل الطلب على المخدرات.
3. إعادة تنظيم قانون المخدرات لضبط متعاطي المخدرات كمرضى أكثر من كونهم مجرمين، مع الربط بخدمات دعم نفسي واجتماعي .
4. تكامل جهات العمل: وزارة الصحة، الداخلية، التعليم، والعمل، لتنسيق جهود تتضمن الوقاية والملاحقة والعلاج والتأهيل.
5. الإحصاء الشامل والرقمنة: نظام وطني لتسجيل حالات التعاطي والتعافي وإحصاء دقيق يتم تحديثه دوريًا.
6. تمويل مستدام وخطط استثمارية في خدمات حديثة: مثل مختبرات التأهيل النفسي وخدمات الدعم الاجتماعي بما يضمن جودة العلاج وتوفير الموارد.
خلاصة : أن علاج 7,260 مدمنًا خلال 30 شهرًا خطوة إيجابية، لكن نسبة التغطية لا تتعدى 12% مِن الذين تم توقيفهم قانونيًا، ونسبة أقل كثيرًا من الإجمالي الحقيقي للمدمنين. ولتجاوز هذه المرحلة، ينبغي:
• التوسع الجغرافي وتحديث المراكز.
• تبني رؤية شمولية تربط العلاج بالوقاية والدعم النفسي والاجتماعي.
• إحداث إصلاحات قانونية ومؤسسية لتعزيز الشمول والفعالية.
بهذه المنظومة المتكاملة، ستتمكن الدولة من مواجهة أزمة المخدرات بشكل أكثر فعالية، بما يضمن حماية الشباب والمجتمع من الآفة.
فتأثير ظاهرة المخدرات ومكافحتها تمثل على الاقتصاد الوطني عبئًا اقتصاديًا مباشرًا وغير مباشر على الدولة العراقية، إذ تؤدي إلى استنزاف الموارد في مجالات الأمن والصحة والقضاء، وتفاقم مشكلات البطالة والفقر، فضلًا عن تراجع الإنتاجية العامة في المجتمع.
الأعباء المالية المباشرة:
• إنفاق متزايد على حملات ضبط المخدرات وملاحقة شبكات التهريب.
• تكاليف مرتفعة لعلاج وتأهيل المدمنين، خصوصًا في ظل محدودية المراكز الصحية المتخصصة، ما يفرض الحاجة لبناء بنى تحتية جديدة.
• خسارة كبيرة في الموارد البشرية العاملة بسبب تراجع قدرة المدمنين على العمل والإنتاج.
الخسائر الاقتصادية غير المباشرة:
• انخفاض الإنتاجية العامة نتيجة انتشار الإدمان بين فئة الشباب، التي تمثل النسبة الأكبر من القوى العاملة.
• تزايد الجرائم المرتبطة بالمخدرات، ما يرفع تكاليف القضاء والسجون.
• التأثير السلبي على الاستثمارات المحلية والأجنبية بسبب تراجع مؤشرات الاستقرار الاجتماعي والأمني.
انعكاسات مكافحة المخدرات إيجابيًا:
• الحد من الإدمان يسهم في زيادة الإنتاجية الوطنية واستعادة المدمنين كأفراد فاعلين في المجتمع وسوق العمل.
• توفير الموارد المالية التي تُستنزف في مواجهة الجريمة والإدمان وتحويلها إلى الاستثمار في التعليم والصحة وفرص العمل.
• تعزيز ثقة المستثمرين والمجتمع الدولي ببيئة مستقرة وآمنة، ما يسهم في جذب الاستثمارات الخارجية وتنشيط الاقتصاد.
إن معالجة ظاهرة المخدرات ليست مجرد قضية اجتماعية أو صحية، بل هي ملف اقتصادي وأمني بامتياز، تتطلب مقاربة شاملة تعزز الإنتاجية وتقلل كلف الإنفاق الحكومي، مع توفير فرص جديدة للاندماج المجتمعي عبر التأهيل والعمل المنظم للمتعافين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -الذهب الأزرق- في سماء الإمارات.. استمطار السحب لمواجهة عطش


.. كيف نفهم فوز عمدة نيويورك زهران ممداني اقتصاديا؟




.. سعر الذهب اليوم الجمعة 7-11-2025 بعد آخر انخفاض


.. 29 7 مليار دولار مشروع علم الروم نقلة اقتصادية وسياحية جدي




.. الملك توت عنخ آمون وقناعه الذهبي خلال حفل افتتاح #المتحف_الم