الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليس بعد هذا الموت موت

مصطفى النبيه

2025 / 8 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


ليس على المذبوح حرج؛ إنها حلاوة الروح، فهذيان من الجنون و الجوع والموت يجرّنا إلى الدرك الأسفل
المستقيل يحتاج إلى شجرة واحدة، وربٍّ واحد، حتى نخرج من مطحنة الآدميين، فانهضوا من أحلام اليقظة وتأملوا الواقع جيدًا حتى نلملم بقايانا المبعثرة ونخرج من حرب الإبادة.
يا حماس، بعد ثماني عشرة عامًا من الحكم، هل تحرّر شبرٌ واحد؟ هل اقتربنا من القدس؟
هل صنعتم إنسانًا ينتمي لوطنه… لا يفكّر بالهجرة؟
كلُّ ما حولنا يجرّنا نحو الهاوية. حتى الهواء صار عدوًا خانقًا
لم نعد نعرف من نحن، ولا أين نقف، ولا ما الذي ينتظرنا.
تلك الليلة، بعد الثانية صباحًا، كنا نحاول الاحتيال على الخوف بنومٍ هزيل، ثم انفجر كلّ شيء
انفجارٌ شقّ الصمت، غبار أبيض يغمر المكان، رائحة بارود تخنق الرئتين، صراخ لا يشبه صراخ البشر
والموت… تحتنا
احترقت الشقة أسفلنا بمن فيه
أبٌ وابنه تحوّلا إلى جثتين
وقفنا، لا نملك إلا العيون المرتجفة والقلوب المرتعبة
جاءت الإسعاف، أخذت الشهداء،
وبقينا نحن… نعدّ أنفاسنا، لا نصدّق أننا ما زلنا أحياء.
لكن النوم غادرنا، والليل صار لعنة.
حتى الكلاب الضالة حاصرت العمارة كانت تنبش الركام، تبحث عن لحمٍ متناثر من القصف..
في الصباح، حملت جهازي ومشيت. أبحث عن كهرباء… عن "إنترنت" أمارس به ما تبقى من عملي
مررت بعرباتٍ يجرّها الجوع
وجوه شاحبة، أجساد نحيلة، وعيون تحدّق في كيس دقيق كأنه الخلاص.
توقفت:
سألت نفسي:
من سيعود حيًا؟
من سيدفع دمه ثمن كيس دقيق؟
من سيُحمل بلا رأس… أو بلا اسم؟
هكذا نحيا.
مذ أمسكت حماس بزمام غزة، ونحن نعيش ما بين حربٍ وحرب.
نغادر حربًا لندخل أخرى… حتى وصلنا إلى حرب الإبادة
كنا نحلم بالتحرير… فاستيقظنا على الإبادة
تذكرت زملائي من الإعلاميين الذين رحلوا لأجل نقل الحقيقة.
لولاهم، لكنا نُسينا.
بكيتهم… وبكيتنا.
أي شعبٍ هذا الذي كُتب عليه أن يكون قربانًا؟
كيف تحوّل الفلسطيني الذي كان ينام على حلم العودة،
إلى سارقٍ من أخيه،
إلى أمّ تتسوّل،
إلى فتاة تكذب لتطعم إخوتها،
إلى طفلٍ يضرب طفلًا من أجل شربة ماء؟
كيف أصبحنا لصوصًا وقتلة… فقط لنعيش؟
هذه ليست مجرد أخطاء.
هذه كارثة، سنكتشف عواقبها إن انتهت الحرب ستطارد اللعنة الأجيال القادمة
حين يتحوّل الحلم إلى كابوس.
أصبحت غزة مقبرة مفتوحة لكافة المخلوقات، للإنسان والطير والحيوان والحجارة ،
أصبح الموت أرحم من الحياة،
لا بد أن يُقال ما لا يُقال.
يا حماس، بعد ثماني عشرة عامًا من الحكم..
هل تحرّر شبرٌ واحد؟
هل اقتربنا من القدس؟
هل صنعتم إنسانًا ينتمي لوطنه… لا يفكّر بالفرار منه؟
الحب وحده لا يكفي.
والخطابة لا تُعيد وطنًا ولا تُرمّم إنسانًا مكسورًا من الداخل.
كيف نعيد للأب دوره كحامٍ لا كمتسوّل؟
كيف نداوي إنسانًا سكنه الوحش وتحول إلى غريزة؟
نُباد، ونتسوّل باسم الصمود
الفلسطيني تشوّه..
صار مجرد رقم، قطعة خوف، شظية جوع.
نحن لا نكتب لأننا نملك ترف الأمل، بل لأننا نختنق.
نصرخ، ولا أحد يسمع.
نطلب منكم أن تعودوا إلى الواقع،
أن تفكروا، وتتحركوا، وتبحثوا عن طوق نجاة لهذا الشعب.
نطلب أن تترجّلوا عن الكرسي، أن تنزلوا عن الشجرة،
أن تعترفوا بأن الحلم وحده لا يكفي.
ليس عيبًا أن نخطئ،
بل العيب أن نُكابر، ونكمل طريق الهلاك.
اعترفوا..
اعترفوا بأنكم حلمتم، وانتصرتم للعاطفة، وتجاهلتم العقل والواقع ولم تبصروا ما يدور حولكم.
فما قيمة الوطن إن خسرنا الإنسان؟
نحن بحاجة إلى من يعيد بناءه، لا من يقدّمه وقودًا للشعارات.
أنقذونا، انقذوا ما تبقى منه … أو افسحوا الطريق لمن يستطيع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تلغي الانتخابات في 19 دائرة بعد يوم من دعوة السيسي


.. بريطانيا تحذر من محاولات تجسس صينية




.. عملية مزدوجة شمال الخليل تقتل إسرائيليا


.. وفد روسي سوري يجري جولة ميدانية بريف القنيطرة




.. نتنياهو: عاقدون العزم على استكمال الحرب على الجبهات كافة بما