الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
مُشتَرَكات ومسارات الأنظمة السابِقة واللاحِقة في العراق -3-
عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
2025 / 8 / 20
مواضيع وابحاث سياسية
ونحنُ في أواخرِ عام 2025، ينبغي على "المُختَصّينَ" في دراسة وتحليل "السلوك السياسي" ، و"علم الاجتماع السياسي"، القيام بدراسة "حالة" تهدف إلى تشريح "النظام السياسي" الذي تأسّس في العراق بعد عام 2003، والبتّ في إمكانية توصيفهِ على أنّهُ نظام لم يعُد قادراً على البقاءِ والتكيّف، والتعامل معهُ بوصفهِ "نظاماً سابِقاً" الآن، ويحتاجُ إلى "نظامٍ لاحِقٍ" له، وبديلٍ عنه، بأقصرِ مدّةٍ ممكنة.
لماذا بات النظام السياسي الحاكمِ في العراق الآن.. "نظاماً سابقاً"؟
حدثّ ذلك.. لأنّ أكثر من عشرينَ عاماً قد مضت على استلامهِ للسُلطة، دونَ أن ينجَح في "التأسيس" لمنظومات حُكم وإدارة فاعلة و كفوءة، ولا في "بناء" دولة مؤسسات قائمة على أسس حديثة، واستمرّ بالتجريبِ والخطأ، ليقودهُ ذلكَ سريعاً إلى الفسادِ والفشل، وإلى خذلانِ "قاعدته الشعبية" الكبيرة التي آمنت به وعملت على دعمه بشتى الوسائل والسُبُل.
ولم يتوقف النظام السياسي عند هذا الحَدّ، بل تجاهلَ كُلَّ الدعواتِ المُخلصةِ لـ "إصلاحِ" بُنيتهِ وأنماطِ ادارتهِ وسلوكه، و أمعنَ في فسادهِ وفشله، وأصَرّ على هذينِ "النَهجينِ" القاتِلين بفعل "ميكانزماتهِ" الانتكاسيّة، وطبيعة وخصائص تكوينهِ المُختَلّةِ أصلاً، ليخسرَ بذلك الكثير من الدعم اللامحدود الذي قدّمتهُ لهُ بسخاءٍ قلَّ نظيره "حاضنتهُ" المجتمعيّة الواسعة.
ولم يكن الفشل داخليّا فقط، بل امتدَّ ليشملَ الفشلَ في بناء علاقات سياسية واقتصادية دوليّة رصينة و موثوقة، وقائمة على التكافؤ في المصالح والتوازن في التحالفات.
إنّ هذا "النظام السياسي" لم يتعرّض إلى الآن لتدخُّل خارجي عنيف يهدف لإسقاطه، بل أنّ أطرافاً دوليّةً عديدة كانت لها مصالح مباشرة وغير مباشرة في الحفاظ عليه.
وعندما حاولَت داعش" فعلَ ذلك، وشكّلَت تهديداً وجوديّاً لهذا النظام، هبَّ العالَمُ كُلّهُ لنُصرَتِه، من ايران إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
أمّا "نظام البعث وصدّام " فهو نظام " أسبَق"، ينتمي إلى الماضي، ولن يكونَ لهُ أيُّ دورٍ مُستقبليّ في حُكم العراق، وهو قد انهار تماماً بفعل تدخُّل خارجي مباشر وضخم وعنيف، وانتهى أمرهُ في العراق إلى الأبد، ولن يعودَ إلى الحكم، لا في "أحلامِ" البعض، ولا في "كوابيسِ" غيرهم.
لهذا كُلّه ينبغي على "سَدَنةِ" النظام السياسي الحالي في العراق فهمَ ذلك والإقرارَ به.
ينبغي عليهم ادراك "حقيقةٍ" مفادها أنّهُم قد وَضَعوا أنفسهم في ذات المأزق الذي وضعَ "صدام حسين"َ فيهِ نفسهُ و "نظامَهُ" والدولةُ والعراق (كلُّها معاً) قبل العام 2003.
لقد خسر هؤلاء "السَدَنة" ثقة العراقيّين بهم، وثقة بعضهم بالبعض الآخر، بل وحتّى الثقة بأنفسهم، وأصبحَ الخوفُ من الصراعِ المُسلّحِ فيما بينهم، يُهدّدُ العراق والعراقيّين بعواقبَ وخيمة.
إنّ مصير "النظام السياسي" الراهن في العراق، وبقاءهِ من عدمه، لا يتوقّف على رغبة "الفاعلين الخارجيّين" بذلك.. وقد أثبتت الأحداث الأخيرة بأنَّ هؤلاء الفاعلين (الدوليين والاقليميين) باتوا يعتقدونَ، شيئاً فشيئاً، بأنّ هذا النظام (وهذا البلد) قد أصبحا معاً عِبئاً ثقيلاً عليهم.
إنّ شكل وطبيعة وخصائص هذا "المصير" تتوقّف كُلّها على كيفيّة إدارة الحاكِمينَ الحاليّين لـ "استراتيجية خروج" كفوءة، تنتشلهم من هذا " المأزقِ- المُستنقَع" الذي وضَعوا أنفسهم فيه.. سياسيّاً واقتصاديّاً ومُجتمعيّاً.. و "دوليّاً" أيضاً.
وبعدَ النجاحِ في "الخروجِ" من هذا المأزق، بأقل ِكُلفةٍ مُمكنة (إذا تمكّنوا فعلاً من تحقيق ذلك)، فإنّ عليهم الانتقال إلى ما هو أصعب وأكثر تعقيداً من ذلك بكثير، وهو البدء بـ "تشكيلَ" نظامٍ سياسيٍّ بديل لـ "نظامهم"هذا، وإلاّ سيتولّى "الآخرون" مُهمّةَ القيامِ بذلك بدلاً عنهم.
تُرى..
هل بإمكان "المنظومة" السياسيةِ الحاكمةِ في العراق الآن، أن تُنجِزَ هذا لمصلحتها، قبل أن يكون ذلك لمصلحةِ بلدها و "شعوبها، وقبلَ فواتِ الأوان.. أم أنّها ستُعيدُ "تدويرَ" نفسها باستخدام ذات "الأساليب" التي جعلت حالَ العراق والعراقيّين مثلما هو عليهِ الآن؟
هل أنّ هذه "المنظومة"، ستترك هذا "النظام السياسي" العاجِز عن "التطوّرِ" و"التكيّفِ" مع اشتراطاتِ بيئتهِ الرئيسة.. يتعفّنُ.. ويتحلّلُ.. ويتلاشى بغضبٍ تامّ، مثل أيِّ "علاقاتِ انتاجٍ" في التاريخ، تُقاوِمُ بيأسٍ عميق، ودونَ جدوى، تلك "الحتميّةِ" التي ستأتي بـ "قوى انتاجٍ" أفضل منها، لتكونَ هي "المُهيمِنة" و القائدة، في "المرحلةَ التاريخيّةَ" التي تليها؟
الأشهرُ القليلةُ المُتبقيّة من عام 2025، هي وحدها الكفيلةُ بالإجابةِ عن أسئلةٍ كهذه.
|
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ما مخرجات القمة الأوروبية من أجل الاستقلال الرقمي؟ | نشرة ال
.. ترامب يستقبل بن سلمان بحفاوة استثنائية، ما هي الأسباب؟
.. مراسل الجزيرة يرصد آثار الدمار الذي خلفته الغارات الإسرائيلي
.. لازاريني: لا يدخل القطاع ما يكفي من الموارد
.. الرئيس الأوكراني: 9 قتلى في هجوم للقوات الروسية