الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
ضرورة إصلاح القطاع المالي في العراق: أولوية لتعزيز كفاءة البنوك وجذب الاستثمارات
عامر عبد رسن
2025 / 8 / 22الادارة و الاقتصاد
يُعَدّ القطاع المالي والمصرفي في العراق أحد الركائز الأساسية التي يمكن أن تُحدث فارقًا نوعيًا في مسار التنمية الاقتصادية إذا ما أُعيدت هيكلته وفق معايير الحوكمة والكفاءة العالمية. ففي ظل التحديات الاقتصادية التي يواجهها العراق، وأبرزها الاعتماد المفرط على النفط، يبقى النظام المصرفي الحلقة الأضعف في دعم الاستثمار والإنتاج، نظرًا لضعف الشمول المالي، سيطرة البنوك الحكومية، وقصور البنية التحتية الرقمية.
اليوم، أصبح من الضروري إطلاق حزمة إصلاحات مالية ومصرفية متكاملة، لا تقتصر على تحديث القوانين بل تشمل إعادة هيكلة البنوك، تعزيز الشفافية، والتحول الرقمي الشامل، بما يواكب التغيرات العالمية ويعيد الثقة لدى المستثمرين المحليين والأجانب.
أولًا: تعزيز الحوكمة وزيادة رأس المال المصرفي : إحدى نقاط الضعف الرئيسة في النظام المصرفي العراقي هي تدني مستوى الملاءة المالية وضعف الرقابة على مجالس إدارات البنوك. القوانين الجديدة التي تفرض حدًا أدنى لرأس المال، وتشدد معايير الترخيص تُعَدّ خطوة مهمة، لكنها تحتاج إلى تنفيذ فعلي يشجع على اندماج البنوك الصغيرة ورفع قدرتها التنافسية.
كما يتطلب الأمر مواءمة هياكل الملكية والإدارة مع المعايير الدولية من خلال استقطاب الخبرات العالمية، واعتماد برامج تدريبية متقدمة للعاملين في القطاع المالي، بما يرفع كفاءة اتخاذ القرار ويحدّ من المخاطر التشغيلية.
ثانيًا: التحول الرقمي وتعزيز الشمول المالي : يمثل التحول إلى أنظمة الدفع الإلكتروني وتوسيع استخدام المحافظ الرقمية ومحطات الدفع (POS) أحد المحاور الجوهرية للإصلاح. فقد ارتفع الشمول المالي من أقل من 10% عام 2019 إلى نحو 40% حاليًا، بفضل السياسات الأخيرة للبنك المركزي.
لكن المطلوب هو تعميق هذا التحول ليشمل الإقراض الرقمي، تطوير سجل ائتماني موحد، وتفعيل أنظمة الرهن القضائي بما يسمح للبنوك بتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة بطريقة أكثر أمانًا وكفاءة. هذا التحول لا يقلل التكاليف فقط، بل يُعيد الثقة في النظام المالي ويُسهّل اندماج الاقتصاد العراقي في الاقتصاد العالمي بصورة كاملة.
ثالثًا: إعادة هيكلة البنوك المملوكة للدولة : تستحوذ البنوك الحكومية على معظم الأصول لكنها تعاني من ضعف في الكفاءة وتوجّه مواردها نحو تمويل الأنشطة الحكومية بدلًا من دعم القطاع الخاص. المطلوب هو إعادة هيكلة تدريجية لهذه البنوك، مع خطط واضحة للخصخصة الجزئية، وتشجيع عمليات الدمج، وتوجيه الموارد نحو تمويل الأنشطة الإنتاجية ومشاريع القطاع الخاص.
كما يجب دعم إنشاء مؤسسات تمويل تنموي جديدة، مثل مصرف الريادة وصندوق التنمية العراقي، لتوفير قروض ميسرة للشركات الناشئة والمشاريع الصغيرة، مع توفير برامج تدريب إداري وفني لتعزيز فرص نجاح هذه المشاريع.
رابعًا: تعزيز الإطار التنظيمي والرقابي : لا يمكن بناء قطاع مصرفي جاذب للاستثمار من دون إطار رقابي متوافق مع المعايير الدولية، مثل بازل ومعايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (FATF).
تعاني بعض البنوك العراقية حاليًا من قيود على تعاملاتها بالدولار بسبب ضعف الامتثال، الأمر الذي يحدّ من قدرتها على التواصل مع البنوك المراسلة الدولية. إصلاح هذا الجانب يتطلب تشديد الرقابة، تفعيل أنظمة الامتثال، وإعادة بناء الثقة مع النظام المالي العالمي.
خامسًا: مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية : إن ضعف الشفافية والاعتماد على الاقتصاد النقدي وفوضى المناقصات الحكومية يقوّض ثقة المستثمرين. لذا، يجب فرض الإفصاح المالي الإلزامي للبنوك والشركات العامة، وإطلاق بوابات إلكترونية شفافة للمناقصات، وتفعيل هيئات مكافحة الفساد بشكل حقيقي.
إن تفعيل الشفافية والمساءلة في القطاع المالي سيُعيد الثقة لدى المستثمرين، ويُسرّع دخول رؤوس الأموال الأجنبية، ويعزز قدرة العراق على بناء اقتصاد متنوع ومستدام.
الخلاصة : إن إصلاح القطاع المالي في العراق ليس خيارًا بل ضرورة استراتيجية لتأهيل النظام المصرفي ليكون داعمًا حقيقيًا للاستثمار والنمو.
1) تعزيز الحوكمة يضمن قوة البنوك واستدامتها.
2) التحول الرقمي يخفض التكاليف ويزيد الشمول المالي.
3) إعادة هيكلة البنوك الحكومية تسمح بتوجيه الموارد نحو الاقتصاد الإنتاجي.
4) الإصلاحات الرقابية تفتح أبواب النظام المالي العالمي أمام العراق.
5) مكافحة الفساد والشفافية هي أساس لاستعادة ثقة المستثمرين.
إن نجاح هذه الإصلاحات كمرحلة أولى سيسمح للعراق بالانتقال من اقتصاد ريعي يعتمد على النفط إلى اقتصاد منتج متنوع، قادر على استقطاب الاستثمارات النوعية وخلق فرص عمل مستدامة للأجيال المقبلة.
|
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. أخبار الصباح | ملفات اقتصادية وأمنية على أجندة زيارة ولي الع
.. ألمانيا ترفع القيود عن صادرات الأسلحة إلى إسرائيل التي فرضته
.. موريتانيا.. حظر رمي النقود في المناسبات الاجتماعية
.. أسعار الذهب اليوم الاثنين 17 نوفمبر
.. خالد بيبو ووليد صلاح الدين ومحمد يوسف ونجوم الجيل الذهبى بال