الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المنافسة مرض وليست فضيلة

حسام عبد الحسين

2025 / 9 / 1
قضايا ثقافية


وفق التعريف فان المنافسة هي ظاهرة تنبع من جوهر النظام الاقتصادي السائد، الذي يدار من قبل النخبة الحاكمة، لتحقيق أقصى ربح لأفراد الطبقة الحاكمة في توزيع اموالهم بوسائل الانتاج في السوق، ومن ثم التجار الى العامل الكادح المُستغل والعاطلين عن العمل.

تقسم المنافسة الى عدة أقسام نختصرها في قسمين هما: (التجارة والمجتمع).

- المنافسة في التجارة:
تنشأ المنافسة بسبب تناقضات النظام الرأسمالي نفسه الذي تديره الطبقة الحاكمة، حيث يسعى كل رأسمالي إلى تعظيم أرباحه على حساب الآخرين، وتعد ضرورة مفروضة عليهم؛ فمن لا يندمج في السباق يفقد مكانته في التجارة ويستبعد.

تؤدي المنافسة بين الرأسماليين إلى الاحتكار وزيادة استغلال العمال (الموظف، طالب الجامعة، العاطل عن العمل، عمال القطاع الخاص)، حيث يتم خفض الأجور وزيادة ساعات العمل لخفض التكاليف وزيادة الربح. وبالتالي؛ إنشاء جيش احتياطي من العاطلين عن العمل، مما يضعف قدرة العمال على المطالبة بأجور أفضل وظروف عمل ملائمة.

- المنافسة في المجتمع:

إن المنافسة الاجتماعية ليست مجرد سمة طبيعية أو نفسية للإنسان، بل هي بنية اجتماعية مخلوقة تُفرض من خلال النظام الاقتصادي السائد للنظام السياسي الحاكم، حيث يخلق هذا النظام الحاجة الدائمة للبشر (نقص في الوظائف الجيدة، السكن الجيد، التعليم الممتاز، إلخ)، هذا يدفع الأفراد في المجتمع للتنافس على موارد محدودة بدلاً من التضامن ضد النظام الذي يخلق هذه الأزمة.
هنا يستغل النظام الحاكم هذا الصراع بتحويل الطبقات المتوسطة والمسحوقة ضد بعضهم البعض (المهاجر ضد المواطن، الموظف ضد موظف آخر على ترقية، إلخ)، يتم إضعاف التضامن الطبقي وإبعادهم عن الادارة الاقتصادية للنظام السياسي الحاكم، كما نراهُ واقعًا.

لذا تتحول العلاقات الاجتماعية بين البشر الى علاقات بين الأشياء، ويصبح قيمة الفرد تُقاس بقيمته في السوق (راتبه، منصبه، ملكيته) وليس بإنسانيته أو تعاونه.

لذلك نرى اعلام السلطة الحاكمة يروج الى الابتكار والى ان الناجح يستحق نجاحه بسبب كفاءته الفردية، والفاشل يستحق فشله. حيث يصبح الفرد في سباق شرس دائم مع جيرانه وزملائه لامتلاك أحدث السلع، كدليل على قيمته الاجتماعية. مع إلقاء اللوم على فشل الفرد نفسه وليس على النظام غير المتكافئ، مما يبرر استمرار هيمنة النخب الرأسمالية المرتبطة بالسلطة السياسية.

وتنعكس مباشرة على التعليم، حيث تتحول المدارس والجامعات إلى مصانع لإنتاج قوة عاملة، ويُدفع الطلاب للتنافس على الدرجات والفرص بدلاً من التعلم التعاوني من أجل المعرفة والتقدم المجتمعي. وفي العمل، حيث تخلق بيئات العمل الهرمية والتنافسية حالة من الخوف وعدم الاستقرار، حيث يتنافس الموظفون على البقاء والترقية، مما يمنعهم من المطالبة بحقوقهم والتعاون وانعدام حتى الصداقة بينهم، لذلك نرى الأحقاد والخيانة ونصب المكائد.

إن الطريق الى الانسانية هو بالتضامن وليس المنافسة سواء (التجارة أو المجتمع)، وتوجه الأفراد نحو التعاون والإبداع الجماعي، لتحسين المجتمع بأكمله، حيث تصبح مصلحة الفرد حقيقية فقط عندما تتحقق مصلحة الجميع. لأن المنافسة ليست فضيلة بل مرض مدمر ينهي متعة الانسان في الحياة، لذا الحل الجذري يبدأ من وعي الإنسان نفسه لربح حياته ومن ثم بتغيير النظام الاقتصادي للدولة الذي يولد هذه المنافسة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 5.mp4


.. كتلة السوداني تفوز في الانتخابات التشريعية بالعراق




.. ترمب: إحياء قضية إبستين -خدعة- من الديمقراطيين لإخفاء فشلهم


.. تفاعلكم | فريق إنقاذ يهرب من نمر!




.. المتوسط يبتلع 42 مهاجرا أغلبهم سودانيين قبالة ليبيا