الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
السياحة العراقية بين الماضي الضائع والمستقبل الممكن : كيف فقدنا الريادة وكيف نستعيدها؟
عامر عبد رسن
2025 / 9 / 6الادارة و الاقتصاد
في عصر أصبحت فيه تنويع الموارد الاقتصادية ضرورة وجودية للدول التي تعتمد على النفط، برزت السياحة كأحد أهم القطاعات القادرة على تحقيق دخل مستدام وخلق فرص عمل واسعة.
وإذا كانت المملكة العربية السعودية قد استطاعت أن تحوّل السياحة في أقل من عقد إلى ما يشبه “نفطاً جديداً”، فإن العراق – الذي كان يوماً رائداً في السياحة الدينية والثقافية – ما زال متأخراً عن هذا الركب، رغم امتلاكه مقومات حضارية وطبيعية لا تضاهى.
تجارب دول الجوار: من النفط الأحادي إلى اقتصاد متنوع : في السنوات الأخيرة، اتجهت دول قريبة من العراق وذات ظروف اقتصادية شبيهة، إلى بناء مشاريع عملاقة واستثمارات سياحية تتجاوز مئات المليارات من الدولارات،
مستهدفة عشرات الملايين من الزوار سنوياً، وطرحت نفسها على الساحة العالمية كمنافسٍ للأسواق الأوروبية والآسيوية.
هذه الدول استخدمت أدوات متقدمة مثل:
1. استثمار ضخم ومنظم في البنى التحتية والمشاريع الكبرى.
2. تسويق عالمي ذكي عبر المعارض الدولية والفعاليات الثقافية.
3. تشريعات محفّزة تشمل التأشيرات الإلكترونية وتشجيع الاستثمار الأجنبي.
4. القوة الناعمة عبر المهرجانات الموسمية والفنية التي تحولت إلى منصات جاذبة.
لكن هذه النجاحات لم تخلُ من محاولات لإعاقة التجارب الناشئة في أماكن أخرى. فعلى سبيل المثال، شهدت بغداد قبل سنوات تجربة ترفيهية واعدة كادت أن تتحول إلى موسم سياحي ناجح،
لكنها واجهت ضغوطاً من جماعات متشددة، وجرى الحديث حينها على مواقع التواصل عن رشاوى مدفوعة لإفشال التجربة حتى تبقى بعض المدن الأخرى في شمال البلاد مستحوذة على عوائد المهرجانات الفنية.
هذه الحادثة تكشف بوضوح أن التحدي أمام السياحة العراقية ليس فقط في البنى التحتية، بل أيضاً في الصراع الخفي على النفوذ الاقتصادي.
العراق: من الريادة إلى الغياب ؛ كان العراق في زمن قريب أيقونة سياحية للمنطقة:
• بغداد مقصداً ثقافياً وحضارياً.
• الأهوار نموذجاً للسياحة البيئية النادرة.
• المراقد الدينية في النجف وكربلاء والكاظمية وسامراء وجهة لملايين الزوار.
لكن الحروب والعقوبات وسوء الإدارة جعلت هذا القطاع يتراجع بشدة. اليوم، ورغم استقبال العراق أكثر من 20 مليون زائر ديني سنوياً، فإن العوائد الاقتصادية تبقى محدودة جداً، بينما كان يمكن – لو وُضعت رؤية استراتيجية – أن تتجاوز 30 مليار دولار سنوياً.
الفجوة بالأرقام
• الاستثمارات: خصصت دول مجاورة أكثر من 800 مليار دولار للمشاريع السياحية، بينما لم يرصد العراق حتى الآن سوى مبالغ متواضعة لا تشكل 10% من هذا الرقم.
• عدد الزوار: جيران العراق يستهدفون 150 مليون زائر بحلول 2030، بينما العراق لم يضع هدفاً وطنياً لزيادة العدد أو تعظيم العوائد.
• العوائد المالية: تلك الدول تتوقع أكثر من 100 مليار دولار سنوياً من السياحة، فيما يستطيع العراق – إذا طور خدماته – تحقيق ما لا يقل عن 30 مليار دولار بحلول 2035.
• فرص العمل: تم توفير أكثر من مليون وظيفة جديدة في المنطقة عبر السياحة، بينما يمكن للعراق أن يخلق رقماً مشابهاً إذا ما استثمر قطاعه.
ما يحتاجه العراق
1. رؤية وطنية للسياحة (العراق 2035) ترفع مساهمة القطاع إلى 10% من الناتج المحلي.
2. إطلاق مشاريع كبرى مثل “مدينة سومر السياحية” حول زقورة أور، و”كورنيش دجلة” في بغداد، وتطوير ممر النجف–كربلاء كمحور سياحي متكامل.
3. تسويق عالمي نشط بهوية سياحية عراقية واضحة عبر الأجنحة الدولية والمعارض.
4. إصلاح تشريعي يضمن بيئة استثمارية جاذبة.
5. بنية تحتية متطورة من مطارات وفنادق ونقل سياحي.
6. صندوق سيادي للسياحة يمول المشاريع الكبرى من فوائض النفط.
العوائد المتوقعة
• استقطاب 40 إلى 50 مليون زائر سنوياً بحلول 2035.
• تحقيق أكثر من 30 مليار دولار كعوائد سنوية.
• خلق أكثر من مليون فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.
• تعزيز مكانة العراق كقوة حضارية وثقافية.
الدروس المستفادة من التجارب الإقليمية
1. الرؤية الواضحة شرط لأي نجاح طويل المدى.
2. الاستثمار الجريء في مشاريع كبرى يمنح الثقة ويجذب المستثمرين.
3. التسويق العالمي ضروري لتحويل المواقع الأثرية إلى منتجات اقتصادية.
4. القوة الناعمة: السياحة وسيلة لصناعة صورة دولية إيجابية وليست مجرد قطاع خدمات.
لقد أثبتت التجارب القريبة أن الإرادة السياسية والتنظيم الاستثماري قادران على تحويل السياحة إلى ركيزة اقتصادية موازية للنفط. العراق، بما يمتلكه من نفط حضاري لا ينضب، يستطيع أن يعود إلى موقعه الطبيعي كوجهة سياحية رائدة،
إذا توفرت رؤية وطنية واضحة وقرار شجاع يضع التنمية المستدامة فوق الحسابات الآنية.
|
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الذهب الصناعي الصيني.. ابتكار جديد يغزو صناعة المجوهرات | #ب
.. هل نشتري أم نبيع الذهب؟ نصيحة من خبير في ساكسو بنك | #بزنس_م
.. د. سلام سعيد: سوريا تسير بلا خطة اقتصادية واضحة - فوضى لصالح
.. سي إن إن: صور الأقمار الصناعية والخرائط تكشف عن زيادة كبيرة
.. -الذهب الأزرق- في سماء الإمارات.. استمطار السحب لمواجهة عطش