الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
موسكو تغيّر قواعد اللعبة: من ضرب مقر الحكومة في كييف إلى إستهداف جسر على الدنيبر
زياد الزبيدي
2025 / 9 / 9مواضيع وابحاث سياسية
ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي
9 سبتمبر 2025
في الأيام الأولى من سبتمبر 2025، بدت الحرب في أوكرانيا وكأنها تدخل مرحلة جديدة، مع تصعيد روسي مركّب إستهدف في آن واحد مراكز القرار السياسي في كييف والبنية التحتية الإستراتيجية في قلب البلاد. فقد نقلت موسكو رسالتين متزامنتين: الأولى رمزية بتحذير مباشر لمبنى الحكومة الأوكرانية، والثانية عملية بخنق خطوط الإمداد عبر ضربة نوعية لجسر كريوكوفسكي على نهر دنيبر.
ضربة رمزية في قلب كييف
الصحفي الروسي أندريه رودينكو (مراسل التلفزيون الروسي القناة الأولى وروسيا 24) كتب في مقال خاص لموقع RT أن أوكرانيا "في حالة ذعر حقيقي – بعد أن وصل هجوم بالطائرات المسيّرة إلى مبنى الحكومة في كييف، وهو ما وصفه بأنه "إختبار تحذيري يجب أن يدفع للتفكير: ماذا سيحدث لاحقاً؟".
رودينكو شدّد على أن الهدف لم يكن تدمير المبنى، بل إيصال رسالة، قائلاً: "لو أرادنا التدمير الحقيقي لكنا قد إستخدمنا الصواريخ، وحينها لن يبقى من مجلس الوزراء شيء".
اللافت أن الصحافة الغربية تفاعلت مع الحادثة بقلق، إذ كتبت نيويورك تايمز أن المسيّرات الروسية إخترقت "أقوى منطقة دفاع جوي في أوكرانيا"، في إشارة إلى أن "الحي الحكومي في كييف كان يعتبر الأكثر تحصيناً".
جسر كريوكوف: خنق لوجستي للجيش الأوكراني
في موازاة الضربة الرمزية، جاء الإستهداف العسكري لجسر كريوكوف في كريمنشوك، والذي إعتبره المحلل الروسي رافائيل فخرالدينوف في مقال بصحيفة فيزغلياد الالكترونية " منذ يومين "مرحلة جديدة من العملية العسكرية الخاصة".
الجسر ذو أهمية إستراتيجية قصوى، كونه يربط ضفتي دنيبر في بولتافا، وهو المنفذ الأساسي لإمداد نصف مليون جندي أوكراني على الجبهة الشرقية. فخرالدينوف أوضح أن الضربة لم تكن منفردة، بل جزء من هجوم مركّب شمل مصانع الطائرات المسيّرة ومستودعات السلاح ومحطات الكهرباء، مضيفاً: "روسيا أوضحت أنها قادرة عملياً على ضرب جميع جسور دنيبر".
الخبير العسكري أليكسي ليونكوف اعتبر أن موسكو نجحت بعد عامين في "فك شيفرة منظومة الدفاع الجوي الأوكرانية"، وأن الطيران الروسي بات ينفذ مهامه "في أجواء شبه خالية دون خسائر".
من جانبه، رأى الخبير ميخائيل أونوفريينكو أن إستهداف الجسور قد يكون نتيجة "إنهيار تفاهمات غير معلنة بين موسكو والغرب"، وأن روسيا مستعدة الآن لإحداث "عواقب كارثية للخصم" عبر ضرب مستمر للبنية التحتية الحيوية."
البعد السياسي للمواجهات
الضربتان – على مبنى الحكومة والجسر – ليستا منفصلتين عن مسار التفاوض الدولي. فوفقاً للخبير يوري كنوتوف، فإن هذه الهجمات "رد فعل موسكو على عوامل خارجية"، أبرزها إستمرار الغرب في دعم كييف ونقل خطوط إنتاج السلاح إلى بولندا ورومانيا.
رودينكو ذهب أبعد من ذلك، رابطاً التصعيد الروسي بالملف السياسي مباشرة: "ها نحن نعرض على زيلينسكي مفاوضات مباشرة… أو هناك بدائل أخرى". أما فخرالدينوف فإعتبر أن هذه الضربات تشكل "ضغطاً على بروكسل وكييف من أجل الجلوس إلى طاولة التفاوض".
بين التحذير والإنذار
ما يجمع بين المقالين أن الضربات الروسية الأخيرة تحمل بعدين متكاملين:
•بعد رمزي–سياسي: عبر ضرب مبنى الحكومة في كييف كإشارة على أن مراكز القرار لم تعد آمنة.
•بعد عسكري–لوجستي: عبر ضرب جسر كريوكوف لتعطيل خطوط الإمداد الحيوية للقوات الأوكرانية.
بهذا المعنى، تعلن موسكو أن لديها القدرة على الجمع بين الحرب النفسية والضغط الميداني لإجبار خصومها على التفاوض بشروطها.
خاتمة
بينما يرى الغرب في هذه التطورات مؤشراً على هشاشة دفاعات كييف، ترسل موسكو إشارة مزدوجة: التفاوض لا يزال ممكناً، لكن تجاهل الرسالة قد يفتح الباب أمام موجة تدمير شاملة، تطال جميع جسور دنيبر وربما كامل الحي الحكومي في كييف.
يبقى السؤال مفتوحاً: هل يلتقط الغرب وكييف هذه الرسائل قبل أن تتحول الضربات "الرمزية" و"المركّبة" إلى سيناريو إنهيار كامل للبنية التحتية الأوكرانية؟
|
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ما مخرجات القمة الأوروبية من أجل الاستقلال الرقمي؟ | نشرة ال
.. ترامب يستقبل بن سلمان بحفاوة استثنائية، ما هي الأسباب؟
.. مراسل الجزيرة يرصد آثار الدمار الذي خلفته الغارات الإسرائيلي
.. لازاريني: لا يدخل القطاع ما يكفي من الموارد
.. الرئيس الأوكراني: 9 قتلى في هجوم للقوات الروسية