الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
طوفان الأقصى 707 - الدرس القطري: -المتغطي بالأمريكان عريان-
زياد الزبيدي
2025 / 9 / 12مواضيع وابحاث سياسية
ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي
13 سبتمبر 2025
لم يكن الهجوم الإسرائيلي على الدوحة مجرد "حادثة عابرة" كما وصفه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بل نقطة إنعطاف تكشف تناقضات التحالفات في الشرق الأوسط، وتعرّي محدودية سيادة دولٍ مثل قطر أمام المظلة الأميركية – الإسرائيلية. وفي الوقت نفسه، أتاح هذا الحدث لترامب أن يستعرض قوته كضابط إيقاع بين الحلفاء المتنازعين، وأن يوجّه رسالة صريحة إلى الجميع: من يظن أن واشنطن لديها أكثر من "حليف رئيسي واحد" في المنطقة فهو مخطئ.
قطر بين المطرقة والسندان
يرى الصحفي الروسي دافيد نارمانيا (وكالة ريا نوفوستي ، 10 أيلول/سبتمبر 2025) أن ما جرى يبدو ظاهريًا إمتدادًا لسلسلة الضربات الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر 2023، لكن هذه المرة كانت مختلفة لأن المستهدَف هو "أحد أهم حلفاء الولايات المتحدة". وكتب نارمانيا: «قطر — أحد الشركاء الرئيسيين للولايات المتحدة في المنطقة، وإسرائيل قصفت عمليًا أرضًا تُعدّ حليفًا محوريًا للراعي الأميركي».
المفارقة أن قطر قبل أشهر فقط أغدقت على واشنطن عقودًا وإستثمارات بمليارات الدولارات، وإستقبلت ترامب بحفاوة وصلت حد إهدائه طائرة بوينغ Boeing 747 بقيمة 400 مليون دولار ليحولها إلى "إير فورس وان" جديد. فوق ذلك، فهي تحتضن قاعدة العديد، أضخم تمركز عسكري أميركي في المنطقة، والتي سبق أن تعرّضت لضربة إيرانية بعد قصف منشآت طهران النووية. وهكذا، خلال ثلاثة أشهر فقط، أصبحت الدوحة هدفًا لإيران ثم لإسرائيل.
موقف البيت الأبيض: "حادث مؤسف"
لم يتأخر الرد الأميركي في التخفيف من وقع الفضيحة. فقد نقل نارمانيا عن المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت قولها: «ترامب يعتبر قطر صديقًا وحليفًا مهمًا للولايات المتحدة ويأسف بشدة لأن الهجوم وقع على أراضيها». بل إن الرئيس الأميركي نفسه وصف الضربة بأنها مجرد "حادث مؤسف".
هذا التبرير يوضح لماذا لم تتصدَّ القوات الجوية القطرية للطائرات الإسرائيلية، ولماذا أبدت واشنطن قبولًا ضمنيًا بالعملية، حتى وإن شاب ذلك إمتعاض لفظي من ترامب.
صدمة قطر وغضب الدوحة
لكن على الجانب الآخر، يوضح الصحفي فاسيلي تيشا (موقع المراجعة العسكرية، 11 أيلول/ سبتمبر 2025) أن القيادة القطرية لم تُخفِ غضبها. فبحسب مصادر Axios، وصف المسؤولون في الدوحة ما حدث بأنه "خيانة" من جانب إسرائيل والولايات المتحدة معًا. وكتب تيشا: «القادة القطريون كانوا غاضبين مما جرى، ورأوا في الضربة عملًا من أعمال الخيانة سواء من إسرائيل أو من الولايات المتحدة».
هذا الغضب لا يتناقض مع صمت الدفاعات الجوية القطرية أثناء الهجوم، بل يفضح حجم المعضلة: قطر كانت تعلم مسبقًا بالعملية، لكنها لم تحذر الوفد الفلسطيني الذي كان يشارك في مفاوضات التهدئة في الدوحة. هنا يتجلى المأزق السياسي – الأخلاقي الذي أشار إليه نارمانيا: "الخيانة" و"الإلتزام" لم تعد مفردات سياسية في عصر المكيافيلية، ومن يراهن عليها يخسر.
ترامب يرسم الخطوط الحمراء لنتنياهو
الإختلاف الحقيقي ظهر بعد يوم من الضربة، حين إنتقل ترامب من موقع المبرّر إلى موقع الضابط الإيقاعي. يذكر تيشا أن الرئيس الأميركي أجرى إتصالين هاتفيين مع نتنياهو: في الأول عبّر عن "سخط شديد" ووصف الهجوم بأنه "غير مقبول"، وفي الثاني طالب "بضمانات واضحة" بأن الأمر لن يتكرر. وكتب تيشا: «الزعيم الأميركي وصف هذه الأعمال بأنها غير مقبولة وطالب بوقفها فورًا».
بهذا، بدا ترامب وكأنه يستخدم "الخطأ" الإسرائيلي لإعادة ضبط قواعد اللعبة: نعم، يُسمح لإسرائيل بتوسيع عملياتها، لكن هناك خطوطًا حمراء لا يجوز تجاوزها، وقطر واحدة منها.
إنعكاسات على المشهد الإقليمي
تظل الدلالات التي أشار إليها نارمانيا حاضرة بقوة:
أولًا، الفلسطينيون تلقوا رسالة قاسية: "لا أحد سيأتي لإنقاذكم".
ثانيًا، قطر، رغم إستثماراتها وعلاقاتها، تنازلت عمليًا عن جزء من سيادتها، وأصبحت رهينة للقرار الأميركي – الإسرائيلي.
ثالثًا، على الدول العربية الأخرى أن تدرك أن فتح الأجواء أمام الطائرات الإسرائيلية أو الإتكال على واشنطن وحدها يجعلها عرضة لمصير مشابه لمصير الدوحة.
أما من زاوية تيشا، فإن غضب قطر قد يُترجم إلى محاولات لموازنة سياساتها الأمنية، لكن الواقعية السياسية تؤكد أن مساحة المناورة محدودة.
خاتمة
من مجمل ما سبق، يظهر أن ترامب لم يكتفِ بتبرير الضربة بوصفها "حادثًا مؤسفًا"، بل إستثمرها لتأكيد هيمنته على العلاقة الثلاثية (واشنطن – تل أبيب – الدوحة). الرسالة إلى الحلفاء الإقليميين كانت صارخة: «بالنسبة لواشنطن هناك حليف رئيسي واحد فقط في المنطقة، أما الآخرون… فيمكن قصفهم»، كما كتب نارمانيا.
بهذا، يتحول "الدرس القطري" إلى إنذار مبكر لكل من يراهن على المظلة الأميركية: الدعم الأميركي ليس ضمانة مطلقة للأمن، بل ورقة تُستخدم متى شاءت واشنطن لإعادة ترتيب موازين القوى.
|
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. إسرائيل هيوم: السعودية وإسرائيل تتجهان نحو مفاوضات مباشرة به
.. السودان: فارون من الفاشر يصفون مشاهد قتل المدنيين في الشوارع
.. فرنسا تدعو رعاياها إلى مغادرة مالي في أسرع وقت
.. ما ردود الفعل في إسرائيل بشأن مذكرة توقيف تركية ضد نتانياهو؟
.. الحرب في أوكرانيا: استمرار معركة بوكروفسك الاستراتيجية في دو