الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فى وسطك حرام يا أمريكا ! فى ذكرى الصدمة 11سبتمبر (2)

ماركوس عياد جورجى
طبيب بشرى وطالب دراسات عليا فى الفيزياء والهندسة الطبية

(Markos Georgy)

2025 / 9 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


لأننى أعشق العالم الموازى سوف أسرد لكم ما فعله جورج بوش بعد أن عبر عن صدمته فى صورة قصة لا تمت للواقع بصلة وأن كان بها صلة من الواقع فهو" يخلق من الصلة أريعين"

جلس الحاكم في قصره الأبيض، يتأمل الشاشات، يحاول أن يستوعب ذلك الصباحٍ الغريب،الذى انكسرت فيه السماء على أبراجٍ من زجاج وحديد، وارتجّت الأرض تحت وقع صرخات البشر. عمّ الصمتُ مدنًا بعيدة، بينما ارتفعت في مدن أخرى زغاريد ورقصات كأنها تحتفي بموقدٍ من دم. يخيط بالصبر جرحًا لم يلتئم، ويتساءل: كيف ينقسم العالم إلى نصفين؛ نصفٌ يبكي الضحايا ونصفٌ يفرح بالموت؟ وحين انقضت أيام الصمت، خرج إلى الناس يقول بمرارة: " لم أكن أعلم أن الكراهية يمكن أن تكون بهذا العمق! إنني في صدمةٍ لم أعرف مثلها"

ثم مضى إلى مزرعته في الجنوب، حيث يلتقي والده الشيخ العجوز وأمّه باربارا بوش التي لم تدخر يومًا قسوةً عليه. كانت قد وصفته على الملأ بأنه "أغبى أبنائها"، ولم يكن يأبه. لكنّه في تلك اللحظة لم يكن يبحث عن رضا أم ولا عن نصيحة أب، بل عن يقظةٍ من صدمته كي يفهم: لماذا كل هذه الكراهية؟

جلس على أريكته الهزّازة يتأمل المشهد في مرآة الذاكرة. تذكّر الحكّام العرب الذين استقبلهم قبل العاصفة بشهور قليلة، كيف أغدقوا عليه كلمات الحب والامتنان، وتذكّر كيف كانوا ينقلون إليه محبة شعوبهم للشعب الأمريكى الشقيق وانبهارهم بحضارة القطب الواحد، كأنها أسيرة بريقه. والآن يتساءل في حيرة: أكان أولئك الحكّام يكذبون؟ أم أنّهم لا يعرفون؟ فإن كانوا يكذبون فتلك مصيبة، وإن كانوا لا يعرفون فالمصيبة أكبر.

لقد تذكّر بوش أنّه التقى منذ بضعة شهور بحاكم بامبوزيا العربية، ذلك الرجل السبعيني ذو الشعر الأسود الذي لم تبدُ عليه ملامح العجز. ورغم أنّه لم يكن حادّ الذكاء، إلا أنّه كان يتمتع بذاكرةٍ قوية وتركيزٍ لافت.

لم يكتفِ بوش باستقباله في لقاءٍ رسمي، بل دعاه إلى مزرعته في تكساس، حيث قضى معه أيامًا يلعبان الغولف، ويتجولان في المزرعة، ويتبادلان الأحاديث. كان بوش يزداد إعجابًا بذاك الرجل الذي يجمع بين حيوية الجسد وقوة الذاكرة.

ولم ينسَ كيف نقل له الحاكم البامبوزي تحيات شعبه، الذي وصفه بالشغوف بالحضارة الأمريكية والمعجب بالشعب الأمريكي الكريم. وفي أثناء الحديث، أشاد الحاكم بالميكروفونات الأمريكية ذات الماركة الأشهر عالميًا، معترفًا بعدم قدرة بلاده على شرائها، ومعتبرًا أنّها ضرورية لشعبه كالماء والهواء.

شعر بوش آنذاك بفرحٍ خالص، ورأى في الحاكم رجلاً صادقًا يستحق المجاملة. فأمر بشراء شحنة من الميكروفونات الأمريكية وأرسلها دون أن يسأل نفسه لماذا هي ضرورية حقًا. ثم، إمعانًا في إعجابه، أخذ واحدًا منها، ووقّع عليه باسمه باللون الأحمر العريض، وكتب إهداءً:
"من أمريكا إلى شعب بامبوزيا العظيم."


لقد سرح بوش بخياله ولم يجد ما يفيقه من صدمته؛ فكل تقريرٍ يرده عن الشرق الأوسط كان يضاعف ارتباكه ويُغرقه في صدماتٍ جديدة. تقارير عن الفقر المدقع، وضعف التعليم، والهوس الديني، وأمواج الكراهية والعداء. وبينما هو غارق في شروده، أيقظه صوت سكرتيره الخاص يدخل عليه بشريط فيديو جديد.

ظهر على الشاشة رجلٌ ملتحٍ معمَّم، يصرخ في دعاءٍ جماعي: "اللهم عليك باليهود والنصارى بأمريكا وإسرائيل، ابقر بطون حواملهم، يتم أطفالهم، اعقر نساءهم..."، وفي كل مرة كان الجمع الغفير يردّد بصوت واحد: "آمين."

أدار بوش عينيه في الشاشة بتململٍ وقال ببرود: "لا جديد... لقد شاهدت مئات من هذه الأشرطة فى الأسبوع الماضى." لكن السكرتير قاطعه بقلق: "سيدي، أنظر إلى مكبّر الصوت أمام الشيخ الذي يلعنك... أليس هو نفسه الميكروفون الذي أهديته لحاكم بامبوزيا ووقّعت عليه بالخط الأحمر وكتبت إهداءك؟"

ارتبك بوش لحظة ثم تمتم: "نعم، عزيزي... ولكن كيف وصل إلى ذلك الشيخ؟ ربما سرقه لصّ وباعه له..."

وما أن وصلت هذه العبارة إلى مسامع بربارا بوش، والدة ذاك الابن الذي اعتادت أن تصفه بالأحمق، حتى سقطت مغشيًا عليها، بين دهشة الحاضرين وصمت التاريخ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عملية مزدوجة شمال الخليل تقتل إسرائيليا


.. وفد روسي سوري يجري جولة ميدانية بريف القنيطرة




.. نتنياهو: عاقدون العزم على استكمال الحرب على الجبهات كافة بما


.. مباراة ودية تاريخية بين كتالونيا وفلسطين




.. مأدبة عشاء رسمية في البيت الأبيض على شرف ولي العهد السعودي