الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


11 سبتمبر — بين الرواية الرسمية والتشكيك السياسي

زياد الزبيدي

2025 / 9 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


إعداد وتحليل د. زياد الزبيدي

14 سبتمبر 2025

منذ صباح الحادي عشر من سبتمبر 2001، حين إصطدمت الطائرات المدنية ببرجي مركز التجارة العالمي في نيويورك والبنتاغون في واشنطن، والعالم يعيش في ظل سرديتين متعارضتين: الرواية الرسمية الأميركية التي قدّمت ما جرى بإعتباره «هجومًا إرهابيًا نفذته القاعدة» من جهة، وتيارات التشكيك والنقد التي رأت في الحدث نقطة إنعطاف مدروسة أستُغِلّت لتبرير الحروب وإعادة تشكيل النظام الدولي من جهة أخرى.
لقد أُنتجت آلاف الدراسات والمقالات والتقارير حول هذا الحدث، وتباينت المقاربات بين التفسير الأمني والتأويل السياسي والقراءة الجيوستراتيجية. وبات «11 سبتمبر» أشبه بعدسة تاريخية يرى من خلالها كل باحث مسارات القوة الأميركية وصراعاتها الداخلية والخارجية.

الباب الأول: الرواية الرسمية

تقوم الرواية الرسمية على عناصر ثابتة:
1. أن 19 شخصًا ينتمون إلى تنظيم القاعدة إختطفوا 4 طائرات مدنية.
2. أن إثنتين ضربتا برجي مركز التجارة العالمي، وثالثة إصطدمت بمبنى البنتاغون، فيما سقطت الرابعة في بنسلفانيا.
3. أن زعيم القاعدة أسامة بن لادن خطط للعملية ردًا على السياسات الأميركية في الشرق الأوسط.
وقد صاغت لجنة التحقيق الأميركية (2004) تقريرًا من آلاف الصفحات ركّز على إخفاقات إستخباراتية وبيروقراطية سهّلت تنفيذ العملية.
الصحفي الأميركي توماس كين، الرئيس المشارك للجنة التحقيق، قال: *«لقد كانت هجمات الحادي عشر من سبتمبر صدمة كشفت عيوب نظام الأمن القومي الأميركي، أكثر مما كانت نجاحًا بارعًا لشبكة سرية».
لكن هذه الرواية لم تُنهِ الجدل، بل فتحت الباب أمام موجات من التشكيك.


الباب الثاني: التيارات النقدية والتشكيك

1. المدرسة التقنية – إنهيار الأبراج

أثار إنهيار برجي مركز التجارة العالمي والبرج السابع (WTC7) تساؤلات هندسية. فقد كتب المهندس الأميركي ريتشارد غيج، مؤسس جمعية "مهندسون ومعماريون من أجل الحقيقة حول 11 سبتمبر"، أن: *«سقوط البرج السابع لم يكن نتيجة حريق مكتبي محدود، بل يُشبه الإنهيار المتعمد في عمليات الهدم بالمتفجرات».

2. المدرسة السياسية – "الحرب على الإرهاب"

يرى العديد من المحللين أن الإدارة الأميركية إستغلت الحدث لتبرير غزو أفغانستان (2001) والعراق (2003). المؤرخ الروسي ألكسندر دوغين كتب: «لقد كان 11 سبتمبر ذريعة إستخدمتها واشنطن لبسط هيمنتها تحت شعار محاربة الإرهاب، لكنها في الحقيقة كانت حربًا على منافسيها الجيوسياسيين».

3. المدرسة الإستخباراتية – "المعرفة المسبقة"

بعض الدراسات الغربية تحدّثت عن تقارير إستخباراتية سابقة للهجوم. الباحث الفرنسي تيري ميسان نشر كتابه الشهير "الخديعة الكبرى" (2002) الذي إعتبر فيه أن: «ما جرى لم يكن كما قيل لنا: الطائرة لم تصدم البنتاغون، بل ثمة سيناريو أكثر تعقيدًا».

الباب الثالث: البعد السياسي والإستراتيجي

1. الداخل الأميركي

إستفاد الرئيس جورج بوش الابن من توحّد الرأي العام حوله، وأُقرّ قانون "باتريوت" (Patriot Act) الذي منح السلطات صلاحيات إستثنائية في المراقبة والإعتقال. الصحفية الأميركية ناعومي كلاين كتبت في هذا السياق: «لقد تحولت الصدمة إلى أداة سياسية، حيث أستُخدمت لإعادة هندسة علاقة المواطن بالدولة».

2. الخارج والحروب

وفّرت أحداث سبتمبر غطاءً لغزو أفغانستان، ولاحقًا العراق، ضمن مشروع "الشرق الأوسط الكبير". الباحث العربي محمد حسنين هيكل وصف الأمر بقوله: «لقد كان الحادي عشر من سبتمبر بمثابة جواز مرور إلى كابول وبغداد، وإلى كل مكان تريد الولايات المتحدة أن تفرض فيه هيمنتها».

3. أمن الطاقة والهيمنة

يذهب بعض المحللين إلى أن التحكم بمصادر الطاقة كان حاضرًا بقوة في إستراتيجية ما بعد سبتمبر. كتب الباحث الروسي إيغور بانارين: «إن الهجوم وفّر للإدارة الأميركية مبررًا لإعادة الإنتشار في آسيا الوسطى الغنية بالغاز والنفط».


الباب الرابع: الأبعاد الجيوسياسية والإنعكاسات العالمية

1. أوروبا والأطلسي

دفعت الهجمات حلف الناتو إلى تفعيل المادة الخامسة لأول مرة في تاريخه، معلنًا أن الهجوم على أميركا هو هجوم على الجميع. الباحث الألماني يورغن إلساسر إعتبر أن: «11 سبتمبر شكّل لحظة إعادة إصطفاف إستراتيجي في أوروبا، حيث خضعت العواصم الكبرى للإيقاع الأميركي».

2. العالم العربي والإسلامي

تمّت شيطنة الحركات الإسلامية، وارتبط الإسلام في الوعي الغربي بالإرهاب. الصحفي البريطاني روبرت فيسك كتب: «لقد كان المسلمون هم الضحايا مرتين: مرة في نيويورك، ومرة في كابول وبغداد».

3. روسيا والصين

تعاملت موسكو وبكين مع الحدث كفرصة لتعزيز قبضتهما الداخلية. المفكر الروسي سيرغي كاراغانوف قال: «لقد سمح 11 سبتمبر لروسيا بتبرير حربها في الشيشان بإعتبارها جزءًا من الحرب العالمية على الإرهاب".

الخاتمة

إن الحادي عشر من سبتمبر لم يكن مجرد «هجوم إرهابي»، بل تحوّل إلى نقطة إنعطاف كبرى في النظام الدولي. فالرواية الرسمية الأميركية قدمت تفسيرًا متماسكًا شكليًا، لكن تيارات التشكيك كشفت ثغرات جدّية في هذه السردية، وأبرزت الأبعاد السياسية الكامنة خلفها.
اليوم، بعد أكثر من عقدين، يبقى 11 سبتمبر مثالًا على كيفية صناعة «الرواية» في السياسة العالمية، وكيف يمكن لحدث واحد أن يعاد إنتاجه كأداة للهيمنة وإعادة تشكيل خرائط العالم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحليل عسكري لأهمية الاستراتيجية لمدينة بابنوسة ولاية غرب كرد


.. الخبير العسكري نضال أبو زيد: مؤشرات لتواطؤ إسرائيلي بتهريب ا




.. ترمب: تمت الموافقة على مجلس السلام الذي سأترأسه


.. كيف يتعامل لبنان مع التلميحات الإسرائيلية بجولة قتال جديدة؟




.. أخبار الصباح | ترمب يترأس مجلس غزة بعد قرار مجلس الأمن