الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طوفان الأقصى 711 - الأزمة القطرية الثانية: النار تشتعل من جديد في الخليج

زياد الزبيدي

2025 / 9 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي


17 سبتمبر 2025


قبل أن يسقط الصاروخ على الدوحة هذا الأسبوع، كان الخليج قد عاش من قبل صدمة مشابهة، وإن إختلفت الوسائل. عام 2017، وُلدت ما عُرف بـ"الأزمة القطرية الأولى" حين فرضت السعودية والإمارات والبحرين ومصر حصارًا خانقًا على قطر، فأُغلقت الحدود وتصدّع مجلس التعاون في أخطر انقسام داخلي منذ تأسيسه. إنتهت الأزمة بإتفاق العُلا عام 2021، لكن ظلالها بقيت حاضرة في الذاكرة. واليوم، يطلّ المشهد من جديد، لكن بنكهة أشد خطورة: لم تعد الأزمة حصارًا سياسيًا أو مقاطعة دبلوماسية، بل صاروخًا إسرائيليًا إخترق سماء العاصمة القطرية، ليفتح الباب أمام "الأزمة القطرية الثانية".

صاروخ على الدوحة يهزّ الخليج ويفتح الباب أمام "سلاح الغاز"

لم تكن الضربة الإسرائيلية على الدوحة في 9 سبتمبر 2025 مجرد حادثة عابرة، بل أشبه بزلزال سياسي وأمني هزّ الخليج والمنطقة بأسرها. وقد سلط الباحث فَرهاد أحمد تاراكِي، الأكاديمي في معهد العلاقات الدولية بموسكو – MGIMO نشر في 12 أيلول/سبتمبر الجاري على موقع المجلس الروسي للشؤون الدولية، الضوء على التطورات الأخيرة في سياق ما يمكن وصفه بـ"الأزمة القطرية الثانية" عقب الضربة الإسرائيلية على الدوحة في سبتمبر 2025.
ففي قلب الحي الدبلوماسي، وعلى بُعد 600 متر فقط من السفارة الروسية، أستُهدف مبنى يضم قادة من حركة حماس، ليتحوّل المشهد إلى ما يمكن تسميته بداية "الأزمة القطرية الثانية".

قطر الصغيرة.. اللاعب الكبير

قد تبدو قطر على الخريطة إمارة محدودة المساحة، أصغر من موسكو وضواحيها بأربع مرات، لكنها تملك ثروة هائلة: أكبر حقل منفرد للغاز والنفط في العالم. ومن خلال صادرات الغاز الطبيعي المسال، تقف الدوحة اليوم جنبًا إلى جنب مع الولايات المتحدة وأستراليا كأحد الثلاثة الكبار في سوق الغاز العالمية.

هذا النفوذ الإقتصادي جعلها شريانًا حيويًا لأوروبا التي تستورد نحو 19% من إحتياجاتها الغازية من قطر، في وقت تحاول فيه القارة العجوز تقليل إعتمادها على روسيا بسبب الحرب الأوكرانية.

وسيط دائم في أزمات المنطقة

إلى جانب ثروتها، بنت قطر لنفسها صورة "الدولة الوسيطة". فمن مكتب طالبان في الدوحة إلى مفاوضات حماس، ومن وساطتها في ملف أوكرانيا إلى دورها في السودان، حاولت الإمارة أن تتموضع كـ "عاصمة الوساطات". غير أن هذه المكانة لم تخلُ من ثمن سياسي وأمني، إذ وضعتها دائمًا في قلب العواصف الإقليمية.

صاروخ على السيادة

الضربة الإسرائيلية الأخيرة لم تقتل قادة من حماس وحسب، بل أصابت سيادة قطر في الصميم. فالسؤال الذي دوّى بعد الحادثة: أين كان الدفاع الجوي؟ ولماذا لم تعترض الصواريخ رغم وجود قاعدة "العديد" الأميركية أكبر قواعد واشنطن في المنطقة؟
هنا يلمّح محللون إلى إحتمال وجود ضوء أخضر أميركي لإسرائيل، كجزء من "خطط ترامب للسلام على الطريقة الأميركية".

إرتدادات تتجاوز غزة

الصدمة لم تكن في قطر وحدها، بل في كل المنطقة. فالهجوم على بلد يستضيف المفاوضات ويمثل قناة تواصل بين الأطراف المتصارعة يهدد بنسف فرص الحل السياسي. رئيس الوزراء القطري محمد آل ثاني قالها بوضوح: "الضربة الإسرائيلية قتلت أي أمل في تحرير الأسرى الباقين في غزة".

وما يزيد خطورة الموقف هو أن غياب العقوبات أو ردع دولي على هذه السابقة قد يفتح الباب أمام فوضى جديدة في العلاقات الدولية، حيث تصبح عواصم الخليج نفسها أهدافًا مشروعة في لعبة تصفيات مكشوفة.

سلاح الغاز يعود إلى الطاولة؟

في خضم هذه التوترات، برزت أحاديث عن إمكانية لجوء قطر أو دول الخليج إلى إستخدام "سلاح الغاز" على غرار "سلاح النفط" في 1973. صحيح أن الإحتمالات ضئيلة، لكن تصريحات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بأن بلاده ستدعم قطر "بلا قيود" تترك كل السيناريوهات مفتوحة.

ما بعد الضربة

اليوم، يجد الخليج نفسه أمام مفترق طرق:
•إما أن تختار قطر التصعيد عبر إستخدام أوراق الطاقة،

•أو أن تعود إلى البراغماتية وتستمر في لعب دور الوسيط رغم الجرح العميق.

لكن المؤكد أن الضربة الإسرائيلية على الدوحة لم تكن مجرد هجوم عسكري، بل رسالة صاخبة مفادها أن الخليج لم يعد بعيدًا عن نيران الصراع الإسرائيلي–الفلسطيني، وأن مرحلة جديدة من الأزمات بدأت تتشكل في قلب المنطقة.
الرسالة الأوضح هنا أن الصاروخ الذي دوّى في سماء الدوحة يتجاوز مجرد حسابات عسكرية، ليكشف أن أمن الخليج يُدار أحيانًا بقرارات لا تصدر من عواصمه. إن الحادثة تمثل إنذارًا مزدوجًا: واشنطن وتل أبيب لن تترددا في إشعال النيران حين تخدم مصالحهما، فيما دول المنطقة مطالبة أخيرًا بأن تبني مظلة أمنية حقيقية تحميها من أن تكون ساحة لتجارب الآخرين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ميرتس للشباب الأوكران: -ابقوا في وطنكم..-


.. علّق -لا مزيد من ليبيا وأفغانستان-.. مقابلة حصرية لشبكتنا مع




.. انتقال سوريا إلى المحور الغربي.. نقطة تحول في تاريخ الشرق ال


.. المفوض العام للأونروا: نواجه قيودا في إدخال الإمدادات والموا




.. وزير الخارجية السوداني يرحب بتصريحات نظيره الأمريكي بشأن الو