الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
طوفان الأقصى 712 - سقوط المسيح المزعوم: كيف يحرق نتنياهو إسرائيل في لهيب طموحاته الإمبراطورية
زياد الزبيدي
2025 / 9 / 17مواضيع وابحاث سياسية
ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي
18 سبتمبر 2025
في عصر يوم 12 سبتمبر 2025، إهتزت الدوحة، عاصمة قطر، تحت وابل من الصواريخ الإسرائيلية. لم تكن هذه ضربة عابرة، بل محاولة جريئة – أو يائسة – لإغتيال قادة حماس أثناء اجتماعهم لمناقشة مقترحات ترامب الأخيرة. لكن الصواريخ أخطأت هدفها، وقتلت حراسًا فقط، بما في ذلك مواطن قطري. هذا الهجوم، الذي وصفه رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد آل ثاني في مجلس الأمن بقوله "هل رأيتم يومًا دولة تهاجم المفاوضين بهذه الطريقة؟"، لم يكن مجرد خطأ عسكري. إنه قمة جبل جليدي من الطموحات المتفجرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يرى نفسه مسيحًا يبني "إسرائيل الكبرى" على أنقاض المنطقة. لكن، كما يكشف تحليل ثلاثة مقالات حديثة من كتاب روس، هل يقترب نتنياهو من سقوطه الذاتي؟
تبدأ الدراما في مقال الكاتب الصحفي كونستانتين ماتشولسكي، مراسل مركز البحث والتحليل في وكالة تاس، المنشور في 12 سبتمبر تحت عنوان "حرب نتنياهو المقدسة". يرسم ماتشولسكي صورة لرجل يعاني من "طموحات... تتجاوز حدود المعقول"، مقتنعًا بأنه يؤدي "مهمة تاريخية وروحية" لبناء إسرائيل الكبرى. يؤكد المؤلف أن نتنياهو ودائرته المتطرفة "يؤمنون بأن العالم يجب أن يصل إلى حافة كارثة كبرى حتى يهبط الماشيح إلى الأرض وينقذها". هذا الإيمان الديني الراديكالي يدفع إسرائيل إلى "حربًا على سبع جبهات" ضد "محور الشر بقيادة إيران"، تشمل غزة، لبنان، سوريا، اليمن، إيران، والعراق، بالإضافة إلى حملة قاسية في الضفة الغربية لإجبار العرب على المغادرة. يقتبس ماتشولسكي تصريح نتنياهو في معاليه أدوميم: "قلنا: لن تكون هناك دولة فلسطينية - ولن تكون هناك دولة فلسطينية بالفعل! هذه الأرض ملكنا". ويضيف وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، كما ينقل المقال، أن إسرائيل "لا تريد فقط كامل فلسطين، بل أيضًا دمشق والأراضي الممتدة حتى العراق". هذه الرؤية التوسعية الإستعمارية، كما يحذر ماتشولسكي، تؤدي إلى "كارثة إنسانية ومجاعة وتشريد ملايين الفلسطينيين"، وتستفز قمة عربية-إسلامية في الدوحة لمواجهة هذا "الوحش المسعور".
لكن هل يفوز نتنياهو فعلاً في هذه "الحرب المقدسة"؟ يأتي الجواب الحاد من الكاتب الصحفي بيتر أكوبوف في مقاله "نفد وقتك: الفلسطينيون قد هزموا نتنياهو بالفعل"، المنشور في موقع وكالة ريا نوفوستي للأنباء يوم 13 سبتمبر. يصف أكوبوف الهجوم على قطر كـ"القشة التي قصمت ظهر البعير"، محولاً إسرائيل إلى "دولة يستحيل التفاوض معها". يؤكد أن "الأحداث بدأت تتسارع"، مع وعود قطر ودول الخليج برد سياسي، وضغط على أوروبا وأمريكا لفرض عقوبات. يشير أكوبوف إلى تحول في أوروبا، حيث تحدثت أورسولا فون دير لاين عن أن "العالم بأسره مصدوم بما يحدث في غزة، وأن هذا يجب أن يتوقف". ويتوقع أن تعترف دول غربية رائدة بدولة فلسطين في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة قريبًا، رغم تصريح نتنياهو بأنه "لن يسمح بإقامتها". أما في أمريكا، فيلاحظ أكوبوف تحولاً في الرأي العام، حيث "زاد عدد المتعاطفين مع الفلسطينيين"، ولا يمكن لترامب "أن يستمر في تغطية نتنياهو إلى ما لا نهاية". يركز أكوبوف على فشل نتنياهو في غزة: "لم تنجح إسرائيل في تحقيق أي ميزة إستراتيجية"، رغم "خمسة وستون ألف قتيل" وتدمير البنية التحتية. يخلص إلى أن "الفلسطينيون لن يغادروا"، وأن "نفد الوقت والقوة والدعم الخارجي لدى نتنياهو"، مقترباً من "المرحلة النهائية لهذه الدراما" تحت عنوان "إبادة غزة 2023-2025".
يصل التوتر ذروته في مقال دميتري مينين، المنشور في مؤسسة الثقافة الاستراتيجية يوم 14 سبتمبر بعنوان "هستيريا عارمة لنتنياهو الهائج". يصف مينين الهجوم كـ"فشل ذريع"، حيث "أنقذ الله" قادة حماس مثل خليل الحية وخالد مشعل، الذين تركوا هواتفهم أثناء الصلاة. يلقي اللوم على رفض "الموساد" المشاركة، خوفًا من تدمير العلاقات مع قطر، فأدى الجيش الإسرائيلي العملية بنفسه مع "شين بيت". يؤكد مينين أن هذا أدى إلى تراجع "العملية التفاوضية بأكملها"، وإدانة من مجلس الأمن، وغضب ترامب الذي نفى علمه، قائلاً إنه "لم يكن يعلم شيئًا عن ذلك!". يحذر من أن قطر قد تفكر في فسخ إتفاقية الأمن مع أمريكا، رغم نفيها، وأن المنطقة ترى أمريكا "لم تعد شريكًا موثوقًا". يرى مينين أن نتنياهو "لا يرضى بأي حل وسط"، مفشلاً المفاوضات ليحقق "إستسلام أعدائه"، وأن خطواته "غير منتجة تمامًا"، محولة "النصر في المعركة" إلى "الهزيمة في الحرب"، كما يقتبس من صحيفة إسرائيل هيوم.
في هذا الدمج التحليلي، تكشف مقالات ماتشولسكي وأكوبوف ومينين عن نمط متكرر: طموح نتنياهو الديني يؤدي إلى عزلة دولية، وفشل عسكري، وإنتصار معنوي فلسطيني. الهجوم على قطر ليس خطأً، بل دليلاً على "الهستيريا" التي تجعل نتنياهو يحرق جسور السلام. مع إقتراب قمة الدوحة والجمعية العامة، هل يشهد الشرق الأوسط سقوط مسيح مزعوم، أم كارثة أكبر؟
الزمن، كما يقول أكوبوف، "نفد".
|
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ما مخرجات القمة الأوروبية من أجل الاستقلال الرقمي؟ | نشرة ال
.. ترامب يستقبل بن سلمان بحفاوة استثنائية، ما هي الأسباب؟
.. مراسل الجزيرة يرصد آثار الدمار الذي خلفته الغارات الإسرائيلي
.. لازاريني: لا يدخل القطاع ما يكفي من الموارد
.. الرئيس الأوكراني: 9 قتلى في هجوم للقوات الروسية