الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الناتو يعلن التزاماً طويل الأمد تجاه العراق: من الأمن السيبراني إلى بلوغ الإمكانات الأمنية

عامر عبد رسن

2025 / 9 / 19
الارهاب, الحرب والسلام


في الأسابيع الأخيرة، أكّد حلف شمال الأطلسي (الناتو) التزامه طويل الأمد بدعم العراق عبر «بعثة الناتو في العراق» NMI)) بعثة غير قتالية تُعنى بالاستشارة وبناء القدرات المؤسسية
مع إبراز خاص لخط الدفاع السيبراني وتحديث الهياكل الأمنية بما يمكّن العراق من بلوغ إمكاناته الدفاعية كاملة. وجاء التأكيد خلال زيارة الأمين العام مارك روته إلى بغداد (4–5 شباط/فبراير 2025)،
ثم في استقباله لاحقاً رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في مقر الناتو ببروكسل (8 أيلول/سبتمبر 2025)، حيث ثُبّت مسار الشراكة وركائزه العملية.

ما الذي تعنيه “الشراكة الأمنية المتطورة” عملياً؟ : تعمل بعثة الناتو في العراق بصفتها إطاراً استشارياً لبناء مؤسسات أمنية شفافة وقابلة للاستدامة، من وزارتي الدفاع والداخلية
إلى هياكل التدريب والعقيدة والتسليح والإمداد، مع التوسّع تدريجياً وفق طلب الحكومة العراقية وقرار المجلس الأطلسي. ويشمل ذلك مجالات حديثة مثل الأمن السيبراني والتحوّل الرقمي وإدارة المخاطر،
دون انخراط قتالي. هذا التفويض تمت صياغته وتحديثه عبر قرارات وزراء دفاع الناتو والمجلس في 2021 و2023 و2024–2025.

لماذا يهمّ العراق الآن؟ :
1. حماية البنى الحرجة : شبكات النفط والغاز والكهرباء والمياه والمصارف تتعرض عالمياً لمحاولات اختراق وتعطيل. أي نجاح في “تحصين” طبقات التكنولوجيا التشغيليةOT) ) وتكنولوجيا المعلوماتIT) )
سيقلّل مخاطر الانقطاع والخسائر المالية. مبادرات الناتو في تدريب كوادر عراقية على الأمن السيبراني بدأت بالفعل ضمن مسارات تدريب وإسناد تقني.
2. تعظيم الكفاءة المؤسسية : الانتقال من [الاستجابة الحادثية] إلى [إدارة المخاطر] عبر سياسات موحّدة وحوكمة للأمن الرقمي. هذا بالضبط ما تصوغه البعثة: [بناء قدرات لا حلولاً جاهزة مؤقتة].
3. تنسيق إقليمي ودولي: ترسيخ قنوات مع الناتو يسهّل الوصول إلى شبكات خبرة، وتمارين، وأطر معيارية، بما في ذلك مراكز تميّز متخصصة بالأمن السيبراني يمكن الاستفادة من دوراتها وبرامج الزائرين.
(إشارة عامة إلى اتجاهات العمل في الحلف بالمجال السيبراني والفضائي).

كيف نعزّز الفرصة؟ (أجندة تنفيذية من سبعة محاور) :
1) تحديث الإستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني وربطها بخطة وطنية لحماية الأصول الحرجةCIP) ) مع مصفوفة مخاطر قطاعية (النفط/الكهرباء/المال/المياه/الاتصالات). تُعتمد معايير دولية
(NIST-CSF/ISO 27001 ) وتُترجم إلى تعليمات تنفيذية لدى الوزارات.
2) إنشاء مركز عمليات أمنية وطني مُندمجNational SOC) ) ينسّق بين فرق الاستجابة للحوادث CSIRT) ) في الوزارات، مع منصة مشاركة تهديداتThreat Intelligence) )
متوافقة مع بروتوكولات تبادل معلومات الحلفاء. يشمل ذلك تمارين محاكاة وهجمات افتراضية مشتركة مع بعثة الناتو.
3) برنامج [الجاهزية الصناعية السيبرانية] لقطاعات النفط والكهرباء: توحيد معايير الأمن في بيئات[OT/SCADA] ،واختبارات اختراق دورية، وسلاسل توريد آمنة Secure by Design))،
ومراجعة إلزامية لعقود البرمجيات والمعدات. تُنفّذ عبر فرق تدقيق مختلطة (وطنية/ناتو) بصيغة استشارية.
4) حوكمة البيانات وسياسة الهوية: الانتقال التدريجي إلى نموذج [الثقة الصفرية]، Zero Trust) ) داخل الجهات الأمنية والخدمية، مع توحيد الهوية الرقمية متعددة العوامل، وتقليل الامتيازات، وتسجيل مركزي للولوج (SIEM).
5) رأس المال البشري: مسارات تدريب قيادية ومتخصصة (قادة سيبرانيون، معماريّو أمن، محللو استخبارات تهديدات). يُبنى [سلّم مهني] واضح مع حوافز، وشهادات احترافية، وشراكات جامعية محليّة،
وتوأمة مع كليات دفاع لدى الحلف. (الناتو يركّز تاريخياً على التعليم الدفاعي وبناء القدرات المؤسسية غير القتالية).
6) الإطار القانوني والاستدامة: تحديث قوانين الجرائم المعلوماتية وحماية البيانات بما يضمن الردع والإنفاذ مع احترام الحقوق، وإدراج الأمن السيبراني كبند إلزامي في الموازنات القطاعية، وابتكار تمويلات مشتركة مع الشركاء.
7) تمارين دورية متعددة الوكالات: [اختبار ضغط] سنوي للبنى الحرجة مع سيناريوهات هجينة (هجمات سيبرانية متزامنة مع تعطّل فيزيائي/فيضانات/أزمات إقليمية) وصحائف دروس مستفادة ملزمة.
تقارير التهديدات العالمية تؤكد تصاعد المخاطر المركّبة، ما يبرّر هذا النهج.
الحوكمة السياسية للشراكة : سياسياً، تُحدَّد نقطة اتصال وزارية عليا (مكتب وطني للأمن السيبراني أو مجلس أعلى للأمن الرقمي) تتولى ضبط الإيقاع مع بعثة الناتو، وتُرفق بخريطة مسؤوليات
واضحة بين الدفاع والداخلية والاتصالات والنفط والكهرباء والبنك المركزي، مع مؤشرات أداءKPIs) ) ربع سنوية تُراجع في لجنة توجيه مشتركة. كما يستفاد من إعادة تموضع التحالف الدولي-union- III) )
لتمكين بعثة الناتو من لعب دور مؤسسي أوسع ضمن التفويض غير القتالي.

مخاطر يجب التحوّط لها :
• تضارب الأدوار بين مسارات دولية متعددة (ناتو/أمم متحدة/تحالفات ثنائية). العلاج: تنسيق وطني موحّد.
• تسييس الملف داخلياً. العلاج: تأكيد الطبيعة غير القتالية والتركيز على معايير الحوكمة والشفافية.
• الاعتماد التقني الخارجي: العلاج عبر نقل المعرفة، وتوطين القدرات، وشروط تعاقدية للشفافية ومصدر الشيفرة حين يلزم.
خاتمة : التزام الناتو طويل الأمد فرصة عملية لتحويل أمن العراق السيبراني من [حماية ردّ الفعل] إلى [مرونة استباقية] تقودها مؤسسات وطنية راسخة. المكاسب ليست تقنية فحسب؛ بل مؤسسية ومالية أيضاً:
تقليل توقف الخدمات، حماية الإيرادات النفطية، وتخفيض كلفة المخاطر. المطلوب : الآن قرار سياسي واضح بتبنّي [خطة وطنية–أطلسية] ثلاثية الأعوام، بمؤشرات قياس معلنة، تُنفَّذ بخريطة طريق محكمة وبإشراف يضمن الاستدامة بعد انتهاء أي مهمة استشارية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الولايات المتحدة تعفي المجر من العقوبات المفروضة على النفط ا


.. البرهان يصر على مواصلة القتال.. وهكذا ستتحرك أميركا لفرض اله




.. وزارة الصحة اللبنانية: 7 جرحى في غارة من مسيرة إسرائيلية على


.. مصدر بالجيش السوداني: أسقطنا مسيرة للدعم السريع كانت تستهدف




.. الضفة الغربية.. استمرار اعتداءات المستوطنين على تجمعات بدوية