الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طوفان الأقصى 716 - إسرائيل وقطر: من أمن العقاب أساء الأدب

زياد الزبيدي

2025 / 9 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي

22 سبتمبر 2025

من الدوحة إلى صنعاء، ومن دمشق إلى غزة، يرسم العدوان الإسرائيلي الأخير ملامح مرحلة خطيرة في الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط، مرحلة تقوم على منطق الفعل بلا عقاب، أو كما وصفها الكاتب الصحفي والمحلل السياسي الروسي فلاديمير ماليشيف في مقاله «إستعراض الإستباحة المطلقة» (مؤسسة الثقافة الإستراتيجية 12 أيلول/سبتمبر 2025)، حيث بات كل شيء مباحاً، ولا سلطة لأي مؤسسة دولية على ردع إسرائيل أو محاسبتها.

قطر: سيادة على الورق

الضربة الجوية الإسرائيلية على قادة حماس في الدوحة لم تكشف فقط هشاشة الدفاعات القطرية التي «يُديرها في الحقيقة مشغّلون أمريكيون»، كما يتهكم ماليشيف، بل عرّت كذلك حقيقة أن الدوحة «وضعت بنفسها إشارة X على ما تبقى من سيادتها حين زوّدت إسرائيل بالإحداثيات». كان الرد القطري باهتاً، محصوراً في الشكوى الدبلوماسية، فيما الواقع يقول إن الدولة الصغيرة التي تحاول لعب دور الوسيط ليست أكثر من «شركة نفطية بلا قرار مستقل».

خلاف داخل إسرائيل: «الموساد» ضد نتنياهو

المفاجئ لم تكن الغارة بحد ذاتها، بل الخلاف الداخلي الإسرائيلي الذي كشفه مقال «إسرائيل، قطر وموقف الموساد» (موقع لاباراتوريا، 14 أيلول/سبتمبر 2025). فقد رفض دافيد بارنيا، رئيس الموساد، إستخدام عملاء على الأرض خشية نسف علاقة تل أبيب بالدوحة، خاصة في ظل دورها كوسيط في ملف الأسرى. إلى جانبه وقف رئيس الأركان إيال زامير ومستشار الأمن القومي تساحي هنغبي، لكن نتنياهو مضى في قراره مدعوماً بوزير الدفاع كاتس ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر.
المقال يعلّق بوضوح: «هنا تتجلى التناقضات بين منطق المؤسسة الأمنية التي تبحث عن قنوات دبلوماسية طويلة الأمد، وبين نزعة رئيس حكومة يلهث خلف مكاسب سياسية آنية، غير عابئ بتداعيات قراره على شعبه».

سقوط القواعد القديمة

الكاتب الصحفي والمراسل الخاص لصحيفة إزفستيا الموسكوفية فيكتور بيريكوف (منصة المراجعة العسكرية، 15 أيلول/سبتمبر 2025) ذهب أبعد حين وصف الغارة بعنوان لافت: «حتى في قطر سنصطادهم». بالنسبة له، تمثل العملية إعلاناً بأن «القواعد القديمة للسياسة الدولية لم تعد تعمل». لم يعد من معنى للقانون الدولي أو لإعتبارات سيادة الدول، فإسرائيل لم تكتفِ بالعمليات السرية أو بالإغتيالات المحدودة، بل حولت الدوحة –عاصمة تحتضن قواعد أمريكية– إلى مسرح رسائل نارية. يقول بيريكوف: «لقد أظهرت تل أبيب أنها قادرة على الضرب في أي مكان، غير مكترثة بالإنتقادات، بل مستفيدة من حالة العجز الدولي».

من قطر إلى إيران وسوريا: الإستراتيجية التوسعية

يفغيني فيدوروف، الباحث والكاتب الصحفي والمحلل السياسي الروسي، ( منصة المراجعة العسكرية، 16 أيلول/سبتمبر 2025) يقرأ الحدث ضمن خطّ متصاعد من العدوان الإسرائيلي الممنهج. فالغارة على الدوحة ليست سوى حلقة في سلسلة تستهدف إيران وسوريا ولبنان واليمن وقطاع غزة. ويكتب: «إسرائيل تمارس سياسة إستباقية، هدفها توسيع حدود الصراع بحيث تبقى المنطقة كلها في حالة غليان، وهو ما يمنحها شرعية مفتعلة للإستمرار في الحرب». بالنسبة لفيدوروف، لا يمكن فصل الهجوم على قطر عن التهديدات الإسرائيلية المتكررة ضد طهران، أو عن القصف المستمر على الأراضي السورية واليمن. إنها خريطة تصعيد مفتوحة «من الخليج إلى المتوسط».

خلاصة: منطق القوة بدل القانون

ما تكشفه هذه المقالات مجتمعة هو أن العدوان على قطر لم يكن مجرد حدث عابر، بل لحظة كاشفة لمرحلة جديدة:
•مرحلة الإستباحة المطلقة حيث تسقط فكرة السيادة كما شرح ماليشيف.
•مرحلة الانقسام الداخلي الإسرائيلي بين المؤسسة الأمنية والقرار السياسي المتهور، كما أبرزت «لاباراتوريا».
•مرحلة إنهيار الأعراف الدولية التي رصدها بيريكوف.
•مرحلة التوسّع العدواني نحو كل الجوار كما حذر فيدوروف.
بهذا المعنى، لم يكن القصف مجرد عملية عسكرية، بل إعلاناً صريحاً أن منطق القوة وحده هو الحاكم، وأن إسرائيل –بغطاء أمريكي وغربي– ترسم حدوداً جديدة للعبة السياسية في الشرق الأوسط، حيث لم يعد للقانون الدولي سوى وظيفة ديكور.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السعودية .. -تم حسم صفقة المقاتلات الشبح لصالحنا- | نشرة الأ


.. غزة: هل يصوت مجلس الأمن لصالح مشروع خطة ترامب للسلام ؟




.. تونس: جلسة لمناقشة ميزانية وزارة العدل تتحول إلى محاكمة للوز


.. السودان: لماذا تحول خط المواجهة إلى إقليم كردفان؟




.. بوساطة قطرية أمريكية.. اتفاق سلام تاريخي بالكونغو يفتح باب ا