الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طوفان الأقصى 719 - الإعتراف الغربي بفلسطين: وردة في اليد وخنجر في الظهر

زياد الزبيدي

2025 / 9 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي


25 سبتمبر 2025


يُراد لنا أن نصفّق. أن نُصفّق لأوروبا وهي تعلن الإعتراف بفلسطين. لكن الحقيقة أن ما يجري ليس ولادة دولة، بل مراسم دفن تحت الأضواء.

هذا البحث يستند إلى أربع مقالات من صحفيين وباحثين من أمريكا وبريطانيا وروسيا، كُتبت بلغات مختلفة لكنها تلتقي عند الخلاصة ذاتها: الإعتراف الغربي بفلسطين ليس سوى خدعة سياسية، تُخفي وراءها مصالح قذرة، وتترك الفلسطينيين بلا حماية ولا دولة ولا حياة.

1. أش غالاغر: إعتراف بيد وتسليح باليد الأخرى

الصحفية الأمريكية المخضرمة أش غالاغر، في مقالها المنشور بالإنجليزية في منصة Medium، وضعت إصبعها على جوهر النفاق الغربي: أوروبا تعترف بفلسطين من جهة، لكنها في الوقت ذاته تستمر في تزويد إسرائيل بالأسلحة والغطاء السياسي. قالت بوضوح: "أوروبا تعترف بفلسطين بيد، وتسلّح إسرائيل باليد الأخرى".

غالاغر تكشف أن الإعتراف لم يوقف صفقات السلاح، ولم يجمّد العلاقات العسكرية أو الإقتصادية مع إسرائيل. بل على العكس، الإعتراف تحوّل إلى ورقة تجميل لوجه أوروبا الملطّخ بالتواطؤ. في نظرها، لا قيمة لأي إعلان ما لم يُترجم إلى إجراءات ملموسة: وقف التسليح، فرض عقوبات، أو على الأقل تعليق التعاون العسكري. بدون ذلك، يبقى الإعتراف مجرد حبر على ورق يُستخدم لذر الرماد في العيون.


2. كريس دويل: شهادة ميلاد مع مراسم دفن

الكاتب البريطاني كريس دويل، في مقاله المنشور في Middle East Eye، ذهب أبعد من غالاغر من حيث الرمزية. وصف الإعتراف الأوروبي بأنه "شهادة ميلاد مع مراسم دفن". أي أن الغرب يقدّم للفلسطينيين ما يشبه ورقة ميلاد، لكن في الوقت ذاته يعلن موتهم الفوري تحت ركام القنابل في ظل حرب الإبادة المستمرة منذ عامين.

دويل ركّز على التناقض الصارخ: أكثر من 140 دولة إعترفت بفلسطين سابقًا، ومع ذلك لم يتغيّر شيء على الأرض. لا سيادة، لا حدود، لا حماية. بالنسبة له، المشكلة ليست في النصوص بل في غياب الإرادة السياسية لفرضها. إعتراف أوروبا أشبه ببطاقة تهنئة في جنازة: كلام جميل، لكنه لا يوقف الدفن.


3. كامران غاسانوڤ: إعتراف بلا أدوات ردع

من موسكو، جاء صوت الباحث الروسي كامران غاسانوڤ، الذي حاورته صحيفة موسكوفسكي كومسوموليتس، ليقدّم قراءة سياسية باردة. بالنسبة له، الإعتراف كان متوقعًا لأنه جاء في لحظة كارثية: الإحتلال الإسرائيلي الكامل لغزة، وخطة تصفية الضفة الغربية. قال بوضوح: "نحن في المرحلة النهائية من تصفية فلسطين، وكان لا بد للغرب أن يجد حيلة ليتبرأ أمام شعوبه"، فجاء الإعتراف كغطاء أخلاقي.

لكن غاسانوڤ يشكك جذريًا في فعاليته: إسرائيل، كما يقول، تجاهلت المجتمع الدولي لعقود، وقرارات الأمم المتحدة لا تساوي عندها شيئًا. على العكس، قد يمنحها الإعتراف الأوروبي ذريعة إضافية لتقول: "أنتم منحازون للفلسطينيين وحماس، إذن نحن أحرار أن نفعل ما نشاء". أما العرب، فيراهم غاسانوڤ مكبّلين بالديون والصفقات، منشغلين بالإستقرار الداخلي وبالمليارات المتدفقة من الإستثمارات. وهكذا يبقى الفلسطينيون وحدهم في مواجهة آلة الحرب.


4. ألكس بوبروفسكي: الغاز والموانئ أهم من الدماء

الصحفي الروسي ألكس بوبروفسكي، عبر قناته على تلغرام، قدّم زاوية أخرى أكثر قسوة: القضية ليست فلسطين ولا الحقوق، بل المصالح الإقتصادية والجيوسياسية. ذكّر بمعايير الدولة وفق إتفاقية مونتيفيديو (1933)، حيث تمتلك فلسطين ثلاثة شروط من أصل أربعة (شعب، حكومة، علاقات دولية)، لكنها تُحرم من الرابع: الأرض. ومع ذلك، الغرب لا يتعامل معها كدولة، ليس بسبب القانون بل بسبب المصالح.

بوبروفسكي كشف خلفيات الإعتراف الأوروبي:
•في أي حدود يتم الإعتراف بفلسطين؟ هل الثمن هو التخلي عن غزة لإسرائيل؟

•الغاز: هناك إحتياطيات في الساحل الفلسطيني تقدَّر بمليارات، تمثل 70% من أمن إسرائيل الطاقي. أوروبا لا تنظر إلى الضحايا، بل إلى الأرقام.

•الموانئ: شرق المتوسط هو قلب التجارة العالمية. من حيفا إلى بيروت وطرطوس، الصراع يدور على المرافئ، وربما مشروع ميناء غزة أو حتى قناة "بن غوريون".

وبجملة موجعة قال: "مصير الناس في هذه القصة لا يهم أحدًا". الغرب يرى غزة لا كمدينة تُباد، بل كعقدة لوجستية وفرصة إستثمارية.

الخاتمة: إعتراف أم صفقة قذرة؟

بين الصحفية الأمريكية والكاتب البريطاني والباحث الروسي والصحفي الروسي، تتشكل لوحة واحدة: الغرب لا يمنح الفلسطينيين إعترافًا، بل يمنح نفسه صك براءة. وردة في اليد، وخنجر في الظهر.

فالإعتراف بلا وقف تسليح، بلا عقوبات، بلا حماية دولية، ليس سوى خدعة جديدة. والدم الفلسطيني يُباع ويُشترى مقابل برميل غاز ومشروع ميناء.

يبقى السؤال:
هل كتب الغرب إعترافًا بدولة فلسطين… أم وقّع شهادة دفنها الأخيرة؟
******

هوامش توثيقية

1) أش غالاغر (Ash Gallagher)، صحفية أمريكية، مقال في منصة Medium بالإنجليزية في 18 سبتمبر 2025.

2) كريس دويل (Chris Doyle)، كاتب بريطاني، مقال في Middle East Eye بالإنجليزية، 19 سبتمبر 2025.

30) كامران غاسانوڤ (Kamal Gasannov)، باحث روسي، حوار في صحيفة موسكوفسكي كومسوموليتس الروسية، 22 سبتمبر 2025.

4) ألكس بوبروفسكي (Alex Bobrowski)، صحفي روسي، تعليق تحليلي في تلغرام بالروسية، 23 سبتمبر 2025.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ميرتس للشباب الأوكران: -ابقوا في وطنكم..-


.. علّق -لا مزيد من ليبيا وأفغانستان-.. مقابلة حصرية لشبكتنا مع




.. انتقال سوريا إلى المحور الغربي.. نقطة تحول في تاريخ الشرق ال


.. المفوض العام للأونروا: نواجه قيودا في إدخال الإمدادات والموا




.. وزير الخارجية السوداني يرحب بتصريحات نظيره الأمريكي بشأن الو