الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
طوفان الأقصى 720 - إسرائيل بين إسبرطة وقرطاج: من حصن إلى مقبرة
زياد الزبيدي
2025 / 9 / 25مواضيع وابحاث سياسية
ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي
26 سبتمبر 2025
تتصاعد في الأسابيع الأخيرة قراءات روسية جريئة تربط بين مأساة غزة ومصير إسرائيل على المدى البعيد، مستخدمة إستعارات تاريخية تعكس رؤية عميقة لما قد يحمله المستقبل للدولة العبرية.
في مقالة نشرها موقع "المراجعة العسكرية" بتاريخ 20 أيلول/سبتمبر 2025، يرى المحلل السياسي سيرغي مارجيتسكي أن ما يجري في غزة يتجاوز كونه حرباً إلى كونه "إبادة جماعية متعمدة ستقود إسرائيل إلى عزلة قاتلة". ويضيف: "تدمير غزة بالكامل سيؤدي إلى عزل إسرائيل عن محيطها، ويفتح الباب أمام ظهور «وفاق مسلم» (تحالف الدول المسلمة على غرار دول الوفاق في الحرب العالمية الأولى) يذكرنا بالتحالفات الكبرى في التاريخ". هذه الرؤية تضع القضية الفلسطينية في قلب معادلة جيوسياسية جديدة قد تشهد ميلاد إصطفافات دولية ضد تل أبيب.
أما المؤرخ والكاتب فاليري بورت، في مقالة نشرها في مؤسسة الثقافة الاستراتيجية بتاريخ 22 أيلول/سبتمبر 2025، فقد لجأ إلى التاريخ الإغريقي لتفسير اللحظة الراهنة، مشبهاً إسرائيل بمدينة إسبرطة القديمة، التي عاشت بالسيف وإنهارت بالسيف. يقول بورت: "إسبرطة لم تسقط فقط لأنها هُزمت عسكرياً، بل لأنها تحولت إلى حصن معزول غير قادر على التكيف مع العالم من حوله. إسرائيل اليوم تواجه الخطر ذاته".
لكن الإستعارة الأكثر إثارة جاءت قبل ذلك بأيام، في 17 سبتمبر 2025، حين كتب بيوتر أكوبوف في وكالة ريا نوفوستي أن إسرائيل ليست إسبرطة، بل أقرب إلى قرطاج. في مقالته المعنونة "إبادة من تيك توك: إسرائيل محكومة بأن تصبح قرطاج"، إعتبر أن صور غزة المدمرة التي تنتشر عبر وسائل التواصل الإجتماعي تشكل جبهة جديدة في الحرب. يقول أكوبوف: "الإبادة الموثقة على هواتف الملايين تحوّل إسرائيل إلى قرطاج حديثة: قوة مزدهرة في الماضي، لكن العالم تحالف على محوها لأنها تجاوزت حدود المقبول".
خاتمة
إن الحقيقة التي تتهرب منها النخب الإسرائيلية ومن يحميها في الغرب هي أن المشروع الصهيوني يدخل طوره الأخير. غزة ليست مجرد معركة عابرة، بل لحظة كاشفة للعالم: إسرائيل لم تعد "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، بل "آخر نظام فصل عنصري في العالم" يُمارس الإبادة على الهواء مباشرة.
لقد كتب فاليري بورت أن "سبارتا سقطت لأنها تحولت إلى حصن معزول"، وها هي إسرائيل تبني جدرانها العالية وهي لا تدرك أن الجدران قد تتحول إلى قبر. أما بيوتر أكوبوف فقد حذّر من أن تل أبيب أقرب إلى "قرطاج التي تحالف العالم على محوها"، فيما رأى سيرغي مارجيتسكي أن "تدمير غزة سيقود إسرائيل إلى عزلة قاتلة". هذه ليست نبوءات رومانسية بل خلاصات واقعية لقراءة دقيقة لمسار الأحداث.
إسرائيل اليوم تحرق نفسها في غزة. كل قنبلة تُسقطها على بيت فلسطيني تضع حجراً جديداً في جدار عزلتها. كل جريمة موثقة بالهواتف تكتب سطرًا إضافيًا في لائحة إتهامها أمام الضمير الإنساني. وما لم تدركه تل أبيب أن زمن "شيطنة الضحية" قد إنتهى؛ العالم يرى ويسمع ويقارن بين خطابات "الهولوكوست" وصور الأطفال المحترقين في غزة.
قد تسعى إسرائيل لتكون "إسبرطة القرن الحادي والعشرين"، لكنها أقرب لأن تنتهي كـ"قرطاج الحديثة": محاطة بالكراهية، منهكة بالحروب، ومصيرها أن تُمحى لا بالضرورة عسكرياً، بل أخلاقياً وسياسياً، من سجل الشرعية الدولية.
غزة لم تعد فقط مأساة إنسانية، بل لحظة حساب تاريخي: من يواصل الرهان على إسرائيل كقوة خالدة، يراهن ضد منطق التاريخ. والتاريخ — كما يعلم الجميع — لا يرحم.
|
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. عشية إحياء الذكرى العاشرة ل13 من نوفمبر، التهديد الإرهابي لم
.. بعد شراء مقاتلات إف35، بلجيكا تكتشف أن سماءها ضيقة للمناورات
.. ما تداعيات سقوط بوكروفسك على الحرب في أوكرانيا؟
.. إصابة مصورة في وكالة رويترز وعدد من الفلسطينيين في هجوم شنه
.. توقيف 3 أشخاص على خلفية تحقيق جديد مع الناجي الوحيد من كومون