الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القرار الأممي وإعادة تفعيل آلية الزناد: تحديات وفرص للعراق في المشهد الدولي الجديد

عامر عبد رسن

2025 / 9 / 28
السياسة والعلاقات الدولية


أعلنت وكالات أنباء دولية أن دول الترويكا الأوروبية (ألمانيا، بريطانيا، وفرنسا) أعلنت عن إعادة تفعيل ما يُعرف بـ«آلية الزناد» بحق إيران، اعتباراً من صباح الأحد الموافق 28/9/2025، وذلك عقب انتهاء التصويت في مجلس الأمن الدولي وعدم تمديد إطار القرار الأممي رقم (2231) الصادر عام 2015 والمتعلق بإلغاء مجموعة من العقوبات المرتبطة ببرنامج إيران النووي. وعملياً تعني هذه الخطوة إعادة العمل ببنود سابقة للعقوبات الأممية التي أُلغيَت بموجب ذلك القرار.

خلفية قانونية ودولية : كان القرار رقم (2231) قد أنهى سريان ستة قرارات أممية سابقة فرضت قيوداً على طهران، وهي في مجملها تتعلق بوقف وتقييد أنشطة تخصيب اليورانيوم، وتقييد نقل التكنولوجيا الحساسة، وفرض قيود مالية ومصرفية وعسكرية، وتوسيع قوائم حظر الأسلحة وقيود الخدمات المصرفية والشحن. إعادة تفعيل «الزناد» تعيد اصطلاحاً بعضاً من هذه القرارات ذات الاطر القانونية لتطبيق عقوبات أممية على الأنشطة التي تُصنّفها دول معنية بأنها تنتهك التزامات كانت موضوع تفاهمات سابقة.
المشهد الدولي الذي واكب هذا القرار تضمن ضغوطاً سياسية من حلفاء غربيين — حسبما تذكر التقارير — على دولٍ داخل مجلس الأمن للتصويت أو الامتناع عن تمديد الإطار السابق، وما رافق ذلك من نقاشات متصلة بالخيارات الدبلوماسية والقانونية، ومدى إمكانية تصاعد هذه الخطوة نحو إجراءات أبعد تشمل تفعيل الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة كخيار مفتوح لدى بعض الأطراف.

قراءة بعيون عراقية استراتيجية للحدث
1. الواقع الإقليمي يتجه نحو ضبابية أعلى: إعادة تفعيل آليات العقوبات تزيد من وتيرة الضغوط المتبادلة بين القوى الدولية والإقليمية، وترفع من احتمالات الاحتكاك السياسي والدبلوماسي، وهو ما قد ينعكس على الأمن البحري، خطوط الإمداد، وأسواق الطاقة الإقليمية والدولية.
2. المخاطر على العراق متعددة الأبعاد: العراق، جغرافياً وسياسياً، يقع في قلب شبكة علاقات معقدة تربطه بإيران من جهة وبالفاعلين الدوليين الآخرَين من جهة ثانية.
أي توتر متصاعد بين طهران والغرب سينعكس مباشرةً على العراق عبر: ضغط على الأمن الحدودي، موجات نزوح محتملة، تأثيرات على أسعار النفط والإيرادات، وامتدادات أمنية قد تستهدف طرق الإمداد أو المصالح العراقية.
3. قاسم المصالح العراقية: الاستقرار والحياد المدروس: من منظور استراتيجي عراقي، المعيار الأول يجب أن يكون حماية السيادة الوطنية والمصالح الاقتصادية والاجتماعية للشعب العراقي.
هذا يقتضي المحافظة على سياسة خارجية متوازنة — واضحة في رفض أن يكون العراق ساحة لتصعيد خارجي أو قاعدة لعمليات عسكرية — مع الاستمرار في قنوات التواصل مع جميع الأطراف المعنية لتقليل مخاطرة التصعيد.

تفصيل القرارات الستة التي أُعيدت عملياً : تُشير الخطوة إلى إعادة العمل بالإطارات التي كانت قد فرضت منذ 2006 حتى 2010، والتي شملت: دعوات لوقف تخصيب اليورانيوم، فرض عقوبات على أنشطة نووية حساسة، قيود مالية ومصرفية، حظر لأسلحة محددة وقيود على الخدمات المصرفية والشحن، وإجراءات سفر بحق مسؤولين. إعادة هذه البنود تعيد أداة الضغط الدولي على طهران في جوانب اقتصادية وتقنية وسياسية.
توصيات سياسية واستراتيجية للعراق (ملاحظات عملية غير عسكرية)
1. الحفاظ على موقف دبلوماسي موّزن وشفاف: إعلان موقف وطني يوضح رغبة العراق في استقرار المنطقة، ويرفض أي فعل يُحوِّل أرضه إلى ساحة صراع، مع التأكيد على حق العراق في إقامة علاقات طيبة مع جيرانه كافة وفقاً لمبدأ حسن الجوار.
2. تفعيل قنوات الوساطة: العمل على تنشيط دور الوساطة العراقية مع كل الأطراف ذات الصلة — إقليمية ودولية — سواء عبر القنوات الثنائية أو عبر المنظمات الإقليمية (جامعة الدول العربية، منظمة التعاون الإسلامي) أو عبر وساطات دولية مستقلة، بهدف خفض التوتر وفتح مسارات تفاوضية.
3. تعزيز الجهوزية المدنية والاقتصادية: وضع خطط احترازية اقتصادية لحماية موارد الدولة (النفط، الإيرادات) من أي تقلبات حادة في السوق، وتأمين البدائل اللوجستية، مع حماية البنى التحتية الحيوية وإعداد آليات مبكرة للتعامل مع موجات نزوح أو أزمة إنسانية محتملة.
4. تأمين الحدود والسيادة: تشديد الجهود على ضبط الحدود ومنع تحويل الأراضي العراقية إلى مسار لعمليات عبر الحدود، مع التعاون الأمني التقني مع المجتمع الدولي لحماية السيادة ومنع أي تدهور أمني.
5. مناورة دبلوماسية مع الترويكا والولايات المتحدة: الحفاظ على حوار نشط مع دول الترويكا لشرح مخاوف العراق وضمان أن أي إجراءات دولية لا تستهدف أمن واستقرار العراق. في الوقت نفسه، إطلاع الشركاء الدوليين على مخاطر أي خيار عسكري وضرورة تجنب تبعاته الإقليمية.
6. الاستفادة من مركز العراق الجيوسياسي: يمكن للعراق أن يعرض نفسه كقناة تواصل أو منصة للحوار الإقليمي حول قضايا الأمن والاقتصاد، بشرط الحفاظ على استقلالية القرار الوطني.
7. رسائل داخلية واضحة: على الحكومة العراقية توحيد الخطاب الوطني، وشرح تبعات التطورات الدولية للمواطنين بوضوح لتفادي التوتر الاجتماعي وإدارة التوقعات بشأن الأمن والخدمات.
القرار الدولي بإعادة تفعيل آليات الضغوط على إيران يشكل تحوّلاً هاماً في المشهد الدولي ويزيد من عوامل عدم الاستقرار في المنطقة. من منظور عراقي استراتيجي، الأولوية القصوى هي حماية السيادة الوطنية، تفادي أن يتحول بلدنا إلى ساحة تصعيد، والعمل الدؤوب على مسارات دبلوماسية وسياسية تقلل من خطر الانزلاق إلى مواجهة عسكرية. السياسة العراقية المنسقة والمتزنة، التي تجمع بين الحياد الفاعل، الحوار المفتوح مع جميع الشركاء، والاستعداد المؤسسي الداخلي، هي أفضل ضمانة لدرء المخاطر والحفاظ على أمن واستقرار العراق ومواطنيه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إصابة 14 شخصا في اعتداءات مستوطنين في جنوب مدينة نابلس


.. الطفل الفلسطيني آدم الشنتير تعرض لهجوم مستوطنين ما أدى لإصاب




.. مجلس الشيوخ الأمريكي يفشل في تمرير مشروع قانون ينهي الإغلاق


.. رغم فشل جولة المحادثات الأخيرة في إسطنبول.. أفغانستان تؤكد:




.. محكمة استئناف فيدرالية تبقي على أمر قضائي يلزم إدارة ترمب بت