الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هذا ما يحدثُ في العراق عندما ينزِلُ البطارِكَةُ إلى الشارع

عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث

(Imad A.salim)

2025 / 9 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


كُلُّ العراقيّينَ "آباء".
كُلّهم "بَطارِكَة ".
وكلّهم يريد أن يفرض "قواعدهُ" على أبناءه "الصِغار".
اقرأ كذا.. أكتب كذا.. لا تقل هذا.. لا تفعل هذا.. عش هكذا.. مُت هكذا .
حتّى العلاقةُ بالآلهة والأرباب والكواكب والمجرّات.. يحدّدُها "بطريركٌ" أحمق، يرفضُ أن يغادر دورهُ.. ولو بعد ألفي عام.
عراقٌ "بطريركيّ" بامتياز.. متغطرسٌ، دَعِيٌّ، ومُتَعالٍ، رغمَّ أنَّ "البطاركةَ المؤسّسون" قد دأبوا على الحاق هزائمهم الشنيعة بهِ منذُ قرون.
لا يوجد "بطريركٌ – ديك"، على امتداد هذا السهل الرسوبي العظيم، يَقبَلُ أن تبتعدَ فراخهُ عن البَيضَة، وتنظرَ إلى السماء، وتستكشفَ الحقلَ المجاور.
عراقٌ يجُرُّ فيه بطريركُ في الثلاثين، ابناً عاقّاً له في الستّين.. ويمرّغ أنفهُ بتُرابٍ لا كرامةَ فيه لأحَد.
العراقُ هو البلد الوحيد الذي تُنجِبُ فيه النساءُ "بطاركةً" جاهزينَ للفتكِ بكَ فور ولادتهم.. وبينما لايزال حبل المشيمة مُعلّقاً بسُرَّتِهِم، فأنهم ينظرون اليكَ بازدراء، وكأنّكَ مجرد لقيطٍ في مملكتهم العاهرة.
والبطريركيةُ العراقيّة.. تُضفي العصمة والألوهية والقَداسَة على كيانات من الوهم والقِش، وتقتلُ أحلامكَ، وترعى فيك الندم المُبكّر على كلِّ خطوةٍ، وكُلِّ كَلمَة وكُلِّ صَبوَةٍ، وكل كَبوَة.
البطريركيةُ السياسيّةُ العراقيّةُ.. لا تجعلكَ تسعى لشيءٍ غير رضا "الأبِ" عنك، ليعيشَ هو، وتموتُ أنت.. وأفضلُ "أداةٍ" تستخدمها البطريركيّةُ السياسيّةُ العراقيّةُ لتحقيق ذلك.. هي "الديموقراطية" بنسختها الانتخابيّة.
حتّى في "الانتخابات" عليكَ أن تنتَخِب "بطريركاً"، أو "تلتَحِق" ببطريرك، وتظهرَ إلى جانبهِ ضاحِكاً على نفسك، في "لافتةٍ" واحدة.
المُفارقة هي في وقوف "مُرَشّحٍ" شيخ، إلى جانبِ "بطريركٍ" ما زالَ "صبيّاً"، ولكنّهُ يرأسُ "القائمة"، وكلاهما يبتَسِم، في لافتةٍ انتخابيّةٍ واحدة.
لا يوجَد "مُرشّحون" شباب (بقيَم وقواعد سلوك وأنماط تصرُّف وادارة شبابيّة) في الانتخابات العراقيّة.
ما يوجد هو "أبناء صغار" لـ "بطاركة" كبار، سيُعيدونَ انتاجَ و"تفريخَ" القيم والسلوكيات وأنماط الحُكمِ والادارةِ "البطريركيّةِ" ذاتها.. وسيعملون بـ "إخلاصٍ" قلَّ نظيره على "ترميم" ما تداعى منها، أو علاهُ الصَدأ، وسيعملونَ ،ببسالةٍ وإصرارٍ وحماسة، على "تنظيف" تلكَ الوجوهِ الكالحةِ المُلطّخة بالسَخامِ والسَبَخ، لتكونَ "جديرةً" بالتسَلُطِّ على هذا العراق، لأطولِ مُدّةٍ مُمكنة.
هذا ما يحدث عندما لا يكونُ "البطاركة" في المقبرةِ أو في الكنيسة.
هذا ما يحدث عندما ينزلُ "البطاركةُ" إلى "الشارِع".
هذا ما يحدثُ عندما يهرَعُ الناسُ "العابِرونَ" على الأرصفةِ، و"البدوُ الرُحَّلُ" المُقيمونَ في مضاربِ المدينةِ، و"السُكّانُ الأصليّونَ" القابِعونَ في بيوتها الساكِتة..
من أجلِ "تجديدِ البَيعَةِ" لـ "قُدامى البطارِكة".. مَرَّةً تِلوَ أخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتفاق تسليح تاريخي بين فرنسا وأوكرانيا • فرانس 24 / FRANCE 2


.. مجلس الأمن يقر الخطة الأمريكية التي تجيز إنشاء قوة دولية لتث




.. ماكرون وزيلينسكي يوقعان -إعلان نوايا- لشراء كييف ما يصل إلى


.. ...تقليص مدة الإقامة وإعادة النظر في نظام اللجوء...ما هي أبر




.. الباحث والأكاديمي أسعد كاظم: هيمنة القبائل يعرقل استقرار ميس