الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طوفان الأقصى 726 - خطة ترامب للسلام في غزة – بين تجديد الصراع بوسائل جديدة وإعادة إنتاج المأزق

زياد الزبيدي

2025 / 10 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي

2 أكتوبر 2025

مقدمة

في 30 سبتمبر 2025، نشرت وكالة ريغنوم الروسية للأنباء مقالاً للمستشرق والكاتب ومستشار مركز الأبحاث السياسية ليونيد تسوكانوف تناول فيه تفاصيل "خطة ترامب" الجديدة لحل النزاع في قطاع غزة. الخطة التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جاءت في ثلاث مراحل متدرجة، بدت في ظاهرها أكثر مرونة من المبادرات السابقة، لكنها تخفي في طياتها أبعاداً سياسية وأمنية تعيد إنتاج السيطرة الإسرائيلية وتضع الفلسطينيين أمام خيار التعايش مع واقع جديد أقرب إلى "إدارة الأزمة" منه إلى الحل الشامل.

سأحاول في السطور التالية تحليل عناصر الخطة، ظروف طرحها، مواقف الأطراف المعنية، إضافة إلى تقدير إنعكاساتها على مستقبل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.

أولاً: ملامح الخطة – بين "التدرج" و"تجديد الصراع بوسائل جديدة"

1. المرحلة الأولى: وقف إطلاق النار والمقايضة

المضامين: وقف فوري لإطلاق النار، تبادل أسرى (250 محكوماً مؤبداً و1700 معتقل فلسطيني مقابل جميع الرهائن الإسرائيليين)، إدخال مساعدات شاملة عبر البر والبحر، وإنسحاب إسرائيلي محدود حتى خط "غزة – خان يونس".

نلاحظ هنا أن هذه المرحلة لا تختلف كثيراً عن صفقات التهدئة السابقة، لكنها تسعى لإعطاء ترامب إنجازاً دبلوماسياً سريعاً، ونتنياهو مخرجاً من ضغط الشارع الإسرائيلي الذي لم يعد يحتمل وعود "النصر الكامل".

2. المرحلة الثانية: "تجديد المؤسسات الفلسطينية بوسائل جديدة"

المضامين: تشكيل لجنة مؤقتة لإدارة القطاع تحت إشراف "مجلس سلام دولي" برئاسة ترامب وبدعم شخصيات مثل توني بلير. إشراف دولي على قوات أمن فلسطينية جديدة، وإمكانية منح عفو لعناصر حماس مقابل نزع السلاح أو الخروج إلى بلد ثالث.

نقرا هنا أن هذه الخطوة تنطوي على شطب منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية من المشهد لصالح "كيان بديل" في غزة يخضع مباشرة للرقابة الأمريكية – الإسرائيلية. إنها إعادة إنتاج لمشاريع "الإدارة الدولية" التي طرحت بعد حرب 2008–2009، مع فارق أن ترامب يقدم نفسه كضامن أعلى.

3. المرحلة الثالثة: الإنسحاب الكامل – مع بقاء المنطقة العازلة

المضامين: إنسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، لكن مع إنشاء "منطقة عازلة" تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة على طول الحدود مع مصر أي محور فيلادلفيا.

هذا يعني أن إسرائيل ستظل تحتفظ بأدوات التحكم الأمني، مع القدرة على التدخل متى شاءت. عملياً، الخطة لا تعني إنهاء الإحتلال، بل تحويله إلى إحتلال مرن عبر السيطرة غير المباشرة.

ثانياً: البعد السياسي – قطر وإسرائيل بين الإعتذار والبراغماتية

إحدى أهم محطات الخطة كانت إجبار نتنياهو على تقديم إعتذار رسمي لقطر بعد القصف الإسرائيلي للدوحة الشهر الماضي.

الخطوة جاءت بضغط مباشر من ترامب، لإعادة إشراك قطر ومصر كضامنين أساسيين.

قبول قطر الإعتذار عكس قدرة واشنطن على إدارة "رقصة دبلوماسية" دقيقة، إذ خشيت الدوحة من تهميش دورها، بينما خافت القاهرة من أن تكون الهدف التالي لأي مغامرة إسرائيلية.

دلالة الإعتذار

يمثل إعترافًا نادراً بوزن قطر الإقليمي، خصوصاً مع صعودها كداعم محتمل للإعتراف بالدولة الفلسطينية.

لكنه في الوقت ذاته يكشف عن تراجع موقع نتنياهو داخلياً، إذ إضطر إلى تقديم تنازلات شكلية لكنها رمزية لخصومه العرب، مما أثار غضب "الصقور" في حكومته.

ثالثاً: ردود الفعل الإسرائيلية – إنقسام داخلي عميق

المعارضون: إيتمار بن غفير، بتسلئيل سموتريتش، وأفيغدور ليبرمان، وصفوا الخطة بأنها "إستسلامية"، وهددوا بتفكيك الائتلاف.

المؤيدون المشروطون: يائير لابيد، نفتالي بينيت، وبني غانتس، الذين رأوا في الخطة مخرجاً من المأزق الإستراتيجي.

الخلاصة أن الإنقسام يعكس تآكل "إجماع النصر" داخل إسرائيل، وتحوّل الملف الفلسطيني إلى عبء داخلي يهدد وحدة الحكومة نفسها.

رابعاً: الرهانات الأمريكية – "تجديد الصراع بوسائل جديدة" باسم السلام

على الرغم من أن الخطة تبدو أكثر "صداقة للفلسطينيين"، إلا أنها تحمل ثلاث ثغرات جوهرية:

1. رفض الإعتراف بفلسطين كدولة مستقلة، والإكتفاء بإنشاء كيان بديل في غزة.
2. إحتفاظ إسرائيل بإحتكار القوة في "المنطقة العازلة"، ما يسمح بتفكيك أي بنية فلسطينية مقاومة.
3. الإعتماد المطلق على الضمانات الأمريكية، مع إمكانية تعليق الخطة في أي لحظة بحجة عدم التزام حماس.
مغزى ذلك
الخطة ليست سوى محاولة لإعادة إنتاج "صفقة القرن" بصيغة أكثر مرونة، مع فارق أن ترامب يسعى الآن إلى جمع مكاسب إنتخابية داخلية من خلال تصوير نفسه كصانع سلام عالمي.

خامساً: دلالات الذكرى السنوية – الهروب إلى الأمام

إقتراب الذكرى الثانية لهجوم 7 أكتوبر 2023 لعب دوراً حاسماً في توقيت الخطة.

إسرائيل لم تحقق وعودها بالقضاء على حماس.

الرأي العام الإسرائيلي غاضب من إستمرار إحتجاز الرهائن وفشل المؤسسة العسكرية في تحقيق "النصر النهائي".

لذا، تبدو خطة ترامب بمثابة حبل نجاة سياسي لنتنياهو أكثر من كونها تسوية حقيقية.

خاتمة: بين وهم الحل وإدارة الأزمة

يمكن القول إن "خطة ترامب" لا تقدم حلاً جذرياً، بل تعيد ترتيب المشهد لصالح إسرائيل عبر:

•إبقاء السيطرة الأمنية.
•نزع الطابع الوطني الفلسطيني عن غزة.
•خلق كيان بديل هش قابل للتفكك عند الحاجة.
بهذا المعنى، فهي ليست خطة سلام، بل أداة لإدارة الأزمة على نحو أكثر إنضباطاً، تعيد إنتاج الصراع بوسائل جديدة.

ومع ذلك، فإن إجبار نتنياهو على الإعتذار لقطر، ومحاولة إشراك القوى الإقليمية في الترتيبات، يشيران إلى أن الولايات المتحدة تدرك حدود القوة الإسرائيلية، وتبحث عن صيغة براغماتية لتفادي إنفجار شامل قد يضر بمصالحها في الشرق الأوسط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جدل حول محاكمات -أحداث -الساحل- في سوريا | نشرة الأخبار


.. الصندوق العالمي للتراث: مقاربة تجمع بين الحفاظ المادي والتطو




.. عميد متقاعد يوضح لـCNN تداعيات بيع مقاتلات إف-35 للسعودية وم


.. مقاتلات تحلق وعزف موسيقي.. شاهد كيف استقبل ترامب ولي العهد ا




.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال اقتحمت منزل مشتبه بتنفيذه العمل