الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منظومات القِيَم وأنماط السلوك والإدارة للدراساتِ الأوليّة والعُليا في العراق

عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث

(Imad A.salim)

2025 / 10 / 6
التربية والتعليم والبحث العلمي


طلبة دراسات عليا(ماجستير ودكتوراه).. في العراق الذي "يُقالُ" أنّهُ كانَ قد اخترعَ الكتابةَ وعلّمَها للآخرينَ قبل سبعةِ آلافِ عام (وهناكَ من يدّعي أنها عشرةُ آلاف عام).. طلبة "دراسات عُليا" راسبين.. نعم "راسبين"، بكلّ ما في كلمة "راسِب" من معانٍ ودلالاتِ كثيرة.. "راسبينَ" في امتحانات الدور الثاني للعام الدراسي 2024-2025.. هؤلاء "الراسِبون - المُتَرَسِّبونَ" بكثافة، "يُناشِدونَ" معالي السيد وزير التعليم العالي أن يمنحهم (5) درجات.. فيمنحهم معاليه هذه الـ (5) درجات.. "إضافةً لما منحناه لهم سابقاً بموجب قرارات مجالس الجامعات".
هؤلاء "الراسِبون"، ورغم جميع "التسهيلات" الأخرى "الإضافيّة" المُقدّمة لهم طيلةَ العامِ الدراسيّ (وما أكثرها).. سينجَحون.. وسيحصَلون على الماجستير والدكتوراه.. وسيُمارِسونَ التدريسَ لأجيالٍ "مظلومةٍ" من الطلبَة.. وسيحملون لاحقاً لقب "أستاذ دكتور".. وسيخرجونَ علينا في الفضائيات و"اللافتات الانتخابيّة"، وقبل اسمهم ستصفعُ وجوهنا (بكلُ صلافة) كلمة "بروفيسور".
طالب دراسات عليا "دكتوراه" يجب عليهِ أن يجتَهِد و "يُبدِع"، ويأتي من خلال اطروحتهِ بـ مساهمةٍ "أصيلة"، ويتطرَّقُ إلى موضوعٍ "مُبتَكَر" لم يسبق بحثهُ أو التطرّقُ له، ليتسنى له الحصول على شهادة "دكتوراه فلسفة" في حقل الاختصاص.. طالبُ "عِلمٍ" كهذا من المعيبِ عليه أن "يُناشِدَ" وأن "يتوسّل" وأن "يتسوّلَ" الوزيرَ من أجل خمس درجات.. ومن بابِ "الخطيئةِ" أكثر أن يقومَ الوزيرُ بمنحهِ هذه الـ (5) درجات (إضافةً لغيرها وغيرها من الدرجات غير المُعلَنة، والتي تفوق هذه الدرَجاتِ الخمسِ بكثير).
من هم "هؤلاء" الذينَ في كُلِّ عامٍ دراسيّ، لا يتمكّنوا من اجتياز أيّ امتحانٍ دون "حَقنِهم" بـ"دفعتين" أو أكثر من الدرجات "الإضافيّة"، مرّةً من مجالس الجامعات(بأمرٍ من الوزير)، وأخرى بقرارٍ من الوزير ذاته؟
ما هو التبرير "المنطقي" لمنح هذه الدرجات؟
ما هو التفسير "العلمي" لهذهِ "المكرمات"؟
وأيُّ "مُخرجاتٍ عُليا" هذه، لم تكن لتتمكَّنَ من اجتياز امتحانٍ(بمتطلبّات الحدّ الأدنى من الفِهم والادراكِ والمعرفة في حقل الاختصاص) لطلبة ماجستير ودكتوراه، لن يتمكنوا (بقدراتهم العلمية المحدودة) من اجتياز هذا الامتحان (بل ولن يجتازوهُ أبداً) إلاّ بـ "دُفعات" متتالية، كُلُّ "دَفعةٍ" لا تقلُّ عن خمس درجات، وبُمُجمَل درجاتٍ "مُضافَةٍ" إلى درجات "الدفتر الامتحانيّ" قد تَصِلُ في بعض "الحالات" إلى أكثر من عشرين درجة؟
هل تعلمونَ أنَ الكثيرَ من "مُدخلات" هذه "الدراسات العُليا" هُم طلبة "دراسات أوليّة" نَجَحوا و "تخَرّجوا" بدورهم من خلال قرارات على شاكِلة "إضافة الدرجات" و " عدم احتساب سنوات الرسوب" و "عودة الطلبة المُرقّنَة قيودهم"، وما شابهَ ذلك من "قراراتٍ" مُشينة.
وهل تعلمونَ أنّ هؤلاءَ "القافزينَ بالزانة" قد ألحقوا إساءةً بالغِة بالكثيرِ من العقول العراقيّةِ الجميلةِ الراقيةِ المُبدِعَة، التي تواصِلُ "دراساتها العُليا" بصبر الأنبياء، و تُصِرُّ على الحَفرَ في صَخرِ الأيّام بأكفّها المحرومةِ من أيِّ "دَعم"، وتنبشُ بأرواحها المُتعبَةِ دونَ كلَل، باحثةً عن المعنى في كُلٍّ "مَصدرٍ" مُتاح، دونَ صَخَبٍ أو مِنةّ.
وأخيراً.. هل تعلَمونَ أن هذه "السياسةِ التعليميّةِ" الرثَّة، وجميع "منظومات التعليم" البائسة المُرتبطةُ بها، هي بمثابةِ "هَدرٍ" صافٍ للمال العام والخاص، و "تبديدٍ" صريح للاستثمار الكفوء (العام والخاص) في الموارد البشريّة.. وأنّ هذا "السياق التعليميّ الإنتِكاسيّ" لا ينطوي على أيّ معنى، ولا يُحقِّقُ أيّ هدفٍ "تنموي"، وليس لهُ أيُّ جدوى اقتصاديّة أو مجتمعيّة.
وهنا يقتضي الانصافُ أن نقومَ بالإقرارَ بأنّ هذهِ "البُدَع" و "الضلالات" لم تبدأ الآن، ولكنّها كانت محدودةً و "حصريّةً" في "السابِق"، قبلَ أن يتمّ تكريسها كـ "تقليدٍ سنويّ" بعد العام 2003، ولتتحوَّلَ في العقدَينِ الأخيرَين إلى "نَهج" تعليمي دائم، و "عُرف" أكاديمي ثابت في إدارة "المؤسسات التعليمية"، وعُنصراً رئيساً وفاعِلاً في "منظومة القيم" التعليمية "الجديدة" التي تعملُ على وفقها، وتسعى إلى تنفيذها غالبيّة الإدارات الجامعية(في القطاعين الحكومي والأهلي) بكُلِّ "خشوعٍ" و"خنوع".
وهكذا ننتهي إلى دراسات أوليّة غير مُنتِجة.. وماجستير ودكتوراه بـ "التوسّلات".. ودرجات مُضافَة بأسلوب "الدَفعات" و"الهِبات" و"المكرمات".. وكُلّها مُكرَّسَةٌ لإعادة انتاجِ "تخلُّفنا" في جميع المجالات.
أيُّ "دراساتٍ أوليّةٍ" تلك، وأيُّ "دراسات عُلياً" هذه.. وأيُّ "تعليمِ عالٍ" هذا الذي نعملُ ونُعلِّمُ ونتعلَّمُ في إطارهِ الآن؟
وبعدُ.. وبعدُ.. وبعد..
هناكَ المزيدُ من الحقائقِ والوقائعِ المُرّة، التي لا يتَّسِعُ المجالُ لذكرها في هذا المقال.
إلى أين.. إلى أيِّ مصيرٍ، يُمكِنُ أن يقودَ الأجيالَ الحاليّةَ والقادمة، كُلُّ هذا العَبثِ وكُلُّ هذا الخراب؟
اللهم إنّا لا نسألكَ ردَّ القضاء، ولكن نسألكَ اللُطفَ فيه.
آمين.
(تجدونَ "القرار"، والتأكيدَ على صحّته.. على الرابط في أدناه) :
https://www.facebook.com/story.php?story_fbid=1159545656356667&id=100069037305668&mibextid=wwXIfr&rdid=cMgwLF4G3G9fXw8r#








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ميرتس للشباب الأوكران: -ابقوا في وطنكم..-


.. علّق -لا مزيد من ليبيا وأفغانستان-.. مقابلة حصرية لشبكتنا مع




.. انتقال سوريا إلى المحور الغربي.. نقطة تحول في تاريخ الشرق ال


.. المفوض العام للأونروا: نواجه قيودا في إدخال الإمدادات والموا




.. وزير الخارجية السوداني يرحب بتصريحات نظيره الأمريكي بشأن الو