الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
أصل جذر (غرب، غروب، الغراب، خَرب، عَرب، عَربة، ظهر، زهر، فتح) من الأصل المصري القديم
ابرام لويس حنا
2025 / 11 / 2العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تُشير المصادر المصرية القديمة إلى أن الصحراء كانت تُعرف بعدة تسميات، من أبرزها لفظ «قنطرة» أو «قنطرت»، وهي الأرض التي تُطل منها النفس أو يمر عبرها الإنسان للوصول إلى أرضه الخضراء الخصبة (الريف)، إذ يَمر الإنسان من خلاله لكي يَعبر للنقطة الأخرى ومن هنا اكتسبت الصحراء وحافتها هذا الاسم الدالّ على العبور والانتقال، إذ وردت كتابتها بالهيروغليفية على النحو الآتي 𓈎𓄿𓈖𓏥𓂋𓏤𓏏𓈇𓏤 ، 𓈎𓄿𓏭𓂋𓏤𓇋𓄿𓏏𓐎𓈇𓏤 (qnrt).
كما وردت الصحراء أيضًا تحت مسمّى آخر هو «غرب/ خرب» أو «خربة» (𓆼𓄿𓏭𓂋𓏤𓃀𓏲𓌙𓈉 ḫrb)، هذا اللفظ ارتبط بمفهوم الجهة الغربية التي تقابل شروق الشمس والتي تحجب الاشعة والنور، والذي اشتق منه كلاً من (جـهة الغرب) أي جهة الجبال، جهة (غروب الشمس) أي الجهة التي تَتجه الشمس نزولاً اليها عكس اتجاه الشرق، أي أن كلا من (غرب ، الغروب) هي ذات جذر واصل مصري.
ولأن الصحراء هي (ḫrb) بالمصرية القديمة أي هي كذلك تُنطق (خرب، وخربة) وهو وصف ملاءم لطبيعة الصحراء، اذا تَنتشر بها الجبال التي تَحجب اشعة الشمس والنور، كما كان المصري يُدفن في مقابر الجبال والصحراء، تلك التي تَحجب النور /الحياة بداخلها، ومثلما تحاوط الجبال بالخضرة وتواريها.
كذلك سُمى الطائر المُنتشر في المناطق الجافة والقاسية كالصحاري في الصحراء بـ (الغراب) إذا يرتفع على الخضرة مثلما ترتفع الجبال بسوادها على الخضرة، هكذا يرتفع بسواده على الأشجار الخضراء والنخيل، مما يجعله رمزًا طبيعيًا للصحراء ذاتها، بل يُعدّ من أكثر الطيور قدرةً على التكيّف مع البيئات الجافة والقاسية.
باختصار لشهرة اسم الصحراء في اللغة المصرية القديمة بـ (غرب، خرب) شاعت واستمرت حتى يومنا هذا.
كما يُستدل من لفظ «الغريب» – وهو المشتق من الجذر «غرب» – على الشخص القادم من مكان آخر «نازل من الغرب»، أي من جهة الغروب أو الصحراء.
كان هذا مَرجعه هو إيمان الإنسان المصري بأن النور والحياة تَنبع أولا من أرض الخضرة ثم يترفع النور كأنما يصعد على الجبل للسماء كأنه سلم، وهذا ما نراه في أرض الواقع، إذ ان الأراضي الزراعية (الريف المصري) منخفضة عن الجبال، بل الجبال تحيط بالخضرة، كأنما لو كانت الجبال (قنطرة) و (سلم) لكي يرتفع عليه النور ثم ينزل عليه، هكذا الشمس كأنها تنبع من سماءها الخضراء/ النيرة ثم تعلو على الجبل ليسود نورها ثم تنزل من الجهة الأخرى للجبل لتختفي في نجود سماءها الخضراء، ولعلنا نتذكر أن كلمة (السواد) في العربية الفصحى تعني (الأخضر الشديد).
هكذا يخرج الملك المصري من أرضه الخصبة (الريف)، ثم يصعد على جبله (الهرم) ليرى ويسود بنوره على الكل، فهو مَلك الصحاري والنجود، قبل أن يعود إلى أرضه الخضراء (سواده) مرة أخرى.
ومِن ناحية لغوية أخرى، فإن لفظ «خرب / غرب» كان الأساس الذي اشتُقّت منه أسماء مثل «عرب» و«أعراب» للدلالة على سكّان الصحراء أو المرتفعات، و«عربة» أي صحراء. وقد جاء هذا الاشتقاق نتيجة ظاهرة الإبدال الصوتي بين العين والغين، وهي ظاهرة معروفة في فقه اللغة العربية، كما أشار أبو الطيب اللغوي في كتابه الإبدال (الجزء الأول، ص. 11)، وخصّص لها بابًا مفصلًا في الجزء الثاني بعنوان «الإبدال بين العين والغين» (ص. 296–308). ويُؤكّد ذلك أيضًا يعقوب بن إسحاق السكيت في كتابه الكنز اللغوي في اللسان العربي (تحقيق أوغست هفنر)، في باب «العين والغين».
ومن هذا المنطلق، يُمثّل أوزيريس –الذي يُنطق بـ (زِهر، ظهر) – هذا المفهوم، إذا شُبه بالزهرة التي تتفتح أولا لُتظهر شممها ويَخرج نورها للعلن، حيث تتفتح أزهارها في الصباح مع شروق الشمس، ثم تغلق بتلاتها مع غروب الشمس أو في المساء، لذا نجد إن الاله أوزيريس يَرتبط بالإله (بتاح) أي (فتح) مثلاً نقل (يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم) أو مثلما نقول (تفتحت الزهرة) أو (الزهرة تفتحت) أي الإله أو الذات التي كانت ميتة قامت من موتها و(تفتحت قبور أوراقها)، وهنا يَجب ان نتذكر أن أوزيريس يمثل الذات التي كانت ميتة او غائبة ثم ولدت مرة أخرى أو ظهرت هيئته مرة أخرى.
كذلك يُمثل أوزيريس (الظُهر) فهو الإله (النور) الذي يخرج ليسود كــ (أوزير أو الوزير)، لذا وقت الظهيرة يُدعى بـ (ظهر)، وهذا يَدل على مدى استمرار حضارتنا في لغتنا إلى اليوم بل تأثر الآخرون بنا، لذا الملك يُدعى بـ (الظاهر) أي (المُنتصر) ولكن كذلك (ظهر) هي تعني (بان) للجميع.
وبهذا نستطيع ان نفهم أصل جذر (غرب، غروب، الغراب، خَرب، عَرب، عَربة، ظهر، زهر، فتح) من الأصل المصري القديم.
|
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ترمب: الواعظ إيريك ميتاكساس سيدخلني الجنة
.. تفاصيل اللقاء التاريخى بين شيخ الأزهر والمفكر العالمى جيفري
.. تغطية خاصة | مستوطنون يحرقون مسجداً في سلفيت: تصاعد العدوان
.. كل أجراس الكنائس تقرع في باريس بوقت واحد تكريما لضحايا 13 نو
.. مستوطنون يحرقون مسجدا شمال غرب سلفيت ويخطون شعارات عنصرية عل