الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
شيطان الشرق
علي جاسم ياسين
2025 / 11 / 3مواضيع وابحاث سياسية
يبدو أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يجسد صورة الزعيم الذي يتقن لعبة التناقضات. فهو يرفع راية الإسلام ويدّعي الدفاع عن قضايا الأمة، وفي الوقت نفسه يتصرف بمنطق الدولة البراغماتية التي تستخدم المبادئ لتحقيق مصالحه الشخصية والوطنية. هذا التناقض جعل أردوغان، في نظر كثيرٍ من المراقبين، إسلاميا منافقا وانتهازيا يخادع المسلمين البسطاء، رجلٌ يتقن ارتداء الأقنعة وتبديل المواقف بما يخدم طموحاته السياسية.
رغم خطابه المتكرر عن الاستقلال عن الغرب و نهضة الأمة الإسلامية، تكشف سياسات أردوغان عن روابط وثيقة تجمعه بالولايات المتحدة وحلف الناتو. فمن قاعدة إنجرليك التي تُستخدم لانطلاق العمليات العسكرية الغربية، إلى مواقفه المتقلبة في الملفات الإقليمية، يبدو أنه اختار البقاء داخل المنظومة الغربية حفاظا على مصالحه، ولو على حساب خطابه الإسلامي الذي يردده في العلن.
وفي الوقت الذي يرفع فيه أردوغان شعارات الدفاع عن فلسطين، تستمر حكومته في تعزيز علاقاتها التجارية مع إسرائيل، إذ تجاوز حجم التبادل التجاري بين الجانبين تسعة مليارات دولار سنويا، رغم مقتل نحو سبعين ألف شخص من سكان غزة، إضافة إلى آلاف الجرحى والمفقودين، ما يجعل خطابه الداعم للقضية أقرب إلى الاستخدام السياسي منه إلى الموقف المبدئي.
في العراق وسوريا، لم تكن سياسات أنقرة المائية بعيدةً عن الانتقاد. فقد أدّى بناء السدود الضخمة على نهري دجلة والفرات إلى تراجع منسوب المياه، ما وضع سكان العراق كلّهم في مواجهة أزمةٍ وجودية، وأثار أزمات بيئية واقتصادية حادة. وهنا يبرز التناقض الأوضح بين الدعوة إلى حسن الجوار والعدالة التي ينادي بها الإسلام، وبين سياسة الأمر الواقع التي تمارسها أنقرة تجاه جيرانها.
أما في الملف السوري، فقد وُجهت إلى أردوغان اتهامات بدعم جماعات مسلحة تحت شعار “حماية الشعب السوري”. غير أن الواقع أثبت أن هذا الدعم ساهم في إطالة أمد الصراع، وفتح الباب أمام انتشار الفوضى والتطرف، ليتحوّل الشعار الديني إلى أداة نفوذ سياسي تستخدمها أنقرة لتعزيز مصالحها في المنطقة.
ما بين خطابٍ إسلامي موجّه للداخل التركي وجمهورٍ عربي متعاطف، وسياساتٍ خارجية متحالفة مع الغرب، تتضح ملامح الانتهازية السياسية التي يتقنها أردوغان. فهو لا يتردد في تبديل مواقفه ما دام ذلك يضمن له استمرار سلطته وتوسيع نفوذ بلاده.
يظهر أردوغان كزعيمٍ يجمع بين الشعارات الدينية والمناورات السياسية، بين الدعوة إلى العدالة وممارسة الضغط على الضعفاء، وبين الدفاع عن الإسلام والتقارب مع خصومه. إنه “شيطان الشرق” الذي يبتسم للعالم الإسلامي بوجهٍ، ويتعامل مع الغرب بوجهٍ آخر، مستغلاً الدين لتحقيق مصالحه السياسية.
|
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. بريطانيا: الحق في اللجوء الدائم انتهى • فرانس 24 / FRANCE 24
.. مطعم يستفيد من مياه الفيضانات لاستقطاب مزيد من الزبائن
.. لقطات جوية تظهر فيضانات تغمر طرقات ومباني في مقاطعة ويلز بال
.. كيف وصل 160 فلسطينيا من سكان غزة إلى جنوب إفريقيا؟
.. وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني يتوجه إلى بكين لإجراء مبا