الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طوفان الأقصى 760 - إسرائيل تحت «القبّعة» الأميركية

زياد الزبيدي

2025 / 11 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي

5 نوفمبر 2025

ترامب يرسم حدود «الحرية» الإسرائيلية ويمسك بخيوط القرار في تل أبيب

في مقال نُشر على موقع «مؤسسة الثقافة الاستراتيجية» بتاريخ 31 أكتوبر 2025، يرسم المؤرخ والكاتب الروسي فاليري بورت صورة دقيقة لعلاقات القوة الجديدة بين الولايات المتحدة وإسرائيل في عهد الرئيس دونالد ترامب.
يرى بورت أن تل أبيب لم تعد قادرة على التصرّف كدولة مستقلة كما في السابق، بل وجدت نفسها تحت رقابة صارمة من واشنطن، التي تمسك الآن بمفاصل القرار السياسي والعسكري الإسرائيلي.
يؤكد الكاتب أن ما يجري ليس «تعاونًا إستراتيجيًا» بقدر ما هو وصاية مباشرة، وأن «السلام في غزة يُكتب هذه المرة بالحبر الأميركي»، في وقت يتزايد فيه الغضب الدولي — بل واليهودي أيضًا — من سياسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية بسبب المذبحة المستمرة منذ عامين.

الغضب العالمي... واليهود أول المنتقدين

في خريف 2025، وجد الكيان الإسرائيلي نفسه في مواجهة موجة عالمية من الإدانة لم يعرف مثلها من قبل.
خرجت الملايين في شوارع العواصم ترفع شعارات التضامن مع فلسطين وتحرق الأعلام الإسرائيلية، فيما إرتفعت أصوات يهودية من داخل الولايات المتحدة نفسها تنتقد سياسات تل أبيب بجرأة غير مسبوقة.

فبحسب إستطلاع واشنطن بوست، يرى أكثر من 60% من اليهود الأميركيين أن إسرائيل إرتكبت جرائم حرب في غزة، بينما يعتقد 39% أنها تمارس إبادة جماعية.
«تضامننا مع الفلسطينيين ليس خيانة لليهودية، بل تجسيد لها»،
— من رسالة مفتوحة وقّعها مثقفون وفنانون يهود بارزون بينهم ناومي كلاين وبنجامين موزر وجوناثان غلايزر.

ترامب: «بِيبِي، لا يمكنك أن تحارب العالم كله»

يشرح فاليري بورت أن مرحلة ترامب تختلف جذريًا عن مرحلة بايدن: «في عهد بايدن، كانت إسرائيل تفعل ما تشاء؛ أما في عهد ترامب، فهي تفعل فقط ما تسمح به واشنطن».

ويقال إن ترامب خاطب نتنياهو بصرامة: «بِيبِي، لا يمكنك أن تحارب العالم كله... إسرائيل صغيرة جدًا مقارنة ببقية العالم».

الرئيس الأميركي الذي يحرص على الحفاظ على «السلام الذي صُنع بشقّ الأنفس»، أوكل مهمة مراقبة الحليف الإسرائيلي إلى فريق ضيق يضم نائبه جيمس فانس، والمبعوث الإقليمي ستيف ويتكوف، وصهره جاريد كوشنير، ووزير الخارجية ماركو روبيو.
وبينما تُلتقط الصور الرسمية بإبتسامات بروتوكولية، فإن «العيون تبقى يقِظة» كما يصف الكاتب، لأن المطلوب من تل أبيب أن تلتزم قواعد اللعبة الجديدة: الحرب إنتهت... والمطلوب الآن سلام أميركي بنكهة قسرية.

غرفة القيادة في كريات غات: إسرائيل تطيع الأوامر

من المشاهد التي إعتبرها فاليري بورت كاشفة لحجم الهيمنة الأميركية، زيارة نائب الرئيس الأميركي إلى كريات غات، حيث أُنشئ مركز التنسيق العسكري–المدني الأميركي–الإسرائيلي.
«كل شيء هناك يشبه قاعدة أميركية، والإسرائيليون يأتون كضيوف لا كأصحاب المكان».

الصحافة الإسرائيلية نفسها لم تخفِ الحقيقة، إذ كتبت تايمز أوف إسرائيل: «الولايات المتحدة لا تكتفي بتسليح إسرائيل، بل تقود سلوكها».

فالمسيّرات الأميركية تراقب غزة لحظة بلحظة، والجيش الإسرائيلي ينفّذ عملياته ضمن نطاق التعليمات الأميركية.

تمرد في الكنيست وغضب في البيت الأبيض

لم تستسغ المؤسسة الإسرائيلية هذا القيد الجديد. ففي خطوة مفاجئة، أقرّ الكنيست مشروع قانون لتوسيع «السيادة الإسرائيلية» على المستوطنات في الضفة الغربية.
الخطوة إستفزت واشنطن، فصرّح فانس بأنها «إهانة شخصية»، بينما قال ترامب غاضبًا: «لن أسمح بضمّ الضفة الغربية. لقد وعدتُ الدول العربية، ولن أحنث بوعدي!».

وحذّر بوضوح من أن أي تمادٍ إسرائيلي سيؤدي إلى وقف الدعم الأميركي بالكامل.
التوتر جاء في وقت كان ترامب يتحضّر لإستقبال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لمناقشة إتفاق التطبيع، فإعتبر ما جرى «طعنة سياسية غير مبررة».

سلوك صدامي وسوء تقدير سياسي

لم يزداد الوضع سوءًا إلا بعد تصريحات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش الذي قال إن السعودية «يمكنها أن تواصل ركوب الجمال في الصحراء إذا أصرت على إقامة دولة فلسطينية».
روى النائب أفيغدور ليبرمان أن نتنياهو كاد يُصاب بجلطة من الغضب، وصرخ حتى هرع إليه الأطباء.

وفي تعليق لافت، كتبت صحيفة جيروزاليم بوست: «السعودية اليوم ليست كاريكاتورًا صحراويًا، بل قوة إقليمية وعضو فاعل في مجموعة العشرين. تصريحات سموتريتش تدفع إسرائيل إلى الإعتذار بدل المبادرة».

غزة الهادئة... والسلام المعلّق على مشيئة واشنطن

أما بالنسبة لحركة حماس، فيرى الكاتب أن ترامب يتعامل معها ببرود محسوب، مفضّلًا التركيز على «تهذيب» تل أبيب لا مواجهة غزة.
فحين وقعت إشتباكات محدودة قرب رفح قُتل فيها جندي إسرائيلي، إكتفى ترامب بالقول:
«من حق الجيش الإسرائيلي الرد إذا قُتل أحد جنوده، لكننا ما زلنا نعتبر الوضع سلامًا».

سلامٌ قلقٌ، تحرسه الطائرات الأميركية وتخنقه السياسة، في إنتظار شرارة جديدة كفيلة بإعادة إشعال النار.

الخلاصة: تل أبيب في زمن الوصاية

يختتم فاليري بورت تحليله بالقول إن إسرائيل باتت تحت “القبّعة الأميركية” بالكامل.
لم تعد واشنطن تكتفي بالدعم العسكري والدبلوماسي، بل أصبحت تملي على حليفها متى يقاتل ومتى يصمت، ومتى يفاوض ومن يعتذر له.
«السلام في غزة يُكتب هذه المرة بالحبر الأميركي، وتل أبيب لا تملك سوى التوقيع»، - يختم
فاليري بورت مقاله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا: الحق في اللجوء الدائم انتهى • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مطعم يستفيد من مياه الفيضانات لاستقطاب مزيد من الزبائن




.. لقطات جوية تظهر فيضانات تغمر طرقات ومباني في مقاطعة ويلز بال


.. كيف وصل 160 فلسطينيا من سكان غزة إلى جنوب إفريقيا؟




.. وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني يتوجه إلى بكين لإجراء مبا