الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشروع قرار أمريكي لمجلس الأمن بصدد -إنشاء قوة استقرار دولية أمنية في غزة- بعد

عزالدين بوغانمي
(Boughanmi Ezdine)

2025 / 11 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


إصرار الدول العربية والإسلامية على ضرورة تأطير خطة ترامب بضمانة دولية من خلال الحصول على قرار أممي خاص بتشكيل قوة دولية في قطاع غزة، قدمت الولايات المتحدة مشروع قرار لمجلس الأمن تحت عنوان "إنشاء قوة استقرار دولية أمنية في غزة".

مسودة المشروع تكشف لأول مرة بأن قيادة قطاع غزة ستكون تحت إدارة مجلس السلام برئاسة ترامب، ليس كجهة إشراف على الإعمار، كـ "إدارة انتقالية للحكم" تحدّد الأولويات وتنسّق تمويل إعادة الإعمار، إلى أن تنجز السلطة الفلسطينية برنامج الإصلاح المطلوب منها، وتحصل على موافقة المجلس وموافقة إسرائيل، إلى جانب منح دولة الاحتلال صلاحيات أمنية وغير أمنية واسعة خلال الفترة الانتقالية المفتوحة زمينا إلى حين الانتهاء من تنفيذ المهمة.

يعني إدارة ترامب تضع بمشروعها هذا، الأساس القانوني والعسكري والسياسي لعزل قطاع غزة عن الضفة الغربية والقدس، وتأسيس حالة كيانية منفصلة تديرها باسم "مجلس السلام" على أن تنتزع من الدول العربية والإسلامية المؤثرة توقيعها وموافقتها. ثم تضع العدّاد في يد الاحتلال لتقرير الزمن المطلوب لإنهاء الوصاية على القطاع. وهنا يصبح التلاعب بالوقت، وبشرط الموافقة محميًّا بالقانون الدولي وقرار مجلس الأمن، وندخل في باب التمديد على النحو الذي تمت فيه عبثية التفاوض حول الحل النهائي في اتفاقية أوسلو.

كل هذا الضجيج الذي بدأ بإعلان خطة ترامب، مرورا بإعلان شرم الشيخ، كلّه يصبُّ في فرض حالة كيانية انفصالية في قطاع غزة، لا صلة بينها وبين الضفة الغربية، فيما سيتولى مجلس الحكم المهام المركزية ويترك كل ما هو شأن حياتي غير سياسي إلى لجنة مهنية خاصة، تخضع لسلطة المُقيم العام الأمريكي "غاريد كوشنر" صهر الرئيس ترامب.

من الواضح أن المشروع يحمل في طياته شطب الكيان الفلسطيني الموحد، والذي من دونه يسقط مشروع الدولة بحكم الواقع والجغرافيا. مقابل منح الاحتلال الدور السيادي من خلال التحكم في المعطى الأمني والموافقة الإدارية المسبقة على أي قرار يرتبط بمصير القطاع، بما في ذلك دور "القوة الموحدة"، وصلاحيتها. أيّ أنها قوّة تشتغل تحت أوامر إسرائيل دون أن تكون صهيونية.

وفق الاستراتيجية الإسرائيلية المُعلنة القائمة على الضم وإنهاء فكرة الدولة الفلسطينية، سيتحول "مجلس السلام المؤقت"، إلى "مجلس حكم" قد يستمر خمسين عامًا طالما تمّ التّنصيص على أن زمن استمراره محدد بانتهاء التنفيذ، وعملية التنفيذ برُمتها ستتمّ بموافقة إسرائلية. والعرب والمسلمون موافقون وجاهزون للتوقيع.

المسألة الاخرى المُستفزّة في المشروع، هو أنه ذكر عبارة "السلطة الفلسطينية" مرة واحدة، ولم ينطق بِمُسمّى "دولة فلسطين" إطلاقا، رغم أنها عضو مراقب في الأمم المتحدة. والحقيقة أنّ هذا الإهمال والتجاهل يعكس الموقف الانجيلي الصهيوني الرافض لوجود دولة فلسطينية، والذي يتبناه ترامب وإدارته. لذلك اكتفى بحصر الكلام عن "قطاع غزة"، وكأنه كيان منفصل سيُدارُ تحت "رقابة خاصة".

هذا هو الواقع الذي يسعى الأمريكي والصهيوني تثبيته على الأرض كحقيقة تُقوّض الأساس الجغرافي للمشروع الوطني الفلسطيني. ولقد كان غريبا غياب مصر عن لقاء الثمانية بإسطنبول. مع أن مصر دولة ضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار، وهي التي صمدت ضد مخطط التهجير، وهي صاحبة مخطط إعادة الإعمار، وعلى أرضها تمت المفاوضات ووُقّع الاتفاق الأخير. ونخشى أن يكون هذا الغياب محاولة لعدم المشاركة المباشرة في تصفية القضية.
ومهما كان الحال، وحتى لا يصبح الأمر واقعا، على الفلسطينيين (مقاومة وسلطة) أن يدعو لعقد ندوة عربية إسلامية، تصم خاصة المملكة العربية السعودية ومصر وتركيا والباكستان وأندونيسيا، وكذلك فرنسا وانجلترا وإسبانيا وكندا واستراليا وجميع الدول التي اعترفت بدولة فلسطين، استنادا لإجماع كل هذه الدول على مبدأ "حلّ الدولتين"، وذلك لفرض تعديلات على المشروع الامريكي بما يضمن وحدة التراب الفلسطيني، والتأكيد على إقامة الدولة ووحدانية السيادة الفلسطينية عليها. والحد من صلاحيات إسرائيل الأمنية داخل المنطقة الحمراء.

بالمختصر المفيد، مشروع القرار الأمريكي حول قطاع غزة هو مشروع إبادة سياسية، وهو الأخطر في مسار تصفية القضية، وبهذا المعنى، لا فرق بينه وبين قرار الكنيست الإسرائيلي بمنع قيام دولة فلسطينية، ولكن بمفردات أمريكية. ولذلك مطلوب مواجهته بالشارع وبالديبلوماسية، وبكل الأشكال تماما كما كانت مواجهة الإبادة الجماعية.

تصبحون على خير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا: الحق في اللجوء الدائم انتهى • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مطعم يستفيد من مياه الفيضانات لاستقطاب مزيد من الزبائن




.. لقطات جوية تظهر فيضانات تغمر طرقات ومباني في مقاطعة ويلز بال


.. كيف وصل 160 فلسطينيا من سكان غزة إلى جنوب إفريقيا؟




.. وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني يتوجه إلى بكين لإجراء مبا