الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
صراع الأجنحة داخل نظام الملالي
مهدي عقبائي
مهدي عقبائي كاتب إيراني - عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية
(Mehdioghbai)
2025 / 11 / 5
مواضيع وابحاث سياسية
لم تعد خلافات الأجنحة داخل نظام الحاکم في إيران مجرد مناكفات سياسية تقليدية، بل تحولت إلى صراع وجودي يهدد بتقويض أساسات النظام من الداخل. ففي ظل ضعف مرشده الأعلى، علي خامنئي، تتكشف فصول جديدة من الفساد والمحسوبية، وتتسارع وتيرة الاتهامات المتبادلة بين كبار المسؤولين، مما يرسم صورة قاتمة لمستقبل النظام الذي يواجه ضغوطًا غير مسبوقة من كل جانب. إن ما نشهده اليوم ليس مجرد أزمة عابرة، بل هو مؤشر على مرحلة "ما قبل السقوط"، حيث يتهاوى جدار الثقة بين مكونات النظام، وينهار أي ادعاء بالتماسك في مواجهة الحقائق المرة.
تجلّت هذه التصدعات بوضوح في التصريحات الأخيرة لعلي لاريجاني، السكرتير الحالي للمجلس الأعلى للأمن القومي، الذي أطلق تحذيرات مشوبة بالهلع حول "عدم إدراك زعماء السياسة في إيران للمسألة الحساسة الراهنة". لاريجاني لم يخفِ مخاوفه من أن أي حادث جديد قد يدفع الأطراف المتنافسة إلى "القفز فوق بعضها البعض" وإحداث فوضى عارمة، في ظل "حرب مهمة" يتآمر فيها "الغرب بأكمله". هذا الاعتراف الرسمي من مسؤول رفيع المستوى يكشف عن عمق الأزمة الداخلية وعدم قدرة النظام على إدارة خلافاته حتى في أوقات الأزمات الوجودية.
شهدت قاعة البرلمان الإيراني في أواخر أكتوبر مشهدًا آخر من مشاهد هذا الصراع المحتدم، حيث افتتح محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان، باب الهجوم على الرئيس السابق حسن روحاني ووزير خارجيته السابق، متهمًا إياهما بـ "الإضرار بمسار التعاون الاستراتيجي مع روسيا". لم يكتفِ قاليباف بذلك، بل فتح الباب أمام سيل من الاتهامات التي طالبت بمحاكمة روحاني. لقد تحول البرلمان إلى ساحة لتصفية الحسابات القديمة، حيث طالب أعضاء مثل أميرحسين ثابتي بـ "محاكمة روحاني" وإيصاله إلى "مكانه الحقيقي خلف القضبان"، متهمين إياه بأنه "حطم أرقامًا قياسية كأكثر السياسيين كراهية في إيران". وحتى الملا حميد رسائي، لم يفوت الفرصة ليطالب بإجابات حول "قضايا السرقة العلمية" و"سرقة السجاد النفيس من قصر سعد أباد" التي طالت روحاني.
لم تأتِ هذه الهجمات من فراغ، بل هي رد فعل على محاولات روحاني للظهور مرة أخرى في المشهد السياسي مستغلاً ضعف خامنئي. فقد انتقد روحاني بشدة البرلمان ومجلس صيانة الدستور، متسائلاً عن "قيمة" القرارات التي يتخذونها عندما تكون "90% من الشعب معارضًا لها"، واصفًا القانون الذي لا يعبر عن إرادة الأغلبية بأنه "قانون روحه فاسدة". هذه التصريحات، التي تشكك في شرعية المؤسسات الأساسية للنظام، كانت كافية لتأجيج نيران الصراع. ردت الأذرع الإعلامية للنظام، مثل موقع "عصر إيران"، بوصف هجوم قاليباف بأنه نابع من "عطش دائم للرئاسة"، متسائلة كيف يمكن لرئيس برلمان يمثل "6% فقط من الشعب" أن يهاجم من ادعى الدفاع عن "96%".
وفي مؤشر آخر على تآكل سلطة خامنئي، برز مهدي كروبي، أحد قادة الحركة الخضراء، ليهاجم المرشد الأعلى مباشرة. نقل موقع "سهام نيوز" عن كروبي قوله في لقاء مع أبناء مير حسين موسوي: "الشخص الذي وصفنا نحن الاثنين بالمفتنين وعديمي البصيرة، دمر كل شيء في إيران"، مشيرًا إلى أن خامنئي "دعم التزوير والقمع في انتخابات 2009" وأن "مدعي البصيرة دمر الاقتصاد والثقافة والأمن والأخلاق". هذه الانتقادات المباشرة من شخصية داخل التيار الإصلاحي المحسوب على النظام تبرز عمق الشرخ الحاصل.
تضاف إلى هذه الصورة المعقدة، مطالبة حسين شريعتمداري، ممثل خامنئي في صحيفة كيهان، المتكررة بمحاكمة روحاني، متسائلاً: "كم خسارة أخرى يجب أن تُكشف ليحاكم حسن روحاني؟!"، واتهمه بالمسؤولية عن "الخسائر الفادحة في التسعينيات" و"دفع باقتصاد البلاد إلى حافة الإفلاس". شريعتمداري، مستندًا إلى توصية خامنئي بـ "عدم كون رواة للضعف"، ربط ضرورة محاكمة روحاني بملفات فساد ضخمة تتضمن 700 ألف شكوى شعبية.
هذه التوجيهات من خامنئي، التي دعا فيها المسؤولين ووسائل الإعلام إلى "عدم الحديث ضد بلدهم" و"عدم كون رواة لضعف بلدهم"، لم تمنع روحاني من الرد بقوة. ففي لقاء مع معاونيه، هاجم روحاني التلفزيون الحكومي ووصفه بأنه "يتبع جناحًا خاصًا وأقلية"، ويعمل على "إثارة الخلاف، الكذب والاتهامات" بدلًا من "الوحدة والانسجام الوطني". كما أكد روحاني على ضرورة التفاوض مع العالم، رافضًا مقولة "إما حرب أو استسلام"، مما يشير إلى استمرار الخلافات الجوهرية حول السياسة الخارجية.
لم يتأخر رد الجناح المهيمن، فتم الكشف عن فضائح مالية بحق روحاني ومسؤوليه. كشف ولي الله سيف، الرئيس السابق للبنك المركزي، عن "بيع ذهب البنك المركزي" في عهد روحاني، في حين كشف شمخاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي السابق، عن كذب روحاني بخصوص معرفته بحادثة إسقاط الطائرة الأوكرانية، مؤكدًا أن "الرئيس كان يعلم من اليوم الأول". هذه الفضائح المتبادلة دفعت شمخاني لاحقًا للتحذير: "كلنا في سفينة واحدة، ومن المؤسف أن يظهر ضعف في السفينة"، معترفًا ضمنيًا بحالة التصدع التي تعيشها مؤسسات النظام.
|
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. بريطانيا: الحق في اللجوء الدائم انتهى • فرانس 24 / FRANCE 24
.. مطعم يستفيد من مياه الفيضانات لاستقطاب مزيد من الزبائن
.. لقطات جوية تظهر فيضانات تغمر طرقات ومباني في مقاطعة ويلز بال
.. كيف وصل 160 فلسطينيا من سكان غزة إلى جنوب إفريقيا؟
.. وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني يتوجه إلى بكين لإجراء مبا