الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جند السماء.. أولى شرارات ألمعارضة ألشعبية ألعراقية؟

سعد الشديدي

2007 / 2 / 21
الارهاب, الحرب والسلام


في البدء كانوا من أتباع تنظيم القاعدة. وبعد ذلك تبّين، على حدّ زعمِ أرباب النظام الطائفي-العنصري في المنطقة الخضراء، بأن لهم علاقات مع تنظيم ألدكتور أياد علاوي. ولا ندري ما علاقة الدكتور علاوي بإسامة بن لادن؟ ومالذي ستجود به الأيام القادمة من تُهمٍ يرميها أبناء بول بريمر غير الشرعيين على جند السماء هؤلاء!
فالعراقيون هذه الأيام يحاولون قصارى جهدهم ألاّ يشغلوا أنفسهم بأخبار مجموعةٍ من العرب العراقيين الذين قتلتهم قوات يُقال انها عراقية، حتى وأن كان عدد من لقوا حتفهم يوم التاسوعاء الأسود، الذي ابتدأت فيه قصة جند السماء، يفوق الثلاثمائة قتيل بينهم نساء وأطفال.
ذلك ان الموت أصبح صديقَ العراقيين الذي عودوا أنفسهم، رغماً عنهم، على وجوده ولم يعد له من رهبة في قلوبهم. ففي هذا الطوفان من الجثث التي تُلقى على شطآن الأرصفة في الصباحات البغدادية المبكرة حين ينطلق اذان الفجر من منائر فقدت هي الأخرى هيبتها وبريقها، لا يبقى للموت سوى أن يمّر بموكبه اليومي ليشق طريقه وسطَ الحشد العراقي الذي ينظر اليه ببعض الريبة والذهول.
من منـّا لم يفقد عزيزاً عليه في هذا السنوات الأربع الكالحة؟ من منـّا لا ينتظر كل يوم، بل كل ساعة، أن يدق جهازه الموبايل لتظهر على شاشته الكلمة المعتادة: رقم خاص، ويأتي من بعيد نبأ موتِ حبيب أو عزيز أو صديق في حادث تفجير انتحاري أو سيارة مفخخة أو نتيجةً لفعلِ فاعلٍ مجهول نعرفه جميعاً؟
لذلك أصبح الموت هذا صديقنا الذي فتحنا له أبواب مساكننا وسمحنا له بالأسترخاء على الكنبة الأثيرة لدينا في غرفة الجلوس وأعطيناه الريموت كنترول ليُظهر لنا مهارته في حصد حياة أحبابنا بالصوت والصورة من على شاشة التلفزيون.
ولأن الحال هو هذا فمن ذا الذي ليهتمّ بثلاثمائة من العراقيين طالتهم يد القتل العمد مع سبق الأصرار والترصد!! فالأخبار تتغير والعراقي لا يريد إلا تلك التي تمنحه بعض الأمل بأستتاب الأمن والأمان وعودة الحياة الى مجاريها، حتى لو كانت تلك المجاري شبيهةً بمجاري بغداد الآسنة التي تتجمع فيها رؤوس ضحايا الحرب الطائفية الخرقاء التي تدور على ترابنا الذليل الذي داسته بساطيل شذّاذ الآفاق وتجار الموت والسياسة.
ولكنّ البعض، والبعض القليل، هم من يرى الوجه الآخر للأخبار. وهناك تكمن بقايا من الحقيقة. ففي الأيام القليلة الماضية سمعنا بإعتقال ستة عشر عضواً ناشطاً من أعضاء هذا التنظيم الذي يقولون أن اسمه جند السماء في مدينة الحلة. من بينهم طبيب وزوجته. ما الأمر؟ ألم تنته قصةُ هذا التنظيم في مدينة الزرﮔـة بمقتل قائد التنظيم وأتباعه أم ان الموضوع سيطول ويصبح قصة عنتر؟ يبدو ان الأمر سيطول. هكذا يقول لسان حال سادة العراق الجديد. فقد وجدوا منجماً للذهب الخالص يغرفون منه ما يحلو لهم حين يشاؤون.
الأخبار القادمة من العراق وهي غير تلك التي تبثها شبكة إعلام "خال الويلاد" السيد حبيب الصدر تقول أن العراق كله من شماله الى جنوبه أصبح كبركانٍ قابلٌ للإنفجار في أية لحظة بعد فشل النظام السياسي بالإيفاء بأبسط وعوده التي قطعها للمواطن العراقي. ولا نقصد حكومة المنطقة الخضراء فقط بل جميع مكونات ومؤسسات النظام السياسي الذي أفرزته إرهاصات التجربة الديمقراطية التي أجهضها الطائفيون ودعاة القومية العنصرية من تلامذة وأتباع بول بريمر ونيغروبونتي.
العراق يغلي. والمعارضة تتصاعد. ولكنّ مأزق هذه المعارضة يكمن في انها وُلدت في وضع سياسي له خياراته المحدودة جداً. فالخارطة السياسية في بلادنا تتميز، على العكس من كل الأشياء الأخرى لدينا، بالوضوح. فإما أن تكون مع النظام السياسي المُؤيَد بقوات الأحتلال أو أن تكون ضدهّ. والمشكلة تكمن، على الأكثر، فيما اذا أردت أن تكون ضدّه. فمن يعادي النظام ويرفع راية المقاومة هم من أتباع تنظيم القاعدة السلفي التكفيري وحلفائهم أو رجال نظام البعث البائد. الأمر الذي منع، ويمنع حتى هذه اللحظة، الآلاف من العراقيين الوطنيين الشرفاء، من السنة والشيعة والعرب والأكراد والتركمان وغيرهم، من التصريح بتأييد تنظيمات المقاومة العراقية أو الإنضمام اليها.
جند السماء جاؤوا بالمعجزة. وهم يستحقون بالفعل أسم جنود السماء، طيور الأبابيل، ذلك لأن معجزة من هذا النوع لا تأتي إلا من السماء. لقد طرحوا خطاً جديداً معارضاً للنظام وداعياً الى إسقاطه بعيداً عن مكونات الخارطة السياسية الشوهاء في عراق ما بعد الأحتلال. أنهم معارضون للنظام ولكنهم ليسوا من أتباع أسامة بن لادن ولا من مريدي ميشيل عفلق. أنهم صناعة عراقية أصيلة لم يُلقها الزمن على عتبات العراق ولا جائته من عبر الحدود.
ولهذا السبب لا لغيره تطاردهم عصابات النظام الطائفي من قوات وزارتي الدفاع والداخلية وقوات الأحتلال الأنكلوأمريكية. أنهم الشرارة التي تنطلق من رحم الموت، الذي صادَقَنا وصادقناه، لترسم الخط الثالث في الخارطة السياسية الجديدة. وهي الدليل على أن الجسد العراقي مازال سليماً ومعافى، وأن أزلام نظام الظلاميين الطائفيين وحلفاؤهم لم يستطيعوا قتل الروح الوطنية الوثابة للعراقيين مهما فعلوا.
قد لا نتفق مع طروحات أولئك الذين أطلقوا على أنفسهم أسم جنود السماء. وقد لا نتفق مع خطهم الأيديولوجي وتوجهاتهم التنظيمية والإجرائية والفكرية، رغم اننا لا نملك سوى القليل من المعلومات عنهم، وقد يكونوا بالفعل تنظيماً يقوم أساسه على شكل من أشكال التطرف. ولكننا رغم كلّ ذلك ندين لهم بأنهم فتحوا لنا طريقاً، وإن كان مجهرياً لا يُرى بالعين المجردة، يسير خارج المملكة الدموية لأسامة بن لادن وأيمن الظواهري ولا يمرّ بمعسكرات ضباط الديكتاتورية الذين لا يقاتلون من أجل تحرير العراق بل من أجل أستعادة أمتيازاتهم المفقودة.
دونما شكّ فإن العراقيين بدؤا بالتفكير جدياً بالخروج من القمقم الذي أُرغموا على الأنزواء في داخله. وحين يخرجون سيكونون جنوداً للأرض، من ملحها يأتون، أما جند السماء فسواءاً أنتصروا أو هُزموا فهم نجمةً في سماء العراقيين، تضئ حيناً وتنطفئ أحياناً. وستعلو بعدها نجومٌ بأنتظار شمس الحرية التي عبدها أجدادنا في بلاد سومر وأكد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان: متى تنتهي الحرب المنسية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الولايات المتحدة: ما الذي يجري في الجامعات الأمريكية؟ • فران




.. بلينكن في الصين: قائمة التوترات من تايوان إلى -تيك توك-


.. انسحاب إيراني من سوريا.. لعبة خيانة أم تمويه؟ | #التاسعة




.. هل تنجح أميركا بلجم التقارب الصيني الروسي؟ | #التاسعة