الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملامح صراع القوى الكبرى حول إفريقيا

أبوبكر الأنصاري
خبير في الشؤون المغاربية والساحل

2007 / 2 / 28
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


في استعراض تلفزيوني قامت الفضائية الجزائرية بعرض مسرحي سيئ السيناريو والإخراج والتمثيل وحاولت إعطاء الانطباع بأنها صاحب الكلمة العليا في مصير الطوارق وأن لها من الأدوات الداخلية من ضعاف النفوس في المجتمع الطارقي ومن السيطرة على الحكومة العنصرية في مالي ما يؤهلها للقيام بذلك وهو الاتفاق الذي يرفضه شعب الطوارق كله.

ومما يزيد من تفاهة المسرحية أنها تمت خلال الذكرى 47 لقيام فرنسا بأول تجربة نووية في مناطق البدو الطوارق جنوب الجزائر انتقاما منهم على تصديهم للمستعمر وتمسكهم باستقلال الجزائر عن فرنسا تلتها تجارب قامت بها فرنسا بموافقة الحكومة الجزائرية في مناطقهم بالجنوب في عهد حكومتي أحمد بن بلا الذي سلم قادة ثورة كيدال عام 1963 وتجربة ثالثة تمت في عهد الرئيس هواري بومدين الذي كان بوتفليقة وزير خارجيته لمدة 15 سنة.

وخلال عهد الرئيس بن جديد قامت الجزائر برعاية اتفاق تمنرست الذي جذر الانقسام داخل الحركة الوطنية الطوارقية ثم جاءت سنوات الحرب القذرة التي شنها جنرلات الجزائر ضد الشعب الجزائري الذي صوت عقابيا ضد حزبهم " جبهة التحرير الوطني " الذي أجرم في حق البربر والطوارق، وخلال تلك الفترة دفعت الجزائر عملائها في الحركة الشعبية بقيادة إياد غالي لحمل السلاح ضد العرب البرابيش " الجبهة العربية الإسلامية لتحرير أزواد " الذين اكتشفوا أن اتفاقية باماكو ضحك على الذقون فيما عرف بمعركة انسحاب الجبهات وجعلت عرب أزواد إلى يومنا هذا يفضلون الارتماء في أحضان مالي ضمن منسقية عرب مالي على أن ينضموا لجبهة طوارق تهيمن الجزائر على قراراتها وكرست عدم الثقة بين ما تسميه مالي طوارق الشرق كيدال وطوارق الغرب تمبكتو .

وقبل أسبوع من هذه المسرحية وأثناء الدعاية لها أبرمت مالي والجزائر اتفاق نفطي يسمح لشركات جزائرية وأخرى من دول أجنبية بالبحث عن النفط في منطقة تودني بولاية تمبكتو ليتقاسم جنرلات الجزائر ومجرمو مالي ثروات المساكين الطوارق في غياب تام لأصحاب الحق والأرض والثروة فيما يجسد المثل المصري الشهير " المال السايب يعلم السرقة " وأن يستعمل جزء من المال الطوارقي المسروق لزرع الفتن والصراع والأقتتال الداخلي بين أهل كيدال ضد أهل تمبكتو وجاو وبين العرب والطوارق أبناء الصحراء الواحدة.

مما لا شك فيه أن الجزائر " المؤسسة العسكرية " تدور في فلك روسيا وكانت تعد مع روسيا لهزيمة الغرب الذي كان يتحرك بخطى حثيثة نحو إفريقيا ليحدث بها تحولات ديمقراطية كما فعل مع أوروبا الشرقية وقد اعدوا العدة لعرقلة التغلغل الغربي باستخدام أسلوب التدليس السياسي التظاهر بالولاء لفرنسا ودس عناصر تابعة لروسيا في السياسة الأمريكية مثل رئيس مالي امادو توماني توري الذي دسوه في مجتمع السود الأمريكيين ليورط واشنطن في معاداة للسامية ضد الطوارق وتمويل السود الأمريكيين ليحكموا أمريكا وتصبح كل تدخلات أمريكا ضد البيض انتقاما من عهود الرق العبودية وبالتالي يتحالف العالم الأبيض ضدها وتسقط .

التدليس السياسي هو التظاهر بخدمة قوى كبرى وتوريطها في جرائم والولاء الحقيقي لغيرها وهو ما تفعله المؤسسة العسكرية الجزائرية بفرنسا تتظاهر بالولاء لها وتعمل لحساب روسيا ضد الغرب وما تفعله حكومة مالي تورط واشنطن في معاداة السامية تحت غطاء مكافحة الإرهاب وتعمل لحساب الصين ورسيا ضد المصالح الغربية.

وقد أدى إلغاء الانتخابات الجزائرية من طرف الجنرالات إلى تسييس لمكافحة الإرهاب يهدف لجعل واشنطن والحكام العرب التابعين لها يواجهون التيارات الإسلامية الجهادية التي هزموا بها السوفييت في أفغانستان وبالتالي ضرب الغرب بنفس السلاح الذي كسر به شوكة الاتحاد السوفيتي ، كما زرعوا في كل بلد عربي يحكمه أحد حلفاء واشنطن وزير داخلية مجرم يعمل على تحقيق نفس الهدف ونهب ميزانية الحكومة ويسعى للحكم مكان الحاكم الحالي ويسوق نفسه برفع شعار تظافر الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب وعدم إيجاد تعريف محدد له ليتسنى تسييسه بما يخدمهم ضد الحكام الموالين لواشنطن وجندوا من الصحافة الانتهازيين الذين يمجدون مكافحة الإرهاب للوصول لرئاسة التحرير أو الثراء وتصفية الحسابات مع زملائهم .

ومنذ ظهور المؤتمر الوطني لتحرير أزواد حاول جمع كلمة الطوارق حول الاستقلال وبناء الدولة الطوارقية المتحالفة مع الغرب والمدعومة من اللوبي الإسرائيلي وقدم للمحافظين الجدد الكثير من الأفكار لنزع فتيل الأزمة مع العالم الإسلامي ليكون المسلمون مع واشنطن في معركتها بالقارة الإفريقية ضد المحور المعادي لها المكون من " روسيا والصين وكوبا وفنزويلا " المدعومة في إفريقيا من " مالي والجزائر والنيجر والسودان وزمبابوي وغيرها " وأن يكون محور الاعتدال العربي المؤيد لقضية الطوارق جزء من ترسانة أمريكا واستخدام عقيدة استعمال الآخرين لتحقيق الأمن القومي الأمريكي .

إن جبهة البولساريو المدعومة من طرف الجزائر وكوبا ستعقد مؤتمرا لها للتضامن مع الشعب الصحراوي لأنها حركة تعارض حكومة موالية لواشنطن بيمنا المؤتمر الوطني لتحرير أزواد الذي يعارض حكومة مدعومة من الجزائر وروسيا والصين غير قادر على التحرك بأمان في المغرب العربي لأن الجزائر شرطي موسكو في المغرب العربي تقييد تحركاته وتسعى لعزله ودعم أسماء لا تعني لشعب الطوارق شيء منذ باعوا قضيتهم في فنادق باماكو وعينوا في سفارات مالي في كثير من البلدان وتحاول فرضهم على الشعب الذي لم يعد يهتم لاتفاقياتهم ولا يهتم بأخبارهم فهو يريد حق تقرير المصير وبناء الدولة الطوارقية.

إن الأنظمة المعتدلة في العالم العربي ترغب في التحرك ضمن الأجندة الأمريكية خطوة خطوة على طريقة هنري كسنجر لأن التسرع في هكذا قضايا غير مفيد لها.

عملية السلام والاستقرار في العراق ثم التحرك صوب الطوارق وإعداد المسرح والتحرك داخل الجاليات الطوارقية الموجودة في الخارج في الدول العربية المعتدلة ثم في الداخل المالي عبر فرنسا التي لها نفوذ على المثقفين بالفرنسية وصولا لتحقيق إجماع طوارقي حول المؤتمر الوطني لتحرير أزواد لأن 70% من شعب الطوارق يعيش خارج أرضه وأن مالي غيرت البنية السكانية للمنطقة فجعلت الزنوج أغلبية في المناطق التي تم ترحيل سكانها الطوارق وتهجيرهم إلى دول الجوار المغاربية أو الشرق العربي



إن الصراع هو بين موسكو والصين وكوبا وفنزويلا الداعمين لمالي والجزائر والسودان وزمبابوي ضد واشنطن ومنظومتها الغربية والمعتدلين العرب الداعمين للطوارق ولحركات التحرر الإفريقية لأن الحكومات الإفريقية الحالية أغلبها لا تحظى باحترام شعوبها وأن حركات التحرر هي مدخل واشنطن والغرب لحكم إفريقيا وفرنسا التي فقدت احترام الأفارقة بسبب نصرتها للحكومات المستبدة ظالمة أو مظلومة تعاني من تبعات ذلك وليس لها سوى الدخول في الأجندة الأمريكية كما فقدت دول مثل مصر والجزائر احترام حركات التحرر الافريقية لأنها تساند قتل الأقليات العرقية في القارة الأفريقية باسم مكافحة الإرهاب وهذا ما يجعل واشنطن تستبعد مصر والجزائر نهائيا من تحرك في افريقيا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف مستمر على مناطق عدة في قطاع غزة وسط تلويح إسرائيلي بعملي


.. عقب نشر القسام فيديو لمحتجز إسرائيلي.. غضب ومظاهرات أمام منز




.. الخارجية الأمريكية: اطلعنا على التقارير بشأن اكتشاف مقبرة جم


.. مكافأة قدرها 10 ملايين دولار عرضتها واشنطن على رأس 4 هاكرز إ




.. لمنع وقوع -حوادث مأساوية-.. ولاية أميركية تقرّ تسليح المعلمي