الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قضية المرأة قضية المجتمع كله

سالم جبران

2007 / 3 / 13
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


سنة بعد أخرى يزداد الاحتفال بعيد المرأة بعيد المرأة العالمي، الثامن من آذار اتساعاً، والأهم أنه يزداد عمقا من حيث المضامين والمطالب التي تطرح في هذه المناسبة.
إن مجتمعنا العربي الفلسطيني في إسرائيل يتطور تطوراً سريعاً إلى الأمام، مع تناقضات داخلية ونزوات رجعية وظلامية تحاول أن توقف هذا التطور.
من الأمور الهامة والايجابية التي حدثت في مجتمعنا خلال الخمسين سنة الماضية أن تعليم الفتيات أصبح أمراً طبيعياً ومنطقياً وضرورياً ومن مصادر الاعتزاز لشعبنا أن 56 بالمائة من الطلاب العرب في جامعة حيفا هم من الصبايا والنساء المتزوجات. ومثير للاعتزاز أن نساء في الثلاثين والأربعين والخمسين يواصلن الدراسة للّقب الثاني واللقب الثالث (الدكتوراة). أما في كل الجامعات في إسرائيل فإن نسبة النساء العربيات وصلت إلى 51 بالمائة من الطلاب العرب، كما أشار تقرير هام أعده مركز "مساواة" بإشراف الباحث الاقتصادي أمين فارس.
ولوحظ في السنوات الأخيرة أن نسبة المعلمين تنقص سنوياً في المدارس العربية بينما تزداد نسبة النساء، وكنت هذا الأسبوع في محاضرة في إحدى مدارس الناصرة فحدثني المدير أن هناك 17 امرأة معلمة مقابل ستة رجال معلمين فقط. وهذا التطور هو تطور قطري ومتصاعد.
كذلك ازدادت نسبة الطبيبات المتخصصات الممتازات والباحثات النفسيات والمهندسات والاختصاصيات المبدعات في مختلف مجالات العلوم والمهن المتطورة العصرية.
ومن بحث أجري هذه السنة في المدارس الثانوية العربية يتضح بشكل واضح، أن "حافز الدراسة" عند الفتيات أكبر، وربما هناك مجال للتفكير العميق في حقيقة أخرى، وهي أن المطالعة الأدبية بين الفتيات أكبر بكثير منها بين الصبيان. وقد دخلت إلى مكتبة إحدى المدارس فشعرت كما لو أن المكتبة للفتيات فقط!!!
هناك ثورة تعليمية وثقافية واجتماعية هادئة في مجتمعنا، يبدو من خلالها أن كل العائلات، وأيضاً الفتيات، تدرك أن العلم المتطور والمهنة الجيدة هما جناحا الفتاة المضمونان للتقدم في الحياة ولبناء عائلة عصرية راقية تقوم على التعاون والتكافؤ بين الرجل والمرأة.
وهذا التطور الهام، بعيد المدى، اخترق أيضاً العائلات المحافظة والمتدينة من مختلف الطوائف، مما يقود، حتمياً، إلى تغيير في المواقف الاجتماعية أيضاً بين هذه القطاعات أو على الأقل بين الصبايا من عائلات محافظة اللواتي عندما يتعلمن، يتعرفن على الإمكانيات المفتوحة عالمياً أمام النساء للعمل والعلم والمعرفة والخبرة والمشاركة الانتاجية في المجتمع.
ربما هذا التطور، بالذات، هو ما يرعب بعض القوى الأصولية المتطرفة المرعوبة من التطور، وربما هذا التطور ما يجعل في مجتمعنا ردّات اجتماعية رجعية ظلامية تحاول أن تعيد عقارب ساعة التاريخ إلى الوراء.
من هذه الظواهر الظلامية المفزعة والخطيرة ظاهرة قتل النساء على خلفية ما يسمى "شرف العائلة". فتدل الإحصائيات التي نشرتها الجمعيات النسائية أن تسع نساء قُتلن في السنة الماضية على خلفية ما يسمى "شرف العائلة" كما تقوم الأوساط الظلامية بتحريض دموي وهستيري معاً ضد الانطلاق العصري للنساء وخصوصاً للصبايا للتقدم العلمي والاقتصادي والاجتماعي.
هناك باحثون يقولون، ليس بدون حق، أن مجتمعنا يعيش "تصدعاً" ما، فمقابل الانطلاقة القوية للتقدم الاجتماعي، للمساواة الحقيقية للمرأة في العمل وفي العائلة وفي الحياة وفي إدارة العلاقة بين الزوج والزوجة لتسيير أمور العائلة الاقتصادية والاجتماعية، هناك "رجعة" رجعية وأحياناً ظلامية تريد، في هستيريا، أن تعيد عجلة التطور الاجتماعي إلى الوراء.
من المؤسف والمقلق أن القوى الظلامية المتخلفة عن العصر تحاول أن "تحتكر" الدين وتفسره على هواها. كأنما الدين هو سجن النساء وهو السجان الحريص على التخلف الاجتماعي وهذا طبعاً ليس صحيحاً بمقاييس الواقع. فهناك العديد من النساء المتعلمات الممتازات والناجحات من المتدينات أيضاً، وطبعاً هناك غير متدينات. التدين أو عدم التدين هو خيار ضمير، شخصي لكل رجل أو امرأة، ويجب محاربة "تطوع" البعض لإقامة "ميليشيات" إرهابية تعلن وصايتها على الدين وعلى الأخلاق وتعلن وصايتها على النساء والفتيات!
نحن نقول، بكل الثقة واليقين، إنه ما من قوة بإمكانها إعادة عجلة التطور إلى الوراء. الفتيات يتعلمن وسوف يزددن تعليماً. وسنة بعد أخرى سيكون مفهوماً ومسلماً به أن الفتاة تستحق أن تتعلم وتتطور إلى أعلى المستويات، مثل الشابتماماً. والعلم والمعرفة والمهنة تجعل المرأة قادرة أكثر على الإنتاج وعلى المشاركة وبالتالي قادرة ومستحقة للمساواة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
إن الحركات النسائية مدعوة أسرع ما يمكن إلى الانتقال من العمل بين النساء إلى العمل بين كل قطاعات المجتمع، مع القيام بعمل ضاغط على الأحزاب السياسية والجمعيات الأهلية لتسريع وتعميق التغييرات الاجتماعية التقدمية.
يجب أن تقوم جبهة عريضة، أعرض ما يمكن، تضم كل القوى العصرية والديمقراطية والثقافية والمتنورة في شعبنا، رجالاً ونساء، بما في ذلك رجال الدين المعتدلون والإنسانيون والحضاريون، لمحاربة ووقف جرائم قتل النساء. وأيضاً لانتصار كامل لشرعية المساواة للمرأة. إن الحياة الاقتصادية والاجتماعية تتطلب ذلك، والحياة الثقافية تتطلب ذلك، وانتقال شعبنا من المراوحة في مكانه إلى التحليق يتطلب ذلك. إن التقوقع هو أخو الشلل والعجز، بل أخو الموت. ومجتمعنا يظل عاجزاً ومشلولاً، بدون المشاركة الكاملة للنساء.
وقد صدق الشاعر العراقي الخالد جميل صدقي الزهاوي، النصير الرائد للمرأة. حين قال:
وهل الطائر إلاّ بجناحين يطير؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظمة سارا تطالب بوقف الانتهاكات الممارسة بحق النساء ومحاسبة


.. -لن نتراجع عن احتجاجنا ما دامت مطالبنا لم تتحقق بعد-




.. استشهاد امرأة وإصابة آخرين بقصف إسرائيلي على منزل بحي السلام


.. الإهمال والتمييز يفاقم معاناة نساء غزة




.. إحدى النازحات في أماكن اللجوء ذكريات المعصوابي