الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثلاث قصص قصيرة جداً

نواف خلف السنجاري

2007 / 3 / 22
الادب والفن


اغتيال
عاش أكثر من خمسة قرون، عشقته آلاف النساء، كان صديقاً للملوك والصعاليك، صنع أفكار الثوار والمجانين، دخل القصور الفخمة، وبات في أحقر الأكواخ، سهر مع المفكرين، نام في (الصوامع) مع الزاهدين المتعبدين واستيقظ مع الخطاة، نفي وأبعد لأنه حارب الطغاة.. وبينما هو نائم مع أصدقائه على رصيف (شارع المتنبي)- بعد نشوة الانتصار-!! اقتربت عربة الموت وانفجرت لتحيل كل ذلك التاريخ إلى رماد وقصاصات متناثرة من الورق ودخان ممزوج بعصارة الفكر الإنساني.

ثورة

لدي دائماً شيء أقرأه، عندي دائماً شيء اكتبه، ولكن نادراً ما أجد شخصاً أحكي له همومي.. فقليلون هم الأشخاص الذين نستطيع أن نفتح لهم قلوبنا ونفرش أمامهم (صرة) همومنا المكتظة.. كنت مختنقاً وبحاجة إلى أي إنسان أنفض أمامه مأساتي، والظلم الذي لحق بي ..
فأنا منذ طفولتي منبوذٌ ومضطهدٌ ومسلوبة إرادتي ومخنوقٌ صوتي وخائفٌ من إعلان(عقيدتي) التي أصبحت عبئاً وعدواً لي كما ذيل الثعلب !
جلستُ وحيداً مهزوماً فوق قمة جبل مرتفع لعل شكواي تصل إلى السماء.. يملأ روحي الحقد حتى على الإله الذي خلقني! كنت أريد أن أبكي لكن الدموع كانت عصية وأبت أن تريحني، فالحقد والغضب والرغبة في الانتقام عندما تسيطر على نفوسنا تجعل حزننا كحشرة أمام مارد جبار وتموت الرغبة في البكاء!
لا أدري كم من الوقت مر علي وأنا على تلك الحال مذهولاً ومشدوهاً عن العالم، ولكن عندما رفعت راسي قليلاً رأيت الشمس( التي أقدسها) قد شارفت على الغروب فلعنتها بصوت عالٍ، وتمنيت أن تصطدم بالأرض لكي نفنى ونرتاح!
هممت بالنهوض فأحسست بيد تربت على كتفي، جفلتُ واستدرت لأواجه شيخاً جليلاً بوجه ملائكي ابتسم وقال:
- لا تخف يا بني
- من أنت ومنذ متى وأنت هنا؟
- لا أعرف من أنا ولكنني هنا منذ الأزل!
- هل أنت مجنونٌ مثلي ؟ فانا لا افهم ما تقول
- إن كان الجنون ثورة، فأنا أول المجانين!
شعرت بالصغر أمام كلماته الغريبة، وقلت بانكسار:
- الثورة.. الحرية.. كلمات محرّمة وممنوعة علي قبل المهد، قبل الولادة، بل منذ أن كنت في رحم أمي وأنا أخاف من هذه الكلمات!
- الخوف المزروع داخلك نمى وغطى كل شيء، فلم يعد للفرح مكاناً في نفسك
- كيف أتخلص من هذا الخوف؟
- الم تسمع أن " اكبر الثورات تبدأ بثورة الإنسان ضد نفسه" ؟
واختفى الشيخ بلمحة بصر.. فصرختُ بأعلى صوتي:
- سأنتصر على الخوف... سأنتصر على الخوف...
غطى الصدى أرجاء الوادي العميق ...
في صباح اليوم التالي شاهد الرعاة جثة شاب أسفل الوادي، وعلى شفتيه بقية ابتسامة لم تكتمل !


عبور
الجسد الناحل ملقى على الأريكة، والروح هائمة قلقة تريد أن تنفذ عبر الحاجز الواهي الذي يفصل بين اليوم والغد، بين الواقع والمجهول.. بين المعقول واللامعقول، تريد أن تظفر براحة أبدية.. بعد أن ذاقت مر السقم، آملة أن ترى النور بعد كل هذا الظلام و التعب والفقر.. تقطع آخر خيط يربطها بتلك الكتلة البائسة المليئة بالحرمان والطموح والضعف، فتعبر متشوقة إلى الجهة الأخرى وتضيع وسط سديم لا نهائي وفراغ مرّوع !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال


.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81




.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما