الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حصاد القمة !

كاظم محمد

2007 / 4 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


ان قادة الانظمة العربية ، لازال همهم الاوحد ، هو كيفية المحافظة على استمرار سلطتهم السياسية في مواجهة المتغيرات والتحولات ، وكيفية تنفيس الاستياء والغضب الشعبي، وامتصاص نتائج تداعيات الاذعان الرسمي العربي لنهج سيد البيت الابيض ، في تحويل بلداننا وشعوبنا الى اقطاعيات مُشاعة سياسيآ واقتصاديآ وعسكريآ ، واخضاعها لمتطلبات الاهداف الامريكية ، وحاجات الامن الجغرافي والسياسي لأسرائيل .

لم يدرك قادة انظمتنا المعتدلون بعد ، ولا اصحاب القمة الاخيرة ، ان منطقتنا وخاصة في العراق ولبنان وفلسطين قد جعلت من الوحش الامريكي ينوء تحت الضربات التي وجهت له ، وان قوة الارادة والمقاومة استطاعت ان تفشل وتعيق خططه الاقليمية ، وتجعل من ذراعه الاسرائيلي قاصرآ على القيام بالمهام المتوافقة والمتكاملة مع مشروعه الكبير ، وان هذه الارادة الشعبية لمنطقتنا هي التي صاغت المتغيرات للعديد من المواقف الدولية ، وجعلتها اليوم سيفآ سياسيآ مسلطآ على رقاب ادارة الحرب الامريكية ، ليتعمق بها حرجها السياسي ويزداد يوما بعد يوم عزلة نهجها وشخوصه ، ويتكرس من خلالها صراع ( الحمائم والصقور ) في عقر دار هذه الادارة .
لذلك فالقول ان هذه الانظمة ، مسلوبة الارادة وعاجزة حتى عن ادراك شخصيتها السياسية الاعتبارية ، يغني عن القول بعدم فهمها لمجمل المتغيرات الدولية ومؤشراتها العميقة الدلالة ، بان التحول جاري لجهة التعدد القطبي الدولي ، وان الانحسار والجزر هو من نصيب النهج الامريكي والقائمين عليه ، وان هذه الانظمة ، اي انظمتنا العربية ، لا زالت مصرة على الحاق نفسها في رٌكب ادارة متهاوية مع استراتيجيتها المهزومة ، متناسية ان تضع لنفسها ولشعوبها استراتيجيتها الخاصة التي تخدم مصالح وقضايا وتطلعات هذه الشعوب .

فأذا كان الجهد السياسي والدبلوماسي النشط لاقطاب الادارة الامريكية عشية انعقاد القمة قد تكثف لجهة ترشيد التوجهات والقرارت التي صدرت عن القمة ، فأن ما يكابده واقعنا العربي قد فرض نفسه على قادة العديد من الانظمة العربية ، وخاصة المتخادمة منها مع الولايات المتحدة الامريكية ، والذي تجلى بتصريحات جديدة ، لاتمس جوهر المواقف السابقة من قضايا مصيرية وملتهبة .
فما هي القيمة السياسية في القول بأن (العراق تعرض لاحتلال غير شرعي ) ، ومن ثم تأتي مقرارت القمة حول العراق لتكرس نتائج هذا الاحتلال ، ومنها تنطلق في (معالجاتها) للوضع العراقي ، وعليها تستند في مقومات الحل .
ان القول ، وكما جاء في هذه المقررات " ان حل الازمة العراقية ، يقع في المقام الاول على الحكومة العراقية والقيادات السياسية العراقية ، وعلى دعم وتعاون الدول العربية ودول الجوار في تفعيل المصالحة الوطنية .." ، ما هو إلا استجابة للنظرة الامريكية في طبيعة الحل الذي يكرس الاحتلال ويعرقنه ، وهو بنفس الوقت تواصلٌ مع استراتيجية بوش في اشراك دول الجوار بتنفيذ خطة الخنق للمقاومة العراقية ، والقوى المناهضة للاحتلال .
ففي الوقت الذي تعمدت (قوى الاعتدال) في هذه القمة ، بفصل موضوعة الاحتلال عن طبيعة الماساة التي يعيشها العراق من شماله الى جنوبه ، فأن القمة مجتمعةَ ، قد فشلت في صياغة مشروع حلٍ عربي حقيقي يساعد الشعب العراقي في التخلص من الاحتلال ونتائجه السياسية والاقتصادية والعسكرية ، ويدعم المشروع الوطني العراقي ، بدعوته الصريحة والواضحة الى خروج قوات الاحتلال التي تسببت في تفكيك الدولة والوطن ، والغاء عمليته السياسية ، ورفض بقاء اي وجود عسكري وتحت اي ذريعة ، وفي اي بقعة من ارض العراق .

لذلك فأن ما ينطبق على العراق في مقرارت القمة ، يسري على القضية الفلسطينية ، في طرح مبادرةٍ عربية مقروءةٍ ومقرورةٍ ومرفوضةٍ اصلآ من اسرائيل ، ومهمولة تمامآ من واشنطن حتى اسابيعٍ مضت ، فما الذي استجد ؟ ، حتى يحاول قادة (الاعتدال) إيهامنا من جديد ، بأنهم جادون ، ومن جديد أيضآ في تحصين الهوية العربية ، وجادون ومن جديد ايضآ بعزمهم على فرض حلٍ للقضية الفلسطينية ، وهم الذين اول من استجاب لمقاطعة الحكومة فلسطينية المنتخبة ، وساهموا في معاقبة الشعب الفلسطيني على (نزوته الديمقراطية) ، في الوقت الذي تؤكد توجهاتهم الارتهانية للولايات المتحدة ، بفقدانهم لمقومات فرض هذه المبادرة على ارض الواقع ، حيث تفرض اسرائيل ( سلامها الاستراتيجي) بقوتها العسكرية بمواجهة شعب اعزل ، لا يسمح قادة اشقاءه من العرب ، بخروج تظاهراتٍ تضامنية سلمية معه .

لقد عزم قادة انظمة الحكم العربية ، وحسب اعلان الرياض على ، دعم مقومات الهوية العربية وترسيخ الانتماء اليها ، ونادوا بترسيخ التضامن العربي المفقود ، وشددوا على احياء مؤسسات حماية الامن العربي ، واكدوا خيارهم الاستراتيجي بالسلام العادل والشامل ! ولم ينسوا كذلك استلهام القيم الدينية في نبذ العنف والغلو والتطرف ، ونشر ثقافة الاعتدال ورفض الارهاب.
فكيف ستسوق هذه الشعارات ، وكيف سيتم تأهيل الشارع العربي لهذا التسويق ، وهو الذي خبر هذه الانظمة وسياساتها ولعقود طويلة ، كونها لا تخرج عن متطلبات استمرارها في الحكم ، ولا تميل او تنحرف عن دائرة الخنوع للحارس الامني لهذه الدائرة .
ان مقومات الهوية العربية ، ترتبط بتحقيق برامج وطموحات النهضة الفكرية والثقافية والاقتصادية وبلورة اشكال جديدة من صيغ الديمقراطية الوطنية ، والتي من الصعب تخيل ان تكون انظمتنا مؤهلة للنهوض بها او حتى المساهمة في انعاش بعض عناصرها .
لقد اصبح معروفا اسباب التناغم بين متطلبات السيد الامريكي في نشر( ثقافة الاعتدال) واستجابة واصرار انظمتنا على محاربة ما يعاكسه ، لضمان استمرارية التسلط القائم ولوصم الوطنيين والمقاوميين والممانعيين بالتهمة الجاهزة ، لذلك فلا حرج في تقوية (التضامن العربي المعتدل) على اساس نبذ العنف والغلو والتطرف ، والتخلي عن الثوابت والحقوق .
ولذلك فهم كرسوا (الخيار الاستراتيجي بالسلام ) بعد ان تخلوا طوعآ عن اي اداة اخرى لفرضه ، واستجابوا (لمناشدة ) كوندليزا رايس " بان على العرب ان يمدوا يدهم لأسرائيل " ،على ان تُقرأ مبادرتهم بالمقلوب فيكون التطبيع اولا ثم التفاهم والتفاوض الى ماشاء الله على ما تبقى ، لقد رفض اولمرت المبادرة ، وفشلت رايس باجباره على موقف يشجع على الاستمرار بانجازٍ ما ، لتحريك (عملية لسلام) وتطويق نتائج رفضه ، مما جعله ( يوافق على الاجتماع مع القادة العرب لمناقشة افكار السلام) .
لذلك جاءت قرارات القمة العربية بمجملها وبما يخص البؤر الملتهبة في منطقتنا العربية متوائمة مع الجهد الدبلوماسي والسياسي الذي بذلته الادارة الامريكية خلال الاسابيع الماضية في تحديد اطر التحرك العربي وترشيده وضبط نتائجه ، وقولبة قراراته بالشكل الذي يخدم الخيارات والبدائل الأمريكية ، والتغيير لما يسمى (بالأستراتيجيات الجديدة) والتي عادت فيها بخفي حنين الى توصيات (بيكر – هاملتون) في التعامل مع فشلها في العراق ولبنان وفلسطين.

ان البحث عن مخرج من الوحل العراقي هو ما شغل ويشغل ادارة بوش في تعاملها مع تداعيات احتلالها للعراق ، وهي المعركة الطاغية في ظاهرها وتفاصيلها عل مسرح الاحداث الداخلية الامريكية والاقليمية ، لكن الكثير من البيانات والمؤشرات ، تؤكد ان المعركة الدائرة ، وخاصة في الحلبة الامريكية ومؤسساتها الدستورية ، يتمحور حول مجمل ومستقبل النهج الامريكي برمته ، والذي سيقود الى خسارة النفوذ الامريكي في منطقة الشرق الاوسط وبروز دول اقليمية تحدد مستقبل هذه المنطقة بأهميتها الاستراتيجية وحساسيتها الجيوسياسية .
فمتى يدرك (المعتدلون العرب) وغيرهم في قممنا اتجاهات الرياح ، ومتى يفقهوا ان السنين القليلة القادمة ستشهد دابر الأيام لنظام القطب اواحد ، ولتغيرات كان يجب مواجهتها بمشروع استراتيجي عربي نابع من الخيارات الوطنية والقومية ، التي تكرس مقومات وعناصر النهوض والتعاون الاقتصادي والسياسي وصولآ لأفاق التكامل والتكتل في مواجهة شروط التفاعل والتواصل البناء ، بعيدآ عن التبعية والتجزئة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن تعتزم فرض عقوبات على النظام المصرفي الصيني بدعوى دعمه


.. توقيف مسؤول في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس- لحساب الصين




.. حادثة «كالسو» الغامضة.. الانفجار في معسكر الحشد الشعبي نجم ع


.. الأوروبيون يستفزون بوتين.. فكيف سيرد وأين قد يدور النزال الق




.. الجيش الإسرائيلي ينشر تسجيلا يوثق عملية استهداف سيارة جنوب ل