الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اسود او ابيض / في ثقافة أقاصي الاختلاف

احمد ثامر جهاد

2007 / 4 / 9
المجتمع المدني


منذ سنوات مضت كان الاختلاف – مجرد الاختلاف – سواء في النظر إلى الحياة أو المجتمع أو الثقافة أو السياسة حلما منشودا لمعظم العراقيين الذين أدمنوا لعقود طوال واحديه اللون في الوجود كما في العدم. ذاك الاختلاف المعقول والمشروع والعميق في أن تجد أكثر من خيار وأكثر من رأي في ابسط أشكال الممارسة البشرية هو بحد ذاته قيمة متطلبة دوما في حياة المجتمعات المتقدمة. انها قيمة إنسانية مثلى كانت تقيم لسنوات عدة خارج قاموسنا الحياتي . فنحن كعراقيين سنبقى على ما يبدو من ذوي الوظيفة الواحدة والزوجة الواحدة والقميص الواحد والبيت الواحد ..........
والأدهى ان هذا الواحد الأوحد أيا كان ، يختارنا ولا نختاره ، يمرغ حياتنا في أنساقه القسرية الأليمة ويسلمنا إلى نهايتنا الأكيدة سالمين امنين قانعين . لكن المفارقة ان ذاك الاختلاف بوصفه الرديف الأمثل للحرية والابتكار والتقدم أصبح اليوم بفعل الإفراط في استخدامه الأعوج وكذا التمترس عند قشوره دون بلوغ الجوهر فيه نقمة مستعصية تدمر اتزان المجتمع وتلتهم ما تبقى من قطرات العقلانية فيه.
حتى بات اختلافنا الثقافي والسياسي والطائفي وعلى مرأى ومسمع من العالم آفة مستشرية بشكل مرضي، تلتهم الكائن وأحلامه بلمح البصر من دون الحاجة لمعرفة سبب أو حكاية أو دليل. وبقدرة قادر اصبح الجميع لا يطيق الجميع والفرد لا يطيق نفسه حتى . الساسيون يشتمون بعضهم علنا ورجال الدين يحرض بعضهم البعض الاخر، في سباق عنيف لبلوغ قاع الهاوية مبكرا . وتدريجيا وقع الجميع أسرى حرب الاختيار الأوحد ثانية .
الأسود أو الأبيض، قدرنا النهائي هكذا . ولا يحق لك والحال هذه الوقوف بينهما أو الترفع عن الألوان كلها . فتلك حرب أقاصي الأشياء بنهايتها الكريهة . الحرب الدامية التي أخذت الاعتدال إلى منفاه ونصبت سنن الاختلاف الدموي حكما للمشهد العراقي الراهن المفجوع بداء التطرف في السياسة والثقافة والمعتقد.
وبركام من التحولات الدراماتيكية المضحكة /المبكية عراقيا ، فرت منا إلى الأبد نعمة الحوار ولم نكن قد دخلنا بعد جنتها المتحضرة . حتى بات من المألوف أن يختصم اثنان من المثقفين أو سواهم ، فيتمرنون إلى حين على سب بعضهم البعض في الهواء الطلق أو في الصحف أو على شبكة الانترنيت الفسيحة ، ليجربوا لاحقا لعبة اللكمات الشديدة على الوجه أو أسفل البطن ، هكذا صعودا نحو استخدام السلاح الأبيض والأحمر ، الجارح منه والمميت . وستكون اشد خلودا من الآخرين لو انك أقدمت على تمزيق أحشاء خصمك أمام ضياء الكاميرا.
ومن حين إلى آخر تبدد حياتنا وحياة أجيالنا القادمة في كفاح بطئ لاستعادة الدرجات الدنيا من الثقافة الإنسانية التي تعني فيما تعني شيئا من الاتزان والحكمة والتسامح والحرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيتو أمريكي ضد منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم الم


.. هاجمه كلب بوليسي.. اعتقال فلسطيني في الضفة الغربية




.. تغطية خاصة | الفيتو الأميركي يُسقط مشروع قرار لمنح فلسطين ال


.. مشاهد لاقتحام قوات الاحتلال نابلس وتنفيذها حملة اعتقالات بال




.. شهادة فلسطيني حول تعذيب جنود الاحتلال له وأصدقائه في بيت حان