الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني …الحقائق المعاصرة وافاق المستقبل

ساجد شرقي المشعان

2007 / 5 / 1
ملف الاول من آيار -العلاقة المتبادلة مابين الاحزاب السياسية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني


لايمكن تأطير عمل الاحزاب السياسية ، فهي تعتمد على مقومات تكاد ان يكون اعتمادها على الخبرة اقرب منه الى العلم ، وعليه ان التخصص الحزبي في مجال ما دون اخر غير ممكن ، فهي تمتلك برامج سياسية واقتصادية كما تمتلك فلسفة خاصة بها تستخدمها لادارة السلطة والمجتمع .. على عكس منظمات المجتمع المدني ، فلكل من هذه المنظمات دورا ووظيفة محددة تعالج مشكلة مطروحة في البيئة التي تكونت فيها ولاترتقي هذه المنظمات باي حال من الاحوال الى قيادة المجتمع من خلال الوصول للسلطة ، انما تشكل محورا اساسيا يراقب و يقوم اداء السلطة . ومن هنا تأتي اهمية العلاقة والترابط بين الحزب السياسي ومنظمات المجتمع المدني ، في الوقت الذي تكمن خطورة تدخل الاحزاب في توجية المنظمات وجعلها حلقات تعمل في اطارها كون ذلك يفرغ المنظمات من محتواها وبالتالي يضعف دورها ومن ثم لاتلقى احتراما في مجتمعاتها ، لذا فان الاحزاب السياسية تضع لنفسها نظريات وفلسفة خاصة وبرامج من خلالها تضع اسسا لمجمل الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية .. فهي تتبنى عقائد معينة تتطلع من خلالها الى تحقيق الاهداف ، وبالتالي فهي تهدف الى الوصول الى السلطة لتقود المجتمع وتوجهه في ضوء فلسفتها ، وهذا يفسر تباين الاحزاب في تبني هذه العقيدة أو تلك ،الا ان ذلك لايعني انها(الاحزاب) تبتعد في اهدافها عن منشأها ، فهي تتجذر به وتتطور وفق ثوابت اساسية ، فالاحزاب الدينية لاتبتعد بأي حال عن تبني فلسفة الدين ونظرته في تنظيم الاسس الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية ، وكذلك الحال بالنسبة الى الاحزاب ذات النشأة الديمقراطية لايمكن تصور وجودها دون نظام برلماني يعتمد على الانتخابات وتطلعها لتحقيق نظام ينسجم وتلك النشأة وهذا ايضا يحدد دورها فهي تنشط في اوقات الانتخابات وتضمحل في اوقات اخرى ، في حين الاحزاب ذات التوجه العلماني ( ليبرالي ، اشتراكي ، اشتراكي ديمقراطي ،شيوعي ، ماركسي .... الخ ) فهي تتسلح بنظريات تحلل تكوين المجتمع ومن ثم تضع لنفسها برنامج معين يحدد المسارات للوصول الى قيادة المجتمع وبالتالي تحقيق الاهداف التي تنشدها ، فمثلا الصراع بين من يمتلك راس المال والقوى العاملة المنتجة في العالم عبر التاريخ ادى الى بروز الطبقة العاملة وضلت حاضرة في الميدان في كافة ارجاء العالم وهي تناضل ضد ظلم واضطهاد النظام الراسمالي السارق لقوة عملها والمضطهد لحريتها والمترف بسبب تطفله واستغلاله لمجمل حياتها . مما قاد ذلك الى التفكير بضرورة الانسجام والاندماج مع من يقود مطالبها . وبالتاكيد ان هذا النضال ماكان يحرز تقدما امام سلطة الدولة الراسمالية لو لم يكن هناك حزبا سياسيا تبنى اسسا نظرية ارتكزت وطبيعة العلاقة بين قوى العمل ووسائل الانتاج وعلاقات الانتاج ، وبالتالي تبني الاسس الفكرية التي ادت الى ديمومة نضال هذه الطبقة لتقود المجتمع فيما بعد ، ومن هنا تتكرس العلاقة المتبادلة بين هكذا تنظيم ومنظمات المجتمع المدني القريبة من هذا المسار .
ولكي نوضح اكثر دور المنظمات من خلال الدورالريادي للطبقة العاملة في العراق كونها جزء هام من حركة المجتمع المدني بالتفاعل والتعاون مع الاحزاب المؤازرة لها على سبيل المثال لا الحصر . نجدها ادت دورا فاعلا ومؤثرا في الساحة السياسية العراقية الامر الذي جعلت الطبقات الحاكمة انذك تتصدى لها كونها تهدد مصالحها البرجوازية ، لكن مع هذا استطاعت ان تسن اول قانون عمل عام 1927 ومن ثم تشكلت النقابات عام 1927 ، وفي عام 1931 طالبت ضد رسوم البلدية ، وطالبت من اجل اطلاق سراح السجناء وايجاد فرص عمل للعاطلين ، وطالبت ايضا ضد رفع سعر الوحدة الكهربائية ، في عام 1931 طالبت ضد رسوم البلدية وطالبت بأطلاق سراح السجناء وايجاد فرص عمل للعاطلين ... الخ ، وكما هو معلوم ان هذه المطالب لا تخص العمال فحسب وانما عموم المجتمع وبهذا فهي ادت دورا من ادوار منظمات المجتمع المدني ، وظلت على مدى ذلك التاريخ تناضل من اجل حريتها و تحقيق اهدافها وتتصدى للظلم ، فقد اغلق مقر الاتحاد العام للعمال العراقي وزج بقادته وناشطيه في المعتقلات ونفي الاخرين منهم ، واستمر الحال في فترة حكم البعث المظلم حيث تمت تصفية احزاب عمال الزيتون من خلال فتح النار في 5 تشرين الثاني 1968، وكذلك شرع البعث قانون العمل الرجعي عام 1970 والذي يحظر بموجبه حق الاظراب والتنظيم والتظاهر ، كذلك جاء قرار مجلس قيادة الثورة في 1987 الذي قضى بتحويل العمال الى موظفين لسلب جميع مكتسبات الحركة العمالية ، من هنا يمكن القول ان التفاعل الفكري والتعاون والترابط بين المجتمع المدني والاحزاب السياسية من جهة ومراقبة وتشجيع ونقد السلطة وبالتالي تقويمها من جهة ثانية هو الذي يجسد فاعلية المجتمع المدني لاسيما وان الحزب السياسي عندما يؤدي دوره وهو خارج السلطة يدخل في اطار المنظمة وهذا يعزز بطبيعة الحال التنظيم المدني والحركة السياسية التي تتفاعل والمجتمع المدني . وبالتالي من الصعب بمكان تصور هذا الانسجام دون ان تكون هناك مشتركات فكرية وعقائدية تنسجم فيما بينها لتؤدي هذا الدور ، ومن هنا تتضح العلاقة الوطيدة بين المجتمع المدني العمالي في مثالنا اعلاه والاحزاب التي طرحت لنفسها برامج تتبنى من خلالها قضايا هذه الشريحة المهمة في المجتمع ، حيث لايمكن تصور حزبا ذات منشأ ديمقراطي على غرار الاحزاب في الغرب أو احزابا دكتاتورية تستطيع ان تنسجم في طروحاتها مع طروحات الطبقة العاملة كون فلسفة كل من هذه الاحزاب لاتنسجم وتوجهات المنظمات العمالية على الاطلاق .
ومن هنا يمكن الوصول الى نتيجة مفادها ان الاطار الذي تنتظم فيه العلاقة بين الافراد والجماعات والتنظيمات والكيانات السياسية لابد ان تتفاعل وتتقارب مع الاحتفاظ بموقومات كل منها ، وبالتالي تنتج جراء ذلك ثقافة متقاربة وفق ماتتطلبه الحياة الفكرية والسياسة والاجتماعية والثقافية ، على ان لاتخضع لسلطة أو اشراف الدولة ، وكذلك نشاطات المجتمع المدني يجب ان لاتخضع هي الاخرى الى تسيس نفسها لهذا الحزب او ذاك مع ضرورة تمتين العلاقة والتعاون بينهما ، لان جعل هذه المنظمات في خدمة اهداف القوى والاحزاب السياسية من شأنه تفريغ المجتمع المدني من مضمونه الحقيقي ، مع ملاحظة اهمية انظمام الاعضاء في الاحزاب المختلفة الى المنظمات في المجتمع سواء اكانت منظمات نقابية او عمالية اوغيرها لان ذلك يشكل غنى فكري يتيح لها ان ترصن اهدافها بشرط ان تبقى مستقلة في عملها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا خصّ الرئيس السنغالي موريتانيا بأول زيارة خارجية له؟


.. الجزائر تقدم 15 مليون دولار مساهمة استثنائية للأونروا




.. تونس: كيف كان رد فعل الصحفي محمد بوغلاّب على الحكم بسجنه ؟


.. تونس: إفراج وشيك عن الموقوفين في قضية التآمر على أمن الدولة؟




.. ما هي العقوبات الأميركية المفروضة على إيران؟ وكيف يمكن فرض ا