الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خير الإعلام ما قل ودل

ابراهيم سبتي

2007 / 5 / 11
الصحافة والاعلام


يسود اعتقاد شائع بين الناس ، بأن اغلب وسائل الاعلام والفضائيات ، سلبية على طول الخط ولو بالنسبة للوضع العراقي على الاقل . ويمكن ان نعتبر هذا الاعتقاد صحيحا ، ان سلمنا بان كل الاخبار المتعاطية مع الشان العراقي هي مقصودة وموجهة لالحاق اكبر ضرر ممكن بالمواطن العراقي قبل الحاق الضرر باي شيء اخر .
ربما يعتقد المواطن المغلوب على امره ، بان الاعلام الموجه ضده يزيد في مأساته ويؤجج انفعالاته واستنكاره ضد الحكومة وخاصة في مجالي الارهاب الطائفي والخدمات وهما ما يتحدث عنهما الناس على مدار اليوم منذ اربع سنوات. هذا الاعلام لعب دورا مهما في تعزيز فكرة هوان الحكومة وضعفها واضعاف رغبتهم و توجهاتهم الجديدة في اختيار نمط حياتهم . ولم يكن الاعلام في حال من الاحوال ، وسيلة لنصرة المواطن وايضاح طريق النجاة ، بالعكس تماما ، فقد كان جل الوقت الذي ينفقه البث الاعلامي المرئي خاصة ، موجه آليا لاضعاف ارادة الناس والتقليل من فرص المواطنة والتشكيك بالثقة مع الحكومة ..
وفي تجارب ميدانية ، حرصت بعص القنوات الفضائية على بثها بانتظام ، قضية اعدام الرهائن من المواطنين الابرياء بواسطة المجاميع المسلحة التي تعلق لافتات سود خلفها .. ان هذا المشهد بعيد كل البعد عن اخلاقيات مهنة الاعلام .. بل انه يشكل نوعا من انواع الارهاب المباشر والمشحون والمكثف ، الموجه للمواطن العراقي المبتلى بكل الاشياء ..
وبنظرة فاحصة لردود فعل المشاهدين على هذه اللقطات المقززة ، سنجد ان كثير منهم قد هجروا الفضائيات التي تبث تلك الاشرطة وبالتالي فأن هذه المحطات التي تجاهد وتعمل بلا كلل لكسب جمهورها من داخل العراق وخارجه ، قد منيت بهزيمة ساحقة وهي تجد ان فعلها المشؤوم ادى الى نتائج لم تحسب جيدا .. وبالفعل فقد تداركت هذه الفضائيات الامر وقللت باستيحاء من عرض المشاهد المرعبة التي تدعي انها حصلت عليها بواسئلها الخاصة التي لن تحددها طبعا !!
لكنها لم تجذب المشاهد العراقي الذي تعودت جره الى حلبتها مع انها تحاول تزيين صورتها بكثير من الرتوش والالوان الجذابة !! وعرض لقاءات مع شخصيات مختلفة مذهبيا وفكريا لاعتقادها بان كل استضافة على هذا النمط هو كسب لحشود جديدة من العراقيين المتلهفين لسماع المعلومة والحدث والشائعات ..
بل ذهب بعضها الى انتاج برامج خاصة عن الفساد الاداري في العراق او مقاولات اعمار المحافظات وهو ما يشكل تدخل سافر في الشان الداخلي لايقل خطورة عن التدخل السياسي .. ولم تحرك بعض قنواتنا ساكنا في هذا الاتجاه وظلت برامجها محصورة باطر محددة لايمكن تجاوزها واللحاق بالطفرة الاعلامية العملاقة التي صارت مثار دهشة وابهار المتابعين لها . بل ان المذيعين فيها يجلسون محنطين لاحراك لهم يذيعون الاخبار بوجوه خالية من الايحاءات وتوزيع النظرات بتمثيل محترف ، لا هم لهم غير الانتهاء ومغادرة المحطة ..
وذهبت بعضها الى النيل من كل ما هو عراقي ، تاريخا وحضارة وثقافة وابداعا والتشكيك بعروبة البلاد وغيرها من التكهنات والاوهام التي تعود الى عقول متدربة في صياغة التظليل والاحداث واعتبار اللحمة الوطنة من المحرمات ..
ان الوضع العراقي بعد سقوط النظام المتسلط ، قد سحب بعض الفضائيات الى خانة جديدة لم تكن موجودة ، خانة الاصطفاف ومواجهة الوضع الوليد بعد تلك السقطة المريعة للنظام ..
فكان الاصطفاف المدعوم من خزائن دول وتجار وسماسرة ، اعطى الشرعية للارهاب وعكس كل صحيح وعدل كل اعوجاج ..
فكان ومازال ينظر بعينيه لابعيون العراقيين الذين خبروا الاهوال والمصائب ..
وبذلك سجل الاصطفاف الفضائي ، سابقة لم يشهدها الاعلام العربي من قبل واعتبار القضية العراقية الاولى بالاخبار والتحليلات ودفع الاخبار المتعلقة بالقضية الفلسطينية الى الخلف بعدما كانت الاولى على مدى عقود .
فهذا التطور عمق من جراحات العراقيين ولم يدع المجال ولو فسحة من الزمن لجر الانفاس بعد الضيم والاستعباد ..
فلعب الاعلام على الوتر الطائفي مساندا بذلك الدعوات المشجعة عليه عن طريق الشخصيات التي تحاورها والتي ترتعد ويتصبب عرقها وتصاب بغيبوبة وهي تصرخ باعلى الحناجر لا للتغيير في العراق ومن ثم البكاء على ايام النظام السود ، وهي ايام كانت لهم نعمة ، او عن طريق بث الافلام المروعة لصور الجثث والتدمير والالام المصاحبة لنشرات الاخبار . فهي في عمل دؤوب ومتواصل لزرع بذور الشقاق ومن ثم رعايتها ومداراتها لتكبر وتنضج .
في حين نرى ان وسائل الاعلام المحايدة ، لم تقم بما يجب ان تقوم به من تسكين للوضع او فضح ما يجرى في الخفاء والعلن من قبل الاعلام الآخر.. ونجد الاعلام العراقي العام ، الحديث نسبيا لم يلتفت الى الاخطار الرهيبة المحدقة بالبلاد ولا بالذي يجري في معسكرات الاعلاميين التابعين للجهة المقابلة ..
فغرق في تفاصيل هامشية تاركا الحبل على الغرب وكأن الامر لايعنيه .. حتى اننا لنعجب احيانا بأن خبرا صغيرا وغير مهما يتناقله اعلامنا عن اصطدام حافلة بقطيع من الاغنام في احدى الدول الافريقية او الناخبين في هاييتي يستعدون للانتخابات ، فهي غير مهمة في حياة العراقيين ولا معنية بشؤونهم المتقلبة .. ومع احترامنا لمحرري الاخبار ، الا ان اختيار الخبر من اولى مهام الوعي الاعلامي وبالتالي فان الخبر الصاعق يؤدي الى شد الناس ولف انتباههم وخاصة فيما يتعلق بالوضع المتداخل في العراق ..
وفي لحظة تامل بقف حائرين امام هول الامكانات التي تدير شبكات الاعلام المؤثرة ، عربية كانت ام غربية فأنها تنقل الحدث المتطاير والسريع فور وقوعه او التنبؤ به ..
ودوائر الاعلام هذه قادرة على تحريك الوضع السياسي لاية دولة وربما حدوث التغيير فيها مع ما يتناسب وتوجهات الامبراطوريات الاعلامية هذه .. ونوجه تضرعنا للاعلام المخرب .. ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء ونقول لاراحة انفسنا ..
خير الاعلام ما قل ودل ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا تنظر في حصانة ترامب الرئاسية في مواجهة التهم


.. مطالب دولية لإسرائيل بتقديم توضيحات بشأن المقابر الجماعية ال




.. تصعيد كبير ونوعي في العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل|


.. الولايات المتحدة تدعو إسرائيل لتقديم معلومات بشأن المقابر ال




.. صحيفة الإندبندنت: تحذيرات من استخدام إسرائيل للرصيف العائم س