الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا: التغير الديمقراطي يمر عبر رئيس مسيحي ..والمرشح ميشيل كيلو

سليمان يوسف يوسف

2007 / 5 / 24
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


في نهاية نيسان الماضي جرت الانتخابات الشكلية لأعضاء مجلس الشعب السوري للدور التشريعي التاسع، وقد قاطعها غالبية السوريين احتجاجاً على نظام الانتخابات، ولانعدام ثقتهم بهذه المؤسسة التشريعية التي لا تعبر عن ارادتهم وإنما عن ارادة سلطة صادرت حريتهم وارادتهم في اختيار ممثليهم.وفي هذه الأيام تستعد سوريا للاستفتاء على التجديد لولاية ثانية للرئيس بشار الاسد مدتها سبع سنوات والمقرر اجراءه في السابع والعشرين من الشهر أيار الحالي.وكان مجلس الشعب قد وافق بالإجماع على التجديد للرئيس بشار الاسد.وقد شُكلت لجان أساسية وفرعية في جميع المحافظات والمدن والجامعات السورية وخصصت ملايين الليرات لتنفيذ خطة النشاط الجماهيري والإعلامي التي وضعتها القيادة القطرية لحزب البعث،من تنظيم مسيرات واقامة مهرجانات خطابية وفتح المضافات، في اطار حملة الاستفتاء التمديدي للرئيس بشار الأسد.هذه الاجراءات تعكس قلق السلطات من أن تكون نسبة المشاركة في الاستفتاء ضعيفة وتكرار ما حصل في الانتخابات التشريعية الأخيرة، خاصة بعد أن دعت قوى المعارضة السورية الشعب السوري لمقاطعة عملية الاستفتاء. وقد أثار آليات وطريقة اختيار الرئيس في سوريا مجدداً جدلاً حامياً لدى مختلف الأوساط السياسية والثقافية والشعبية السورية،خاصة لدى أوساط المعارضة. إذ أن الدستور السوري الذي وضعه حزب البعث الحاكم ينص على أن يكون الرئيس عربياً سورياً بعثياً مسلماً، وتنص المادة الثامنة من الدستور على أن حزب البعث هو (قائداً الدولة والمجتمع).ومن المعروف أن القيادة القطرية للبعث هي التي تسمي الشخص المرشح لرئاسة الجمهورية وتنحصر مهمة أعضاء مجلس الشعب بالمصادقة والموافقة على مَن ترشحه القيادة القطرية لهذا المنصب من غير نقاش أو اعتراض. مما يعني أن الغالبية العظمى من الشعب السوري،أكثر من 90%، لا يحق لها الترشح للرئاسة وتبؤ هذا المنصب وبالتالي غياب أي مستوى من المنافسة والممارسة الديمقراطية في اختيار الرئيس. ربما يرى البعض من السوريين وغير السوريين في الدعوة لانتخاب رئيس مسيحي لسوريا نوع من الطرفة السياسية أو الهذيان السياسي.وقد يتساءل البعض الآخر، لماذا رئيساً مسيحياً لسوريا وفي هذه المرحلة تحديداً.بلا شك، أنها تحفظات وتساؤلات مشروعة.
بداية أود التأكيد على أن هذه الدعوة قطعاً هي ليست للانتقاص من مكانة أحد في سوريا أو التقليل من شأن ومنزلة الأشقاء المسلمين السوريين شركاء المسيحيين في الوطن السوري. كما أنها ليست استعلاءً دينياً،ولا تخفي أية أهداف أو غايات دينية ضيقة، وإنما أطلقها لاعتبارات ومصالح وطنية بحتة.وهي أولاً وأخيراً مجرد رؤية أو فكرة من مواطن سوري مسيحي وآشوري يعمل في الشأن العام حريص على إخراج سوريا من المأزق السياسي والديمقراطي الذي قادها اليه النظام القائم ومن حالة الاستبداد القومي التي فرضها عليها البعث الحاكم منذ قرابة نصف قرن. وجد في التوافق الوطني على شخصية مسيحية مناسبة ومستقلة ببرنامج وطني لتكون رئيساً لسورية لمرحلة انتقالية محددة حلاً معقولاً لإخراج سوريا من أزمتها السياسية الراهنة. واقعية هذا الحل تأتي أولاً: من البسيكولوجية التاريخية والثقافية والخصوصية الاجتماعية للمسيحيين.هذه الخصوصية تجعلهم أكثر شرائح المجتمع السوري مهيأة لنقل سورية الى مرحلة الديمقراطية والليبرالية والدولة العصرية وجعل سوريا وطناً لكل السوريين وتحييد الدولة(السلطة السياسية) تجاه المسألة الدينية والقومية واتجاه المعضلة الطائفية التي بدأت تقلق الكثيرين في سوريا في ظل ما تشهده دول الجوار من احتقانات طائفة ومذهبية.ثانياً: من الوضع الأقلوي للمسيحيين السوريين، تعدادهم نحو 10% من سكان سوريا.هذا الوضع لا يُمكن المسيحيين من التمسك بالسلطة والاستئثار بها،حتى لو أرادوا ذلك،خاصة وأنهم لا يشكلون كتلة سياسية واحدة ومتماسكة ولا أحزاب أو تنظيمات خاصة بهم،كما أن المسيحيين ليسوا منخرطين في المؤسسة العسكرية الى المستوى الذي يُمكنهم من توظيف هذه المؤسسة في خدمة أطماع سياسية سلطوية فئوية.ثالثاً: و هو الأهم،من أن المسيحيين هم أكثر شرائح المجتمع السوري حرصاً على السلمي الأهلي وتمسكاً بالوحدة الوطنية وبسوريا كوطن نهائي لكل السوريين،هذا ليس تشكيكاً بوطنية أي مجموعة أو مكون من مكونات المجتمع السوري،وإنما أقول هذا لأن المسيحيين أكثر فئات المجتمع السوري تضرراً من أية فتنة داخلية قد تنجر اليها سوريا تحت ضغط وتأثيرات تفجر المعضلة الطائفية والمذهبية والصراعات العرقية في العديد من دول المنطقة.لا شك،أن التوافق على رئيس مسيحي يبدو صعباً في ظل الراهن السوري المعقد لكنه ليس بمستحيل إذا توفرت النوايا والإرادة في تغليب المصلحة الوطنية على المصالح الفئوية والحزبية الضيقة.ومن خلال معرفتي بمختلف القوى السياسية ومتابعتي لخطابها واحتكاكي بالطيف السوري المتنوع أرى هناك إمكانية وفرصة لتحقيق التوافق الوطني على رئيس مسيحي لمواجهة استحقاقات المرحلة وتحدياتها. حتى جماعة الأخوان المسلمين من غير المتوقع أن يعترضوا على تبؤ مسيحياً رئاسة البلاد، إذا ما التزموا بالميثاق الوطني الذي وضعوه صيف 2002 والذي يحدد (الإسلام) دين الدولة وليس دين رئيس الدولة،كما هو وارد في الدستور السوري الحالي.والسيد صدر الدين البيانوني، المرشد العام لأخوان سوريا والذي يأخذ من لندن(منفاه) مقراً له، قال، في إحدى مقابلاته التلفزيونية، رداً على سؤال فيما إذا كانوا سيوافقون كحركة اسلامية على وصول مسيحياً الى رئاسة الدولة السورية: لا يوجد لدينا ما يمنع ذلك، فهذا من حق كل مواطن سوري بغض النظر عن انتمائه الديني أو القومي.لهذا فيما يخص تحقيق هذا التوافق الوطني تبدو الكرة هي في مرمى السلطة.
هذا التوافق عل رئيس مسيحي إذا ما تم سيشكل ،كما أعتقد،مدخلاً للتغير الديمقراطي والتداول السلمي والهادئ للسلطة في سوريا وسيبعث في المجتمع السوري الاطمئنان والآمان وسيحقق (المصالحة الوطنية) التي تدعو اليها المعارضة السورية. الى جانب هذه الفوائد السياسية التي ستتحقق لسوريا بوجود رئيس مسيحي مستقل ومحايد ببرنامج وطني، سيشكل المسيحيون رافعة حقيقة لتقدم البلاد وازدهارها ونافذة كبيرة للانفتاح على العالم.إذ سينتعش الاقتصاد السوري بفضل حالة الاطمئنان والاستقرار والشفافية التي ستسود المجتمع وتحييد القضاء واستقلاله عن السلطة التنفيذية وعن تدخل الأجهزة الأمنية وبفضل ضمان تكافؤ الفرص وتوزيع عادل للثروة في البلاد،فضلاً عن تشجيع المسيحيين السوريين المغتربين، يقدر عددهم بأكثر من ثلاثة ملايين مغترب،على استثمار أموالهم داخل سوريا وربطهم بالوطن السوري. كما أن تولي مسيحياً رئاسة الدولة السورية سيعزز الوجود المسيحي في سوريا بعد أن اهتز هذا الوجود بسبب تنامي الاتجاهات الإسلامية المتشددة واستهداف المسيحيين من قبل مجموعات إسلامية متطرفة.إذ سيوفر الرئيس المسيحي نوع من الاستقرار النفسي والمعنوي لمسيحيي سوريا وتخليص (الشارع المسيحي) من مشاعر الإحباط واليأس وهواجس القلق من المستقبل،وهذا من دون شك،سيحد من نزيف هجرة المسيحيين السوريين وتركهم لوطنهم. وأيضاً ستُقدم سوريا للعالم الحر على أنها دولة حضارية عصرية وليست عنصرية تقوم على مبدأ (الدين لله والوطن للجميع) وسيشكل الرد العملي والصحيح على جميع المتعصبين دعاة التفرقة الدينية وعلى جميع الأفكار العنصرية الغريبة على ثقافة وحضارة سوريا. كما أن التوافق على رئيس مسيحي، سيعيد الاعتبار للمسيحيين السوريين،هذه الشريحة الوطنية الأساسية، التي لم تبخل يوماً في الدفاع عن سوريا وإنجاز استقلالها الوطني في زمن الاستعمارات والانتدابات الأجنبية وفي جميع معاركها الوطنية والقومية الأخرى مع اسرائيل.جدير بالذكر هنا، أن أكثر من مائتي شاب من آشوريي الجزيرة السورية تطوعوا للقتال في حرب فلسطين عام 1948 دفاعا عن فلسطين ضد الاحتلال الإسرائيلي وقد وقع منهم ثلاثة عشر شهيداً استقبل الأهالي جثامينهم بالأهازيج.مع هذا بقي الآشوريون والمسيحيون السوريون عامة مغيبين ومبعدين سياسياً وعن المشاركة في ادارة البلاد وحرموا دستورياً من تبؤ رئاسة البلاد كما حرموا من تسلم مناصب سياسية ووزارات سيادية. ثم أننا نتساءل: لماذا تتوفر للسوري المسيحي فرصة أن يصبح رئيساً في دول أخرى وهو مغترب- انتخب كارلوس منعم وهو مسيحي من أصل سوري رئيساً للأرجنتين- في حين يحرم من هذا الحق في موطنه وبلده الأصلي سوريا. بلا ريب،هناك في سوريا دوماً الكثير من الشخصيات المسيحية الوطنية،مثلما يوجد شخصيات اسلامية، تتوفر فيها كل المؤهلات و الإمكانيات لقيادة سوريا.وهنا أعطي لنفسي الحق في ترشيح الكاتب والمفكر المعتقل( ميشيل كيلو)،فك الله أسره،لهذا المنصب.وتزكيتي له قطعاً ليس استفزازاً لأحد في السلطة التي زجت به وبرفاقه، رموز الحراك الديمقراطي والحقوقي ونشطاء المجتمع المدني، في السجن ظلماً بسبب مواقفهم وآرائهم السياسية التي لا تتوافق مع توجهات هذه السلطة،وإنما أرشحه على ضوء معرفتي الشخصية به ومن خلال كتاباته وأفكاره الديمقراطية والليبرالية ومن خلاله مواقفه الوطنية، وقد أظهر الشارع السياسي السوري والعربي تعاطفاً واضحاً معه ومع زملائه المعتقلين.بالطبع،بموجب الدستور الحالي لسوريا لا يحق للمسيحي أن يتبوأ منصب رئاسة الجمهورية حيث يشترط الدستور على الرئيس أن يكون مسلماً.لكن هناك مساحة زمنية كافية لإلغاء أو تعديل هذه المادة. ألم يعقد مجلس الشعب - بعد وفاة الرئيس حافظ الأسد عام 2000- جلسة خاصة وبزمن قصير وقياسي ووافق بالاجماع على تعديل المادة الخاصة بعمر الرئيس في الدستور وتم تخفيض العمر الى أربعة وثلاثون عاماً ليتوافق مع عمر الدكتور بشار الأسد وأصبح رئيساً لسوريا.وأكاد أجزم بأن أحداً من أعضاء مجلس الشعب السوري الحالي لن يجرأ على الاعتراض فيما إذا قررت السلطة القائمة تعديل الدستور لفتح الطريق أمام مسيحي للوصول الى القصر الجمهوري بدمشق.

سليمان يوسف.... كاتب وناشط سوري آشوري.
القامشلي [email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: اجتماع أمني تشهده وزارة الدفاع حاليا


.. القسام تعلن تفجير فتحتي نفقين في قوات الهندسة الإسرائيلية




.. وكالة إيرانية: الدفاع الجوي أسقط ثلاث مسيرات صغيرة في أجواء


.. لقطات درون تظهر أدخنة متصادة من غابات موريلوس بعد اشتعال الن




.. موقع Flightradar24 يظهر تحويل الطائرات لمسارها بعيداً عن إير