الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحكمة باثر رجعي: تضييع الممكن في سبيل المستحيل . الحلقة الاولى - الطريق الى حزيران

الفرد عصفور

2007 / 5 / 31
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


مقدمة:
يعيش الانسان العربي هذه الايام ذكرى حزينة.
ذكرى الليل الطويل الذي طال اربعين سنة.
الخامس من حزيران هزيمة قاصمة مازلنا نعاني منها وسنظل.
فهي هزيمة نتجت عن حرب لم تقع عفوا ولم تكن وليدة صدفة او خطا سياسي. ربما كانت وفق مخطط بعيد الامد لعبت فيه الصهيونية العالمية وحلفاؤها دورا ذكيا من حيث تهيئة التربة العربية والدولية ومن حيث التخطيط والتوقيت.
كما اسهمت القوى العربية بانهاك نفسها وتفكيك قواها ببراعة لا تحسد عليها.


الحلقة الاولى: الطريق إلى حزيران

كانت الاحداث والأجواء التي سبقت الحرب وصنعت الهزيمة سريعة متتابعة لم تترك للقوى الواعية المجربة فرصة التحرك للحيلولة دون وقوع كارثة جديدة.

ولم يكن ينبغي للامة العربية ان تفاجأ بذلك العدوان ولا بتلك الحرب. الا ان اسرائيل استطاعت نتيجة لعوامل عديدة ان تكسب الجولة ففرضت عن طريق الغزو المسلح والقوة العسكرية احتلالها على الضفة الغربية وعلى الجولان وعلى سيناء وغزة.

في عام 1976 تساءل الملك حسين في خطاب مهم امام مجلس الشؤون العالمية في لوس أنجلوس "كيف أتيح لمشكلة كانت باهظة الثمن بالنسبة للجميع وضد مصلحة كل الاطراف وتهدد الاقتصاد العالمي بالدمار كما تعرض العالم لحرب عالمية ثالثة كيف أتيح لهذه المشكلة ان تظل قائمة وان تظل تتعاظم مع الزمن بكل ما تحمله من مخاطر وأهوال.
وبما ان الانسان ليس ميالا بطبيعته الى تدمير نفسه فلا شك ان التفسير الوحيد لما نعاني منه اليوم يكمن في اخطاء وسوء تقدير كل الاطراف المعنية". (1)

هذا التفسير لا يزال قائما وصالحا لهذا الزمن ولم يتغير رغم ان كثيرا وكثيرا جدا من المياه سالت تحت جسور نهر الاردن. كما سالت الكثير من الدماء البريئة على الاراضي العربية وخصوصا الفلسطينية منها.

بطبيعة الحال فان الحكمة بأثر رجعي أمر ميسور ومغرٍ في آن، وان كان مكروها ولا يأتي بنتيجة بل قد يكون مثل جلد الذات. لكن القراءة الواعية للأحداث بهدف الإفادة من الأخطاء وتداركها واجب لا بد من أدائه، خاصة إن حدث ذلك من خلال محاولة قراءة الماضي القريب بمعطيات الحاضر ونتائج أحداثه وتطوراتها.

فالهزيمة التي اصابت الوطن والأمة تحتم على المرء ان يفكر مليا: لماذا كانت الهزيمة ولماذا ظلت الهزيمة تلاحقنا. لماذا ما زلنا منذ اربعين عاما نراوح مكاننا. لم نستعد الارض ولم نحقق الاهداف. لم تقم الدولة الفلسطينية ولم يعم السلام الحقيقي في منطقة عانت كثيرا من الحروب والخسائر.

يزخر تاريخ القضية الفلسطينية بالفرص الضائعة وقد خلقت كل فرصة ضائعة اخطارا تفوق الاخطار السابقة. وقد علمنا التاريخ ان البديل الوحيد للتقدم نحو السلام هو التحرك نحو الحرب. والحرب هي اسوأ الخيارات التي يمكن ان يلجأ الهيا اطراف النزاع. وحروب الشرق الاوسط لم تفرز ابدا لا رابحين ولا خاسرين انما افرزت مقابر وأوهاما وبذورا لحروب مستقبلية.

كانت حرب حزيران مقدمة لما تلاها من حروب مثلما كانت نتيجة لما سبقها من حروب. وعند مراجعة ادبيات تلك الحرب او الهزيمة يشعر المرء وكأن تلك الحرب لم يكن بالاستطاعة تفاديها بالمطلق. فحرب حزيران كانت عدوانا بكل معنى الكلمة. وقد حضرت له اسرائيل جيدا قبل موعده بسنوات طويلة وذلك باعتراف قادة اسرائيل انفسهم. احد هؤلاء مناحيم بيغن الذي اعترف بنفسه في محاضرة له امام كلية الدفاع الوطني التابعة للجيش الإسرائيلي. قال بيغن: ان تركيز القوات المصرية في سيناء عشية حرب حزيران لم تشر الى ان عبد الناصر كان ينوي الهجوم يجب ان نكون صادقين مع انفسنا: نحن قررنا ان نهاجمه. (2)

ويثبت ذلك ما رواه كثيرون غيره من قادة اسرائيل الذين كشفوا انه منذ العام 1963 وإسرائيل تعد العدة لحرب حزيران. وقد وضعت خطة "المنديل الاحمر" وظل يجري تعديلها وتطويرها والتدرب عليها طوال الوقت بانتظار لحظة الحسم.

بطبيعة الحال لم تكن اسرائيل لتجرؤ على القيام بما قامت به لولا الدعم الاميركي المباشر. فمنذ عام 1966 باتت الولايات المتحدة والغرب عموما غير مقتنع بجدوى التعايش مع عبد الناصر وأصبحت السياسة الاميركية في الشرق الاوسط تعتمد على إسرائيل وتركيا بدعم من حلف الاطلسي.

اما إسرائيل فقررت ان العام 1967 هو الوقت المناسب للحرب. ففي تلك السنة اكملت إسرائيل تسليح جيشها وأتمت تدريبه بينما كان الدعم الأميركي في أوجه عشية انتخابات الرئاسة 1968.

المسرح الإقليمي أيضا كان مهيأ. فالوضع العربي ممزق شر تمزق. والخلافات العربية عميقة جدا. الجيش المصري وغيره من الجيوش العربية مشغولة في حرب اليمن. الجيش السوري مرهق بالانقلابات والعداوات الحزبية والطائفية. مشكلات اقتصادية جذرية تعصف بالاقتصادات العربية وخصوصا مصر وسوريا. الدول العربية المحافظة معادية لعبد الناصر. الاجواء كلها تنذر بكارثة.

استغلت إسرائيل كل هذا واستعدت لتوجيه الضربة القاضية. فقد كانت إسرائيل تنظر بعين خاصة للأراضي العربية. ففي مقابلة مع صحيفة لوموند الفرنسية في حزيران عام 1966 قال موشي دايان: "ان خطتنا المضادة في حال هجوم مصري علينا تقضي بتثبيت العدو في سيناء ثم نهاجم الضفة الغربية من الأردن ونحتلها. ولما سأله الصحفي: وإذا لم يهاجمكم الأردن؟ اجاب دايان: هذا امر لا يهمنا اطلاقا. سواء هاجم الأردن ام لم يهاجم، لا بد ان نهاجم الأردن ونحتل الضفة الغربية وباسرع ما نستطيع". (3)

ولكن كيف تهيأ لإسرائيل كل هذه الظروف المواتية ليكون هجومها في حزيران نصرا مؤزرا؟ والسؤال الاهم لماذا هيأ لها العرب كل الظروف التي تخدمها وتجعلها تبدو لحلفائها على الاقل بأنها تدافع عن نفسها؟

والسؤال الاخر المهم: كانت تهديدات إسرائيل مكشوفة، ومعروفة، والموقف الأميركي المعادي لمصر وعبد الناصر معلنا. فلماذا لم يستعد العرب لتلك المعركة، ليس للنصر على إسرائيل بل على الاقل لمنع الهزيمة بهذا الشكل الفاضح.

يبدو ان الهجوم الاسرائيلي على قرية السموع في الضفة الغربية عام 1966 لم يكن سوى تدريب ومناورة للحرب القادمة. حيث استطاعت إسرائيل ان تختبر مدى جدية العرب في التضامن ومدى جدية القيادة العربية الموحدة. وكانت نتيجة الامتحان لصالح إسرائيل.

كانت الحرب الباردة العربية احد الاسباب التي لعبت إسرائيل عليها لتحقيق النصر. ومع ذلك كان هناك من القادة العرب من تعالى على الجراح وتجاوز الاساءات وحاول اصلاح الموقف بهدف انقاذ ما يمكن انقاذه.

الملك حسين بحكم تجربته وحكمته، كان يخشى ان أي حرب في المنطقة ستعطي إسرائيل الفرصة التي تنتظرها لتبتلع الضفة الغربية. فلم يتردد في تحذير عبد الناصر. فقد كان يلمس مدى النفوذ الإسرائيلي في واشنطن ولم يكن مطمئنا لمواقف الادارة الأميركية.

لكن آخرين، بعضهم دول عظمى وبعضهم جاؤا الى السلطة على ظهور الدبابات، كان همهم توريط الامة العربية وجرها إلى الهزيمة. هؤلاء هم الذين اختلقوا الاسباب التي قادت مباشرة إلى تصعيد التوتر وبالتالي اعطاء إسرائيل الذريعة للانقضاض على الاراضي العربية وتحقيق الهدف الذي كانت تنتظره.

الاتحاد السوفياتي الذي كان في عز الحرب الباردة مع الغرب، وحرب فيتنام مستعرة، اراد شيئا لنفسه في الشرق الاوسط. والأنظمة الهشة، في دمشق مثلا، ارادت لنفسها شيئا. وكذلك منظمات فلسطينية خرجت عن الاجماع العربي وراحت تتصرف بطريقة مشبوهة تجر ردود افعال اسرائيلية في غير وقتها وفي غير مكانها.

هل كان الامر مؤامرة ام سوء تقدير او نوايا خبيثة فكله سواء. فالأمور بخواتيمها.

كان الموقف غير المستقر في سورية سببا رئيسيا يدفع حكامها للتحرش بإسرائيل والتهويل من حجم الخطر الإسرائيلي. لكنهم لم يحرصوا على اتخاذ الاجراءات الدفاعية المناسبة.

ومنذ ان سيطرت مجموعة من الضباط البعثيين العلويين على السلطة في دمشق لفتوا انتباه موسكو وكسبوا تأييدها. فقد سرهم ان ينالوا تأييد دولة عظمى تواجه الولايات المتحدة والغرب، وموسكو اعجبها واستهواها ان صار بيدها نظام حاكم في الشرق الاوسط مستعد لتنفيذ ما تطلبه منه.

شرارة الحرب انطلقت من الاستغاثة السورية المزعومة بوجود حشود اسرائيلية على حدودها. هذه الحشود جعلت مصر تعتقد ان إسرائيل تستعد لمهاجمة سورية. لكن الحقيقة ان السوريين كانوا يسعون إلى خلق حالة توتر في المنطقة تسمح لهم بإحكام سيطرتهم على البلاد من جهة ومن جهة ثانية توريط مصر في حرب مع إسرائيل.

ما هو الهدف وراء ذلك؟ ما هو سر الحشود التي لم تكن موجودة؟ لا احد يعلم على وجه الدقة. لكن التحليلات اظهرت انه كان هناك تلاقي مصالح روسية سورية أميركية إسرائيلية. والخاسر كان مصر والأردن. نجحت الخطة في توريط العرب في حرب لم يحددوا مكانها وزمانها وبالفعل دفع الأردن ومصر الثمن كما خطط النظام في دمشق.

منذ بدات حكاية الحشود الاسرائيلية المزعومة احس الملك حسين ان في الامر شيئا. طلب ان يحضر اليه إلى عمان الفريق عبد المنعم رياض من القيادة المصرية، وحمله رسالة إلى عبد الناصر تتضمن معلومات في غاية الخطورة وطلب منه ان تسلم إلى الرئيس عبد الناصر شخصيا.

المصادر المصرية تتحدث عن ان فحوى تلك الرسالة يتضمن معلومات خطيرة عن فخ يدبر لمصر لتوريطها في حرب وان السوريين مخترقين وبعضهم متواطىء مع جهات اجنبية. استقر الرأي على ان هناك بالفعل مؤامرة لاستدراج مصر وتوريطها بحيث يمكن ضربها وإظهارها بمظهر المعتدي، وكانت سورية هي طعم الاستدراج او التوريط. لكن التحذير لم يصل إلى عبد الناصر إلا متاخرا. (4)

تصرف السوريون بأن جعلوا الحل هو الشعار مكتفين بشعار الحرب الشعبية وشعارات اخرى مثل تسليح الجماهير. كانوا مستعجلين لإثارة حرب تشترك فيها الجماهير وبعد ذلك الطوفان. لكن عبد الناصر بصبره وعقلانيته وحكمته منع الكارثة ولكن إلى حين.

ظل عبد الناصر منذ انتهاء حرب السويس يحاول تجنب الحرب. وتجمع المصادر العربية والأجنبية انه لم يكن يريد الحرب مع إسرائيل. بل انه كان في مرحلة ما يريد مصارحة الجماهير بما يساوره من افكار بشان اقامة سلام يضع حدا للقضية الفلسطينية.

ففي الاجتماع الرسمي للوفد السوري مع عبد الناصر في القاهرة في تشرين الثاني 1966 تحدث الوفد عن التوتر على حدود سورية مع إسرائيل وضرورة ان تواجه مصر وسوريا معا بإجراء ردعي. فرد عليهم عبد الناصر: "لا بد ان تفكروا بالحساب فلا نقول اكثر من اللازم ولا اقل من اللازم. الامانة تقتضينا ان نحسب جيدا والنقطة التي اخاف منها هي ان اعداءنا يحاولون توريطنا في عملية مع إسرائيل". (5)

كما ينقل هيكل عن محضر اجتماع الرئيس عبد الناصر مع الملك فيصل عاهل السعودية في القاهرة في العام 1965 قوله: "ليس عندي خطة لتحرير فلسطين. وكنت اعلم مقدما ان هذا الكلام سوف يحدث خيبة امل لدى الشعوب العربية... فنحن بالفعل جميعا لا نملك خطة لتحرير فلسطين ولا نملك الوسائل لتحقيق هذا الهدف على فرض لدينا الخطة. واعتقادي ان الصراع بيننا وبين إسرائيل قضية مئة سنة. والمزايدة الان في هذا الموضوع لن يكون من شانه الا تضييع الممكن في طلب المستحيل". (6)

كان عبد الناصر يوافق على ضرورة مصارحة الامة بالحقائق. وكان آخرون يرون العكس. يرون ان اعلان الحقائق قد يكون صدمة للناس. والغريب ان جمال عبد الناصر قال عشية حرب حزيران تعبيرا قاطعا في معناه: احسن للناس ان يصدموا اليوم من ان ينهزموا غدا.. (7)

ولكن هل صحيح ان الاغراء اقوى من العقل؟

ما دام ان عبد الناصر يعرف حجم القدرات التي تملكها مصر، وكان يسعى بالفعل إلى تعزيز العلاقات مع أميركا وإيجاد تسوية سلمية مع إسرائيل كما يقول محمد انيس فتحي في كتابه مصر من الثورة إلى النكسة، فلماذا لم يكن يقوى على اعلان مواقفه الحقيقية علنا ويقول ما يؤمن به بصوت عال؟

من المؤسف حقا ان يظهر احد الزعماء حكمة وروية في مجالسه الخاصة ويعجز عن العمل بها عندما تدعو الحاجة اليها بصورة ملحة.

قبل عام 1967 كان عبد الناصر يرفض كل مطالبات عبد الحكيم عامر بشن حرب على إسرائيل، او اغلاق خليج العقبة بوجه الملاحة الإسرائيلية اذ كان يؤمن ان مثل هذا الاجراء معناه اشعال الحرب في وقت تكون فيه مصر غير مستعدة لها.

قد يكون اصرار عبد الناصر على العقلانية والحكمة في مواجهة تهور عبد الحكيم عامر ان لجأت الجهات الخارجية المتآمرة إلى حيلة نفذها النظام السوري من خلال الادعاء بالحشود على الجبهة مع إسرائيل.

كانت روسيا تعلم ان مصر ستمنى بهزيمة ولن تجد امامها سوى الالتجاء إلى روسيا. لم تغضب روسيا لهزيمة حلفائها في الشرق الاوسط بل كانت تلك خطتها التي تسعى اليها. فترتمي مصر وسوريا في احضان روسيا، وتنحاز أميركا اكثر إلى إسرائيل، وتنضج فكرة الاستقطاب في الشرق الاوسط مما يفتح الطريق لموسكو بان يكون لها موطئ قدم في المنطقة.

طبعا ثبت ان موضوع الحشود على الجبهة السورية كان كذبة وكان حيلة وطعما وفخا سقطت فيه مصر وسقطت معها المنطقة العربية كلها.

وكما يقول هيكل محللا ومفسرا فقد كانت سورية هي عنصر الاثارة الذي يمكن استغلاله، ومصر هي مركز الثقل العربي الذي يجب ضربه والضفة الغربية هي الجائزة التي لا بد من الحصول عليها. (8)

ولكن كيف وقع عبد الناصر في الفخ.

وفقا لتصريح محمود رياض لمجلة المانية ان الرئيس عبد الناصر تأثر بالمديح الذي اسبغه العالم العربي عليه وعلى الجيش المصري منذ بدا الانتشار في سيناء، ثم انتشى بالضجة العالمية التي رافقت ذلك حتى بات مقتنعا بان إسرائيل صعقت وذعرت من القوة التي ظهر فيها الجيش المصري.

وعشية حرب حزيران، كانت تصريحات عبد الناصر قوية ومثيرة إلى درجة ان الذين كانوا يستمعون اليها ظنوا ان إسرائيل لن تصمد يومين امام الجيوش العربية.

كانت الحشود في سيناء تجعل من امكانية الحرب مع إسرائيل محتملة بنسبة خمسين في المئة اما اغلاق المضائق فقد جعلت الحرب مؤكدة مئة بالمئة. وعندما سال الرئيس عبد الناصر قائد جيشه عبد الحكيم عامر هل القوات المسلحة جاهزة يا عبد الحكيم؟ فضرب عبد الحكيم يده على رقبته وقال: برقبتي يا ريس، كل شيء تمام. (9)

ربما كان هذا التأكيد من عبد الحكيم عامر، والثقة العمياء التي كان يوليها عبد الناصر لقائد جيشه جعلته يطلق التصريحات النارية الرنانة. ففي يوم الاعلان عن اغلاق مضائق تيران قال عبد الناصر اذا ارادت اسرائيل الحرب نقول لها اهلا وسهلا. وفي26/5/1967 قال انه اذا اختارت إسرائيل العدوان ضد سورية او مصر فان المعركة ستكون شاملة وسيكون هدفنا الاساسي تدمير إسرائيل. وفي يوم التوقيع على اتفاقية الدفاع المشترك مع العراق قال: اننا ننتظر المعركة على احر من الجمر. (10)

في الخامس من حزيران 1967 وخلال ساعات فقط وقعت الكارثة. ووقعت الهزيمة. وانكشف المستور. ووجدت الانظمة العربية نفسها مكشوفة وعارية امام الحقيقة وأمام شعوبها.

كانت حربا مزعومة على رأي الملك حسين الذي كان اكثر القادة العرب وعيا بالمخاطر وتقديرا بما سيحدث. وكانت المملكة الاردنية الهاشمية اكبر المتضررين من الحرب. حربا مزعومة لم نخضها وفق المواصفات المناسبة. حرب فرضت علينا لأسباب عديدة اهمها الاطماع الإسرائيلية والضعف العربي العام وهواة السياسة. (11)

بعد الهزيمة سارعت عناصر من القيادة السورية إلى مقولة انه لم تكن هناك حشود على الجبهة السورية وإنهم لا يعرفون من اين جاء الاتحاد السوفياتي بهذه المعلومات. والملك حسين اشار في رسالة إلى عبد الناصر عبر الفريق رياض والتي تسلمها عبد الناصر متاخرا لأسباب سوء الادارة، اشار إلى ضلوع عناصر في القيادة السورية مع المخطط الذي وضع لنصب الكمين لمصر. وبعد الحركة التصحيحية التي قادها حافظ الاسد عام 1970 اشار بطريقة غامضة إلى ارتباطات معينة بين عناصر نافذة في السلطة وبين جهات استعمارية معروفة. (12)


يتبع الحلقة 2

الهوامش:
1. 25 عاما من التاريخ: مجموعة خطب جلالة الملك الحسين الجزء الثالث صفحة 561-572
2. محاضرة في كلية الدفاع الوطني الاسرائيلية في 8/8/1982 منشورة في موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية
3. حسن مصطفى، حرب حزيران 1967 الجزء الاول ص 115 منشورات المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت 1973
4. محمد حسنين هيكل، الانفجار ، الحلقة 12 ، صحيفة الرأي الاردنية 26/5/1990
5. محمد حسنين هيكل، الانفجار، صحيفة الرأي 19/5/1990
6. محمد حسنين هيكل ، الانفجار، حلقة 9/5/1990 صحيفة الرأي الاردنية.
7. محمد حسنين هيكل، الانفجار، الحلقة 11 صحيفة الرأي الاردنية 23/5/1990
8. محمد حسنين هيكل، الانفجار، حلقة 19/5/1990، الرأي الاردنية.
9. انور السادات: البحث عن الذات، ص 225 ، منشورات المكتب المصري الحديث، القاهرة، 1978
10. حسن مصطفى، حرب حزيران 1967، الجزء الاول ص 105 منشورات المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت 1973
11. الملك حسين، مهنتي كملك، ص 218 ، وحربنا مع اسرائيل ص 64
12. محمد حسنين هيكل، الانفجار، الحلقة 25 الرأي 27/6/1990








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمطار غزيرة تضرب منطقة الخليج وتغرق الإمارات والبحرين وعمان


.. حمم ملتهبة وصواعق برق اخترقت سحبا سوداء.. شاهد لحظة ثوران بر




.. لبنان يشير إلى تورط الموساد في قتل محمد سرور المعاقب أميركيا


.. تركيا تعلن موافقة حماس على حل جناحها العسكري حال إقامة دولة




.. مندوب إسرائيل بمجلس الأمن: بحث عضوية فلسطين الكاملة بالمجلس