الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة العنصرية والتكفير والتشدد ...ثقافة الموت ..1/2

خليل صارم

2007 / 6 / 5
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


على عكس من ثقافة المقاومة التي تقوم على رفض الظلم والاستبداد والغاء الآخر وتتأسس على الصدق والشفافية والأخلاق مكرسة مفاهيم الحرية واحترام انسانية الانسان .
ليست ثقافة العنصرية والتكفير والتشدد بحاجة للتدقيق كثيراً في التاريخ حتى يتأكد المطلع من أنها تقوم على الظلم والغاء الآخر بل وابادته وتدمير الحضارة الانسانية .. ذلك أنها تضخ الكراهية والحقد والتعالي على الانسانية وهي تتأسس على ضخ كم الهائل من الأكاذيب وتحريف الحقائق وتشويهها وتدمير المنظومة الأخلاقية الانسانية وايجاد المبررات لمخالفتها واختراقها .مستغلة نوازع الانانية والطمع والتجاوز على حقوق الغير في الجانب الغرائزي المظلم من النفس الانسانية .
هذه الثقافة ومن خلال النظرة الدونية للآخر ومزاعمها أنها تشكل المعتقد الأفضل والعرق الأرقى الذي يستحق السيطرة والتحكم بالحياة والسيطرة على الموارد لتمنعها عن بقية البشر بل وأنها تتجه نحو الابادة العقائدية والعرقية للتخلص نهائيا ً من أي شكل من أشكال مقاومتها والوقوف بوجهها . غير عابئة بأنهار الدماء وأكداس جثث الضحايا . بعكس ثقافة المقاومة التي تدافع عن البقاء والحياة والتطور والتي ترى أملا ً في تغيير الفكر العنصري واستعادة هؤلاء الى السلوك الانساني السوي منطلقة من مبدأ بسيط للغاية وهو أن الحقيقة لابد وأن تفرض نفسها .
لقد رأينا أن الثقافة العنصرية تتأسس على منهجين رئيسيين .. وهما العرق الأرقى .. أو العقيدة الأفضل . وفي التاريخ الحديث برزت النازية والفاشية التي تأسست على عقيدة العرق الأرقى وبعد القضاء عليهما برزت بشكل واضح ومن أعماق التاريخ والخرافة ثقافة عنصرية أسوأ وهي الصهيونية والتي تعتمد على مقولة ( شعب الله المختار) التي جمعت المنهجين ..العرق الأفضل والعقيدة الأفضل .. ومتوسلة لتطبيق أهدافها كل ماعرفته البشرية من قيم متدنية ساقطة الى جانب ضخ ثقافة الحقد الأعمى والكراهية المطلقة للغير الذي تصنفه بأنه ( جوييم ) أو بهائمي .
والمشكلة في مواجهة هذه العنصرية أنه قد برزت بالمقابل في منطقتنا ثقافة التكفير والتشدد التي اعتمدت في سلوكيتها نفس المباديء والقيم الصهيونية المتدنية وتحت اسم الدين مراكمة كل ثقافة الانحراف التي اعتمدها النظام السياسي الذي استغل الدين وحرفه عن اهدافه بقصد استمرار سيطرته وايجاد اله أو الهة بديلة حملت بدورها بذور التشدد التي نمت في العصر الحديث الى حد المطابقة التامة مع الحركة الصهيونية بشكل بدت معه وكأنها فرع من فروعها لتتابع بدورها تحريف المعتقد الديني وتحويله الى مجرد مسخ مشوه قاتل وسادي يثير ذكره الرعدة والنفور في النفوس . وبهذا أكمل هؤلاء أحد أهم أهداف الحركة العنصرية الصهيونية وهو تشويه العقائد الأخرى .
وكما حاولت الحركة الصهيونية سحب نمطية تفكيرها على كل اليهود في العالم لتضمن الزامهم باتباعها مع التأكيد أن الشريحة الأكبر من اليهود يرفضون الحركة الصهيونية ويقفون بوجهها فتم تصنيفهم بأنهم توراتيون .
كذلك فعلت حركات التشدد والتكفير التي تسمي نفسها اسلامية والتي حاولت سحب نمطيتها ونهجها على كل من هو مسلم في هذا العالم ..وعندما جوبهوا بمقاومة من المسلمين صنفتهم بأنهم قرآنيون .. و في عرفهم أن من يواجههم بما يتضمنه القرآن الكريم من مباديء واعتراف بالآخر واعتبار الآيات التي تتشدد بمواجهة من خالف الفكر الاسلامي في حينه ..انها .اي تلك الآيات كانت بنت لحظتها ولم تعد مطبقة في العصر الراهن الا من باب التذكير والاعتبار .. هذا في عرفهم كافر .. بمعنى أن من يعتمد القرآن الكريم الذي هو دستور الرسالة المحمدية هو هذا الكافر .. فاذا رفضوا الدستور الا بما يتطابق وأهوائهم فما الذي بقي من العقيدة التي يزعمون حمل لوائها . ولدى مقارنة مفاهيمهم تبين أنها متطابقة تماما ً مع التلمود الذي يشهر الحقد والكراهية بمواجهة الآخر وهذا يخالف كافة الرسالات السماوية التي عرفتها الانسانية عبر تاريخها .
لقد استغل هؤلاء ردود الفعل وحالات التخلف التي أرساها النظام السياسي العربي وتعطيله حركة المجتمع لضخ فكرهم الحاقد والمتطرف بين صفوف الفقراء والعاطلين عن العمل والباحثين عن لقمة العيش في ظل الأنظمة المتخلفة وممارسات النظام الأمريكي الذي يشجع هذه الأنظمة ويقدم لها الحماية وردة الفعل على مزاعمه بنشر الديمقراطية ومفاهيم الحرية التي تبين أنه لاعلاقة لها بأية ديمقراطية وحرية وهي مجرد مقولات كاذبة ومزيفة لاظل لها على أرض الواقع .. اضافة لوقوفه المطلق الى جانب الحركة الصهيونية وتبنيه مفاهيمها وتجلى ذلك في توفير الدعم المطلق لكيانها الذي يحتل فلسطين . كل ذلك في ظل غياب القوى التقدمية والعلمانية عن ساحة الفعل والتأثير محدثة فراغا ً استغله هؤلاء التكفيريون لتحويل طاقات جيوش الفقراء والعاطلين الى طاقة تدميرية.. تقسيمية لأوطانها وشعوبها .
- المثير للاستغراب هو أن النظام السياسي العربي في غالبية بؤره كان يطارد ويضطهد قوى اليسار والتقدم والحرية والديمقراطية في الوقت الذي ترك فيه الساحة مفتوحة أمام هؤلاء التكفيريين المتشددين ليعيثوا فيها فسادا ً وتخريبا ً ..هذه البؤر كانت وماتزال تحظى بالرعاية والدعم من النظام الأمريكي .. فكيف يتسق ذلك مع مايزعمه من تبني ونشر مفاهيم الحرية والديمقراطية .. ومع ذلك نجد أن هناك قوى ماتزال تروج لهذه الأكاذيب وتطالبنا بتصديقها .
- لقد كان المطلوب مقاومة هذه الأكاذيب عبر قيام القوى التقدمية واليسار والحرية الصحيحة أن تعاود انتاج مفاهيمها المستقاة من واقع شارعها ومجتمعها لاأن تكتفي باستقدام الفكرة كما هي من خارج نطاق مجتمعها وهنا لاننكر تلك الفكرة ولكنها خارجة من رحم المجتمع الذي انتجها أي أنها صالحة له تماما ً ولكنها قد لاتكون صالحةبمجملها لمجتمعاتنا بسبب اختلاف الأرضية الثقافية والمفاهيم ومرحلة التطور البطيء والمتخلف عن المجتمع المنتج للفكرة .
- هنا يجب تسجيل مجموعة أخطاء بحق قوى اليسار والاشتراكية التي استقدمت النظرية الماركسية اللينينية في حينه بشكل متطابق وطوباوي دون أن تدرس عملية تكييفها وواقع مجتمعاتنا أي الأخذ بما يتلائم منها لكل مرحلة من مراحل التطور الاجتماعي .. الأمر الذي أمكن القوى الامبريالية والقوى المعادية للتقدم وغالبية بؤر النظام السياسي القائم بالتحالف مع قوى التشدد والتكفير الدينية في المنطقة من احداث خروقات وتعطيل حركة قوى التقدم . هذا حدث وانتهى الأمر .. لكنها وحتى الآن ماتزال تعيش صدمة تفكك المعسكر الاشتراكي دون أن تبدو عليها مجرد محاولة هضم ماحدث والعودة الى الشارع وفق مفاهيم تستقريء المستقبل معتمدة على فهم أخطاء الماضي وكوارثه لأنها الوحيدة المؤهلةالى جانب بقية قوى المقاومة الوطنية بفكرها المقاوم لثقافة الموت على الوقوف بوجه ثقافة العنصرية والتكفير والتشدد والخداع الامريكي .
- يتبع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تتطور الأعضاء الجنسية؟ | صحتك بين يديك


.. وزارة الدفاع الأميركية تنفي مسؤوليتها عن تفجير- قاعدة كالسو-




.. تقارير: احتمال انهيار محادثات وقف إطلاق النار في غزة بشكل كا


.. تركيا ومصر تدعوان لوقف إطلاق النار وتؤكدان على رفض تهجير الف




.. اشتباكات بين مقاومين وقوات الاحتلال في مخيم نور شمس بالضفة ا