الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التجريب الاعلامي وحداثة الترويع !

ابراهيم سبتي

2007 / 6 / 14
الصحافة والاعلام


تبدو صناعة العنف الاعلامي التي تمارسها بعض الفضائيات الموجهة ضد ما يجري في العراق من تغيير بعد سقوط التمثال المريع في 3003 ، كأنها تنطلق من اسس تتغير وفق الخارطة السياسية وتصاعد وتيرة الحدث اليومي .
فلا يمكن ان تثبت هذه الاسس في مواجهة ما ، ما لم تضع خطة محكمة في كيفية الهجوم على أي منجز مهم من شأنه ان يلوح في الافق .. وحيث ان الهيمنة الاعلامية ، لا يصل اليها الا من خبر الاعيب الاعلام وتاثيره وقوة احابيله ..
فأن الهيمنة بمفهومها الشائع تحتاج الى مسوغ لتسويقها الى الذائقة التي يصعب اختراقها بعد سلسلة من التجارب والاحداث التي عصفت بالبلاد خلال اربعة عقود من التجنيد الجماعي والحروب المتوالية والحصارات والمكابدات ، فكان العراقي يحلل كل خبر او حدث قبل ان تعلبه الماكنة المهولة .
يقول نعوم تشومسكي في كتابه ـ هيمنة الاعلام ، الانجازات المذهلة للدعاية ـ
(لا تبدو براعة وسائل الاعلام، وقدراتها الفائقة على صناعة القبول، عندما تلتزم بحد ادنى من المستوى الاخلاقي في عرض الحقائق والدفاع عنها، لان الحق في ذاته قوة قادرة على الاقناع. انما تظهر براعتها بقدر ما تنجح في صرف انظار الناس عن صميم المشكلات، وفي طمس الحقائق واختلاق البدائل، وتزيينها في اعين الناس، لتغيير قناعاتهم حولها. ) .
وبهذا المفهوم نجد ان الاعلام المخاتل والمتفاعل مع الاحداث ، يصعد من خطابه المكلف الموجه للناس بشتى صنوفهم . حتى انهم استطاعوا ان يجعلوا متابعيهم من مستويات ثقافية مختلفة تتدرج لتصل الى مستوى اقل من المتوقع وهذا اساس المشروع المثير للجدل لاعلام الهيمنة الذي تمارسه بعض الشبكات والوكالات والمنظمات والفضائيات .
والحق يقال بان تلك الضجه مفادها ، ان تجربة الشعوب في تغيير نظام حياتها وصولا الى الوضع الخالي من الرقيب المستبد ، لايمكن ان تنمو وتنجح مالم تصدها هذه اللوبيات وتمنعها وتحول بينها وبين ان تتفاعل مع الناس ..
وفي تحليل تشومسكي عن الهيمنة الاعلامية ، نجد ان الخطاب لا يأبه للاخلاق في طروحاته ، انما لزرع الشكوك حول كثير من القناعات والقضايا فيؤدي الى الانجرار خلف الازمات المفتعلة والحالات المتعلقة بحياة الناس التي يعرفون كيف يدغدغون فيها المشاعر .
وبذلك حققوا غاية الهيمنة في ظل وضع متهريء وصعب متناسين ان الفكرة ، قد عصف بها الزمان وذهبت من عقول الناس بعد العقود السود التي دمرت الذائقة وانتهت بالمثقفين واصحاب الذائقة والمتعلمين والكفاءات الذي وعوا خطورتها ، الى الهجرة الجماعية بعد ان خربت مفاصل الدولة تخريبا منظما ومقصودا .
وهذا التخريب نتج عن طغيان عم البلاد من الحد الى الافق ، فتجرع العراقي البسيط هيمنة من نوع لا يمكن ان ينساه ولا وجود قطعا في مفردات حياته الانية ، مفردة كهذه ..
وبذا لايمكن ان تهيمن اية وسيلة اعلامية على عقول الناس وتسحب البساط من تحت الادراك والوعي والفهم والتعقل واستقراء البواطن ، الذي لم تحسب له تلك الوسائل والشبكات حسابه .
وبعد سلسلة من التجارب الميدانية في البث المقصود ، سعت بعض الفضائيات الى اعتبار الشعب العراقي ، حصتها التي تتمسك بها بعد نيسان 2003 ولا يمكن لاية وسيلة اخرى منافستها على هذا الكسب الثمين .
وقامت بتجنيد كادر متمكن في ادارة الحملة الترويعية ضد العراقيين الذين خرجوا من وضع مظلم . فاشتدت الضربات وتلاحقت الجراحات وانهالت سهام الكلام المعسول والمدموم لاشاعة جو من الترهيب .
مستخدمة جميع الوسائل العصرية في قيادتها للحملة المحمومة لاجل اماتة النفوس وزرع حقيقة واحدة لاغيرها .. الياس والترخم على ما كان !
وهو ما تسعى له جاهدة حثيثة وبانفاس لاهثة متلاحقة ،جميع من لها يد في خراب البلاد .
فاستعرت الحرب الاعلامية واشتدت النبال واجتاح جيش المحللين اروقتهم وتجمعت الجميلات يقفن في طابور الاخبار الواحدة تلو الاخرى حتى الصباح ، والزخات المالية والمعنوية تأتي اليهم من كل شهم على العروبة ومنطلقاتها في ارض العراق الذي عدوا ان ما حصل ضياع وهدر للكرامة وموت للبلاد العزيزة !
هكذا سجلت الارض العراقية اضخم حملات اعلامية تقودها مؤسسات عربية وغيرها مساندة ، للهيمنة على الفضاء العراقي بعد ان روعت المفخخات ، العراقيين وقتلت وشوهت ما لا يعد ولا يحسب .
فكان طبيعيا ان تتقدم هذه المشاهد المرعبة ، مشاهد اكثر قسوة من اشقاء الدم والتاريخ والمصائر ، هذه هي الحرب التي تشن على الطفل والشيخ معا ..
هي الحرب اذن ولكن بمعنى مختلف تماما .. حرب الاعلام المفخخ الذي يسعى لتدمير البنى العراقية ذائقة وبلادا في كل هيبتها ..
فالعراق ، ساحة صراع ممتعة لتحليلاتهم ومطورة لقدراتهم ودراساتهم ومفقسا لجميلاتهم ، لايمكن ان تتهادى انفساهم رحمة بالبلاد ولا رأفة باهلها ، تلك حرب صكت عليها اسنانهم وشرعت لها سيوفهم ، فاي قوة هذه التي تسعى للهيمنة على البيوت والشوارع والمقاهي ؟
الكل يأمل وينتظر الفرج من خبر او تعليق يسد به شغفه نحو المباهج بعد السقوط المريع للنظام ..
أي شعب لم يحتفل حتى اللحظة بزوال المستبد والسنوات تجر السنوات ، فتبتعد الذكرى وتصبح شأنا روتينيا لايذكر الا بكتب الاطفال في المدارس بعد عشرات السنين . هذا الترويع المصاحب للاعلام العصري بحداثة وتجريب مقصود في ازالة المباهج العراقية واحلال العبوات والاحزمة المتشظية مكانها ..
هو الذي يضحك على فزعنا ويبتئس لضحكات اطفالنا ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكونغرس الأمريكي يقر مشروع قانون مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا


.. لازاريني: آمل أن تحصل المجموعة الأخيرة من المانحين على الثقة




.. المبعوث الأمريكي للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط: على إسرا


.. آرسنال يطارد لقب الدوري الإنجليزي الممتاز الذي غاب عن خزائنه




.. استمرار أعمال الإنقاذ والإجلاء في -غوانغدونغ- الصينية