الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة المقاهي ومقاهي الثقافة

صالح جبار

2007 / 8 / 15
الادب والفن




إن مقاهي المثقفين علامة بارزة في كل المدن التي تهتم بالثقافة والفنون , وكثيرا ما كتبت الصحف ووسائل الأعلام عن مقاهي بغداد الثقافية وبتفصيل مسهب عنها وعن مرتاديها وذكر بعض عاداتهم ...
كانت ولاتزال تلك المقاهي معلما بارزا , لجميع المدن التي تحتضن هذه الصروح البسيطة في تكوينها , والكبيرة في زبائنها ..
لقد شكلت ظاهرة حضارية تفتخر بها المدن الغافية على أحلام ناسها المشبعين بالود ..والطافحة بالآمال الموعودة في غدا أفضل , وحياة تخلو من المنغصات ..
تشكيلة مفعمة بالتجانس , واثر لايمكن تجاوزه .. فقد بنت في الأرض جهد سنين من الإبداع والثراء الفكري الناصع ...
تتلوى مع شوارع المدن المترسبة في قيعان الذاكرة .. وتهمي ألوانا من الق لايخبو لأنها جزء من نسيج رحم المجتمع البسيط بدون تعقيدات الحضارة الوافدة مع غبار التماسيح ..
يتذكرها من جلس فيها , يناطح طلاسم الحروف مع أصوات رنين أقداح الشاي في حسن عجمي – والبرلمان – والبرازيلية التي حجبتها نذر التمدد الأخطبوطي للتجارة والربح والخسارة فضاعت في ضباب يمخر بهدوء يطوي تلاقح الاراجيل ورماد السكائر عبر بوابة تعتصر الشوق , لصيحات لم تزل ترن في صدى الذاكرة ...
وبين هذه المقاهي – مقاهي – لأرباب الحرف تتكوم وسط المدينة التي لبست دثار الخوف وانزاحت إمامها أكوام المتمرسين في الصناعات اليدوية , لكنها بقيت تنجب بلا انقطاع ,مثقفين من نوع أخر , كافحوا تقلص المحتوى في انبساط الكلام .. وصنعوا زخارف من مديات تنطلي على العابرين ...
وعبروا نحو شارع المتنبي , يعلنون اكتشافهم الجديد .. وحين ضاق بهم الشارع العتيد , مضوا لمسافات غارقة بالهم اليومي , لاتفقه من مفردات الحياة سوى الانكباب على الصمون والبحث الدائب عن الغاز الممتنع والنفط الشحيح في بلد البترول المضنوك من عسر الدائنين ...
وانهار الصمت في دوي سقوط الصنم , وترشحت الألحان الصادحة بحثا عن صدمة الانعتاق ... ولم تكن سوى فورة مشاعر مكبوتة , وصهيل جواد يكبو ..
تبعثرت الحياة في خضم فوضى أزاحت هم ليولد هم أثقل ..
ونبعت من تحت أرجلنا ( منظمات المجتمع المدني )*أريد لها إن تقودنا نحو طريق أفضل فهرع مثقفي المقاهي بحثا عن ( المشاريع ) في أل إن- جي –أو ..
وصارت الرطانة لغة التداول والأوراق الخضراء عالما من الزهو , واكتشفوا في زحفهم إن منتديات الثقافة حلا للإشكالات المتوارثة من زمن الديناصورات ...
فما أسهل التعبير والأخذ بالثأر من المقاهي الثقافية , ليبدأ تأسيس عهد جديد من ثقافة المقاهي .. تسود في نسيج الهلام المتشبث بالإصرار النابت على كتف الثقافة ...


وظهر أدعياء الثقافة الجديدة بلا منجز إبداعي , سوى تسطير البطولات الوهمية , والتنظير المتفرد في باحات(فقراء بلا حدود) ومنظمات واهية تبحث في أسس الجهل , لتكتشف حقيقتها في عالم القش , فلم تعد المسألة أكثر من ترتيب كلمات منمقة , ونفخ الأوداج , ليتصور الجمهور عبقرية الأستاذة المتصيدون في الماء العكر ...
وأصبح المنجز الإبداعي هو الحصول على مشروع يدر ربحا وفيرا ... فلا رقيب ولاسائل يبحث عن المال السائب المتقاطر من كل الأنحاء ...
وتشتد المنافسة على المناصب الفارغة والرموز الواهية , فقد تصدرت الأسماء حفل التتويج , وصارت تفرض قدسيتها من عهر المهنة التي لاطائل منها , سوى خربشة لاتعني شيئا...
أنها تفرض قوانين مقاهي اربا ب ا لحرف ومرتاديها , ولايمكن المساس بمنجزات ( الاسطة ) طالما اطلع على السر المكنون في الحرفة ..
هنا مكمن وسائل لهو الشيطان , والعالم ينزف ألما ودخان ... حتى تمحو الصور المحتشمة , ولايبقى سوى وشم العاهر تتمرى على جسد الخطيئة .. لتؤسس ثقافة المقاهي البديلة ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية


.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال




.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي


.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا




.. ياحلاوة شعرها تسلم عيون اللي خطب?? يا أبو اللبايش ياقصب من ف