الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة إلي الميت الحي

وحيد حسب الله

2007 / 9 / 5
حقوق الانسان


بعد أحداث التعذيب والتنكيل والقتل المؤلمة الأخيرة التي تعرض لها عشرات المواطنين المصريين في أقسام مختلفة للشرطة المصرية في طول البلاد وعرضها مما أثبت أن استخدام العنف أصبح هو المنهج المتبع لجهاز الشرطة وأمن الدولة . ولا ننسى أن المخابرات الأمريكية والأوروبية استعانت بخبراتهم في التعذيب لانتزاع اعترافات المتهمين بالإرهاب فيما عرف بالسجون السرية الطائرة للمخابرات الأمريكية .
المقالة التالية استكمالاً لمقال نشرته منذ أكثر من سنتين بعنوان " لا فرق بين أبو غريب وأمن الدولة في مصر " ، بمناسبة خطاب الرئيس مبارك في عيد الشرطة سنة 2005 . وما كتبته في هذا الوقت كان عبارة عن رسالة طالبت فيها الرئيس أن يقوم بعملية تقويم وتطهير لهذا الجهاز الهام في حماية المواطن طبقاً للدستور والقانون بدلاً من الممارسات التي يقوم فيها بإهدار كرامة هذا المواطن بل اغتياله نهاراً جهاراً ، ولكن ما حدث هو العكس تماماً . فقد تزايدت حوادث أهدار كرامة المواطن المصري وأصبح في حاجة لجهاز جديد يحميه من نظام البلطجة التي تمارسها أجهزة وزارة الداخلية الحالية . ولكن يبدو أن هذا الحل بعيد المنال وذلك لأن النظام نفسه متواطئ بل هو الذي يدير ويأمر بتعذيب المواطنين لإسكاتهم وتكميم أفواههم حتى لا يطالبوا بتغيير هذا النظام الفاسد لكي لا ينعموا بحريتهم وأن يعيشوا حياة آدمية ديمقراطية حقيقية . ويبدو أن النظام الحالي يمارس حكمه انطلاقاً من مفهوم الخلافة الإسلامية استناداً على المادة الثانية من الدستور الخاصة بدين الدولة الإسلام ومبادئ الشريعة الإسلامية .
لقد حان الوقت يا سيادة الرئيس أن يعاد صياغة مسئولية جهاز أمن الدولة حتى لا يسئ من يعملون فيه إلي كرامة المواطن . وليته يسئ للمواطن العادي فقط ولكنه يسئ إلي رمز الدولة وهو سيادتكم بإشعار المواطن البسيط إنهم يملكون زمام البلد في قبضة يدهم وأن سيادتكم مجرد خيال مآته ومن هنا نناشدكم أن توقفوا هذه المهازل حفاظاً على الشكل العام لسيادتكم ولمصرنا بأكملها . أنهم أعادونا إلي الماضي المظلم وإلي أيام مراكز القوي وصلاح نصر ، وسيادتكم تعلم جيداً ماذا كان يفعل صلاح نصر بجمال عبد الناصر ، هل تريد أن تكون نسخة أخري من جمال عبد الناصر ، ولكن ليتك تكون مثل جمال عبد الناصر وإنما حبيب العادلي جعلك دمية في يده يحركها كما يشاء وبأقذر الوسائل كما يقولون عليك في أحاديث عامة الشعب؟ الكل ينظرون إلي مراكز وأقسام الشرطة على أنها أوكار تمارس فيها كل أنواع الرذيلة والأجرام والوحشية! فهل تقبل كزعيم لهذه الأمة بهذه الممارسات التي لا تختلف كثيراً عما جرى في سجن في أبو غريب؟ بالإضافة إلي أن ما يحدث في سراديب ومباني أمن الدولة تقشعر له الأبدان وترتعب منه القلوب . بل أن ما حدث في أبو غريب والتي تعمدت صحفنا القومية بإظهاره يومياً كفضيحة للجيش الأمريكي ليس شيئاً بجانب ما يفعله زبانية أمن الدولة في مصر بحق المواطن المصري . فليس فقط الأقباط الذين عانوا ومازالوا يعانون من بطش هذا الجهاز هم فقط الضحايا ، ولكن إخواننا المسلمين لهم أيضاً نصيب فيه . ولم يسلم من بطشهم المختلفون معكم سياسياً أو الذين لهم آراء وعقائد مختلفة. هذا بالإضافة إلي أن موظفي هذا الجهاز يستخدمون موقعهم لإغراض شخصية والحصول على مزايا لا حق لهم فيها بترويع المواطنين مسلمين ومسيحيين.
أن أمن مصر وأمنكم الشخصي يرتكز أولاً وأخيراً على أمن وكرامة المواطن المصري الأصيل الذي يحب وطنه ، وليس على هذا الجهاز الذي تفشي فيه الفساد ويتفنن في اختراع آلات التعذيب ، وأصبح العاملين فيه مرضي ، لا يشفي هؤلاء المرضي إلا رؤيتهم تعذيب الأبرياء من شعبنا العظيم .
سيادة الرئيس أن هذا الجهاز الذي يهدر كرامة الإنسان خليقة الله فهو حليف الشيطان فكيف يجرؤ ويقول أنه يؤمن بالله . أنه لكاذب حتى ولو قال الشهادتين آلاف المرات في اليوم الواحد. يجب أن نكون صادقين في القول والفعل وأن ما نقوله نفعله. أنا واثق أنكم تشاركونني اعتقادي أننا لا نستطيع أن نكذب أو نضحك على الله عز وجل بأن نقول كلاماً ونفعل أشياء لا يقبلها.
. فالتعذيب والعنف لا يحل المشاكل كما هو الحال على الساحة الدولية، ولكن بالعقل والحوار والحب نستطيع أن نغير صورة العالم .

ولذلك نحن لا نشارككم فرحة احتفالات عيد الشرطة، لأن جهاز بهذه الصورة القبيحة المروعة لا يستحق الاحتفال به ونتمنى أن نحتفل برجال شرطة شرفاء بالفعل بعد إقصاء واستئصال كل بؤر الفساد الموجودة في هذا الجهاز الحالي . فلا بد من تنقية القوانين التي تناقض هذا المبدأ الدستوري ، حتى لا تعطي فرصة للانتهازيين والمستغليين للدين في مصادرة حق الآخرين في التمتع بالمساواة بنفس الحقوق التي كفلها الدستور . كلي أمل في أن تتخذوا قرارات حاسمة وصارمة ضد هؤلاء المجرمين من رجال الشرطة ومحاكمتهم على ما ارتكبوه في حق الشعب المصري من إهانة لكرامته وإهدار لحقوقه حتى يشعر المواطن المصري بجميع فئاته وطوائفه أنه في دولة يحكمها القانون والشرعية حسب تصريحاتكم التي تتشدقون بها أمام أجهزة الإعلام كذباً وزوراً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبح المجاعة يخيم على 282 مليون شخص وغزة في الصدارة.. تقرير ل


.. مندوب الصين بالأمم المتحدة: نحث إسرائيل على فتح جميع المعابر




.. مقررة الأمم المتحدة تحذر من تهديد السياسات الإسرائيلية لوجود


.. تعرف إلى أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023




.. طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة