الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هذه ليست آلهتنا !

فيليب عطية

2007 / 11 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من اعجب العجائب في تاريخ الانسان أن يدور النقاش ويعلو الصخب علي قضايا حسمها الفكر منذ عشرات القرون ، ولو كان النقاش يقتصر علي استعراض العضلات ومعالجة المعضلات لقلنا : لعله يكون من البركات التي تحل ماعجز الاولون والآخرون عن حله ، وهل هناك ماهو أحلي من ان يعيش اليهودي او المسيحي التقي حياته الابدية في حضن ابراهيم ،وان يعيشها المسلم التقي بجوار الحبيب المصطفي ؟! ولكن الامر تحول الي نوع من العصاب الهستيري ....انهم لايتناقشون حول فكرة الاله من اين جاءت ، وماهو الدور الذي ادته وتؤديه في حياة الانسان .....الي آخر تلك القضايا والمشكلات ، وانما امسك كل منهم بعصاه وبندقيته ملوحا للخصوم وهو يصيح صيحات المخبول : حبيبنا قال مفيش محال ، وديننا هو الدين الحق اما كل ماعداه فباطل وقبض الريح ، اي ان المسألة تحولت ببساطة الي ماتش كورة وعلي كل طرف ان يشجع فريقه بالروح والدم وكل ما اطلق عليه اللسان الشعبي الظريف كلمة (الهنجرة )
في الستينات كانت ظاهرة التعصب الكروي شائعة ، ولم يسلم الامر من بعض الاشتباكات في الشوارع ، لكنها علي أية حال لم تتجاوز المراهقين من الصبية ولم تمتد لتشمل المحامين والاطباء وخلاصة المجتمع ، حتي اصحاب الزعابيط دخلوا الي المعمعة وكلنا فداك يارسول الله بعد اربعة عشر قرنا من الزمان بالتمام والكمال شهد فيها العالم ما شهد من الفنون والآداب والمخترعات والعلوم ومن بينها علوم تدور حول فكرة الاله نفسها ، فعلم الالهيات Theology لم تعد دراسته تقتصر علي المحافل والمجامع ،بل اصبح علما يشارك فيه الفلاسفة والمؤرخون والعلماء ، ونعرف الآن كيف كانت شعوب الارض تفكر حول هذا الموضوع ، وهو فكر لايقتصر علي تلك الافكار التي تدون في الكتب ويتداولها الناس ، بل يشمل مجموعة من الممارسات التي يحتار في فهمها اولو الالباب ، لكن علم النفس الديني يحاول ان يحل معضلة التجليات والالهامات وغيرها من المظاهر التي يتخذها البعض دليلا علي الحقيقة الالهية رغم انها توجد في كل المجتمعات البشرية القديمة منها والحديثة ،ففي اليونان القديمة كان هناك وحي دلفي الشهير ، اما في المجتمعات الحديثة فحدث ولاحرج : يستطيع اي بلطجي الآن ان يصحو من نومه وهو يؤكد ان البشري قد جاءته في المنام بأن العالم اوشك علي الختام ، ويااحباب الله اتبعوا وصايا الله وهي لم تعد النهي عن القتل والسرقة والزني....الخ بل اسفكوا دماء كل من لايؤمن بالهكم ، فقد عبنكم الله اوصياء له ، وكل من صعد الي السماء وايده ملوثة بالدماء سيضمن الجنات وعشر حوريات !
مارأيكم ايها السادة لو قال لكم مفكر حر شريف : آلهتكم ليست آلهتنا ، وارجعوا الي التاريخ لتعرفوا معني هذا القول
عندما بدأت حضارات الانهار العظيمة كالنيل ودجلة والفرات في البحث عن آلهتها لم تنحني الا لتلك الآلهة التي تعكس خصوبة الارض وثراء الحياة ....كان هناك بتاح المفكر الخالق ، كما كان هناك اوزيريس وايزيس ....الخ اما آلهة الصحراء فقد كانت دائما آلهة الشر كست ، ولم يتغير الامر بالنسبة الي الكلدانيين بمعناهم الواسع كبابليين وآشوريين وسومريين ، لكن الامر اختلف كثيرا مع تلك القبائل الصحراوية الجوالة كاليهود ، وعندما خرج ابراهيم من أور الكلدانيين لم يأخذ معه غير اله الريح البابلي أنليل الذي كان يسمي ايضا اللي...ل ، واتفق اختياره مع اله الكنعانيين والفينقيين ( ال ) وهو اله يقال له صراحة انه اله الصحراء ، تزوج مرتين واقام لكل زوجة قصرا صحراويا ، ولعلها المصادفة البحتة لتلك القبائل الجوالة انها لم تجد مكانا لالهها علي الارض فوضعته في السماء . لم يكن الامر اذن سموا في التفكير او فتحا للمجردات بل كان من قبيل الصدفة البحتة ان يجلس الوهيم علي عرش السماء وينظر الي مملكته الصحراوية علي الارض ويعتبرها ارضا مقدسة ، هكذا نستطيع ان نفهم كيف تجلي الله لموسي في طور سيناء ويأمره بخلع نعليه لان الارض التي يقف عليها ارضا مقدسة !
ورغم ان الديانة الابراهيمية وما اتصل بها من ديانات قد تأثرت تأثرا بالغا بديانات الاودية الخصبة غير ان الاله استمر علي طبيعته : نموذجا مثاليا لزعيم القبيلة الذي لايحتمل لكلمته ردا ، وعلي هذا يكون القتل عقاب العصيان ، ولايمنع هذا من ان نلقبه بالرحمن الرحيم ....آمين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأهب أمني لقوات الاحتلال في مدينة القدس بسبب إحياء اليهود لع


.. بعد دعوة الناطق العسكري باسم -حماس- للتصعيد في الأردن.. جماع




.. تأبين قتلى -وورلد سنترال كيتشن- في كاتدرائية واشنطن


.. تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!




.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي