الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العجلة

صالح جبار

2007 / 12 / 17
الادب والفن



تذكرني ( سميراميس ) البارحة , فأرسل في طلبي , فمضيت محاطا بالدرك , وصوت احتكاك الأسلحة , يدخل الرعب في قلبي , وحينما اقتربنا من باحة القصر ... ترجل قائد الفيصل من فرسه , واصطحبني إلى سيده ,ومضى ..
رحب بي المحارب الذي لايكل من الحرو ب ... وبعدها قال :
انظر ماذا صنعنا ...؟؟!!

كانت هناك عربة بدائية , تقف بثبات , بالقرب من ساحة العرضات ...وضع لها إطاران من الخشب , ولف حوله

( لاستيك ) هرء ... ووضع ما بين الإطارين , برميل رص بعناية , ومد من العتلة , ذراعين نحو حصان جامح ...
وصاح بصوته الجهوري :
ماذا تقول ... ها نحن أول من يصنع العجلة , ويربطها بمؤخرة حصان ....

مابين الجنون والممارسة العقلانية , شبر , فكيف نستطيع قياسه ... ؟؟ ! بالعربة أم بمؤخرة الحصان ... ؟ !! في ظرف الزمان تتجدد الأفكار ببطء رتيب , يزف الوجع , برذاذ متكاسل , للوهن القابع , تحت حوافر الخيل ...
كتمت داخلي , ضحكة مكتومة , وأردت أن أقول له :
سيدي .. أيها المحارب الشرس ... إن عربتك هذه , لم تعد تنفع , فقد مضى زمانها , وان عربة ( بائع النفط )
لها مواصفات أفضل من دبابتك المضحكة ...

ظل القائد يتبختر في مشيته , وقد لف حول خصره , حزاما قويا , يتدلى السيف بانحناء نحو جانبه الأيمن , وشع في عينيه بريق الزهو , وهو ينظر لعربته , التي ستدك حصون الأعداء ...

تحت قوس النصر , تقام الاحتفالات , وولائم التبجيل , لشخص الفارس , الذي ما انفك , يحطم قلاع الكبرياء , المبنية من جماجم القابعين خلف الشمس



... يزرع الوهم في دروب , قاست من غياب الراحلين , بلا تودد , للسوط حين يعوي , على قفا , الأمل المنداح , تحت سفوح الأضلاع ...
: هذا مفتاح النصر .. وأشار نحو العربة واستمر بحديثه :
: سنمضي إلى بابل , وبعدها نحو سومر ,لأصبح ملك الجهات الأربعة ...

من يستعير جماجم البقية , يضع النياشين , لتدلى على صدره المنخور بالأساطير ... تأريخ من المتحجرات يرسم دوائر في فجوات المتأنقين بخواء, عسى أن يحدد نقطة التلاقح ...

: سيدي المبجل ... لاتستطيع فعل ذلك ...
صرخ باستنكار :
ماذا تقول ... حفيد سركون الاكدي , لايستطيع الوصول إلى بابل وسومر ...؟؟!

كانت خرافة خطوط الطول والعرض , تجسد حقيقة مرة على الأرض المزروعة , بعناقيد من الكراهية , والتناحر عقيدة للتطاحن , المستشري وسط السباخ الممتد من خاصرة الوطن إلى سعف النخيل المضطجع , تحت هديل الطيور المهاجرة بلا توقف ...

ولما يئست من أقناعه ... لم تعد لي رغبة بالبقاء معه , فهو لايفقه شيئا مما أقول ... والمشي من القصر إلى البيت

يحتاج جهدا , لأن المسافة تمتد لفراسخ عديدة لااستطيع , تحمل قطعها سيرا على الأقدام ....

فلجأت لاستعارت عربة ( سميراميس ) وكانت احسن وسيلة للتنقل , بعد أن ضاعت معالم الطرق , وصارت الأراضي خرائط صماء ... ولم تعد هناك من أسس لبناء حضارة سوى السيف , والحروب , والدماء ....


ولأن أول من صنع العجلة , عليه الدوران , باستمرار في حلقة مفرغة ... من التطاحن والهيجان ...ولكن العجلة تدور بنا , أو بسوانا ... نحن المحاطين بالثعالب ...

لكن مشكلتنا , تكمن بمن يضع العربة أمام الحصان ,ويتمنى الدوران على أطار بالي ... فالتفكير الأجوف , يرسم اطر حضارة مشوهة , بعناوين براقة ... و الخرف يسكن في الذاكرة البالية .....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أقرب أصدقاء صلاح السعدني.. شجرة خوخ تطرح على قبر الفنان أبو


.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب




.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث