الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طريق مغلق.. خيار انتحاري

حيدر عوض الله

2008 / 2 / 13
القضية الفلسطينية


قلنا بعيْد الانقلاب الحمساوي الدموي في قطاع غزة إن حركة حماس تملك خيارين لا ثالث لهما، إذا أصرت على تثبيت انقلابها وتكريس عزل قطاع غزة عزلاً سياسياً وجغرافياً عن الأرض الفلسطينية: الخيار الأول هو خدمة الاحتلال والتحول لما يشبه الوكيل الأمني الذي يوفر لإسرائيل مظلة تصفية خيار الدولة الفلسطينية المستقلة ويؤمن حدودها الجنوبية مقابل الاستمرار بتزويد القطاع بالخدمات الأولية التي تمكن حماس من التفرغ لتثبيت انقلابها، والشروع في بناء أسس إمارتها الإسلاموية. والخيار الثاني أخذ قطاع غزة إلى كارثة إنسانية، وسحق متطلبات واحتياجات سكانه إلى المستوى البدائي، أي مستوى البقاء على قيد الحياة.
الهجوم السلمي ثم العنيف على الحدود المصرية أناط اللثام عن مجموعة من الدوافع والحقائق التي تغطت بالكارثة الإنسانية التي حلت بسكان القطاع والمسؤولة عنها إسرائيل وحماس. فبعد أن استنفذت حركة حماس إمكانية تحييد الاحتلال، بعد أن بذلت جهداً كبيراً في فتح قنوات اتصال مع الحكومة الإسرائيلية، عادت لتلعب بورقة "المقاومة"، ويبدو أن تعثر الاتصالات السرية بين حماس والحكومة الإسرائيلية مرده إلى الهدف الذي تسعى وراءه إسرائيل، ألا وهو سلخ قطاع غزة نهائياً عن امتداداته الوطنية، والخلاص منه عبر تحميل عبئه إلى مصر في إطار مخطط إسرائيلي يقرأ في إنهاء الاحتلال ليس قيام دولة فلسطينية مستقلة، بل إعادة الوضع القانوني للأراضي الفلسطينية إلى ما كانت عليه قبيل الاحتلال، بعد قضم الأراضي اللازمة لـ "أمن" إسرائيل. ومثل هذا الهدف يحتاج من الإسرائيليين إلى تكثيف الحصار إلى الدرجة المأساوية التي نشهد فصولها الآن.
في الطرف الآخر، أي حماس، صار واضحاً لها أن لعبة استمرار تدفق الأموال من الخارج لا يمكن أن تستمر إلا مع تسخين الجبهة، تسخيناً ينسجم مع أهداف الممولين الإقليميين، من جهة، ويخدم المخطط الإسرائيلي بالنتيجة، من جهة أخرى، حتى لو كان وقود هذا التسخين حياة شعب بأكمله.
في إطار هذه المعادلة- التي استدرجت المصريين بحكم واقع الجغرافيا الثابت- إلى أين تذهب حركة حماس؟ ولماذا هذا التصعيد غير المبرر في العلاقة في مصر، رغم أنها البوابة الوحيدة المتبقية لحركة حماس بعد غلق البوابة الإسرائيلية؟!
على عكس ما تحاول بعض أطراف الحركة الوطنية إقناع نفسها به، أي إمكانية عودة حماس عن انقلابها، إعفاءً لنفسها من مواجهة سؤال ما العمل بكل تداعياته ومتطلباته، فإن حركة حماس دخلت في طريق لا عودة عنه، وهي ماضية بفحص جميع الخيارات الممكنة لتثبيت سلطتها في قطاع غزة وتحويله إلى منطقة نفوذ خاصة بها، وهي تعتبر هذا الهدف هدفاً وجودياً لا يمكن التراجع عنه، وهي لهذه الغاية مستعدة للذهاب بعيداً.. بعيداً. فبعد اصطدامها بالموقف المصري الرسمي، تحاول اليوم ابتزازه بخلق وافتعال مشاكل في العمق المصري، ملوحة باستخدام ما يسمى بالعمق الجهادي والإخوان المسلمين في مصر نفسها، ولا تخرج تصريحات مرشد الإخوان المسلمين الأخيرة عن هذا السياق حين اتهم الحكومة المصرية والسلطة الفلسطينية بالرضوخ للابتزاز الأميركي الإسرائيلي! والهدف من وراء هذا التصعيد المتزامن الاعتراف بالدولة الحمساوية باعتبارها جار مصر الجديد.
ما تعرفه حركة حماس، ولا تريد الاعتراف به، أن خيارها الانتحاري غير ممكن إقليمياً، وبالأخص من قبل مصر، ليس لاعتبارات أن هذا يؤثر على هدف الدولة الفلسطينية المستقلة، بل لتداعياته على الداخل المصري، خاصة تجاه تطور نفوذ الحركة الإسلامية في مصر، وتداعيات هذا التطور على النظام المصري نفسه. وإذا استثنينا قلة من دول تلعب لعبة إقليمية ودولية باتت واضحة للقاصي والداني، فإن العالم المحيط بحماس عالم لا يقبل بتمكينها من تثبيت أهدافها ولا إمارتها، لتداعياته المتنوعة والخطرة على استقرارها وأمنها.
في إطار هذا المعادلة الدولية والإقليمية الراسخة والمضادة لمشروع الدولة الحمساوية في قطاع غزة، وإن تلاقت بالنتائج مع الأهداف الإسرائيلية، فإن نهاية دويلة حماس باتت مسألة وقت رغم الجرائم والآلام العظيمة التي سترافق هذا التحلل والتفكك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم


.. على رأسها أمريكا.. 18 دولة تدعو للإفراج الفوري عن جميع المحت




.. مستوطنون يقتحمون موقعا أثريا ببلدة سبسطية في مدينة نابلس


.. مراسل الجزيرة: معارك ضارية بين فصائل المقاومة وقوات الاحتلال




.. بعد استقالة -غريط- بسبب تصدير الأسلحة لإسرائيل.. باتيل: نواص