الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما يجن الاله !

فيليب عطية

2008 / 6 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يعتقد الكثيرون أن العلاقة بين الاله والانسان كانت تسير دائما في اتجاه واحد :علي الاله أن يأمر وينهي ، وعلي الانسان ان يطيع ويخضع ،ولكن ماأبعد ذلك عن الحقيقة فقد كان الاله في خدمة الانسان دائما رغم كل آيات الزلفي والتقرب ، اما حين يجن الاله ويخرج عن الدور المرسوم له فقد كان جزائه التجريس الفاضح بما في ذلك تحطيم تماثيله وضربه بالنعال واحراقه في الميادين (واللي مايفيدناش مايلزمناش ) . حفلات التجريس الفاضح تلك لانجدها في المجتمعات البدائية فحسب وانما في المجتمعات التي قطعت شوطا معقولا في المسار الحضاري كأثينا وروما وغالبا ماكانت تحدث عند عجز السلطة المركزية وما يرتبط بها من سلك كهنوتي عن حماية الاله أو تقديم التبرير المعقول لتصرفاته الحمقاء اما ان وجدت تلك السلطة سندا وطيدا في اله ما فغالبا مايصبح الهها المفضل واله رعاياها ، ولايغيب عن الذهن بالطبع أن ايمان قسطنطين الكبير بالمسيحية واعتمادها كديانة وحيدة في امبراطوريته أتي بعد انتصاره عندما وضع شارة الصليب علي رايات جيشه ، واثبتت انها شارة الاله الجبار القاهر في الحروب !
كيف تمكن يهوه الاله اليهودي ومن لف لفه من توطيد اقدامه رغم كل آيات الجنون التي احاطت باليهود والاقوام التي تبعتهم ، فالاعاصير والزلازل والبراكين والامراض والاوبئة وكل مصائب الارض كانت تسير سيرها المرسوم غير آبهة باله او انسان ؟
الاجابة بالطبع تتلخص في كلمة واحدة هي الخطيئة ، فهذا الاله لم يكن يملك من سعة الافق مايجعله يصبر ويتأني حتي يصل الخاطئ الي ملكوته ليصليه مر العذاب ، وانما كان كل هدفه ان يوقع العقاب فورا وبلا تردد علي الخاطئ، وان دل هذا علي شئ فانما يدل علي ان فكرة الثواب والعقاب كما نجدها في الديانات السماوية التالية لليهودية لم تترسخ اطلاقا في أذهان اليهود ، وهناك ماهو اكثر اثارة : ان اليهود استخدموا الاله بلاتحفظ كعنصر اسقاط يضعون فيه كل عقدهم النفسية ويلقونها علي الشعوب المجاورة لهم .
الطبيعة الاسقاطية للفعل اليهووي هو الذي يجعلنا نفهم واحدة من اكثر الحكايات التوراتية جنونا وفظاعة ، تلك الخاصة بتدمير سدوم وعمورة بالنار والكبريت والقرع والتزييت ، والباحث في حكاية سدوم وعمورة يمكنه ان يسير في عدة اتجاهات :
1- الاتجاه المتخلف عقليا الذي يحاول تفسير كل اسطورة بالتطورات العلمية الحديثة ،وهكذا فان دمار سدوم وعمورة نتج عن قنابل ذرية الهية ، وتحول زوجة لوط الي عمود من الملح انما هو نشاط اشعاعي ..
2- الاتجاه الديني التقليدي ( المسيحي الاسلامي ) الذي ينظر الي اهل سدوم وعمورة باعتبارهم من اهل الفجر والعربدة ، علما بأن شذوذهم الجنسي كما وصفوه لايشكل غير قطرة بسيطة اذا قورن بالشذوذ الجنسي في المجتمعات الغربية او الشرقية الحديثة.
3- الاتجاه اليهودي الحاخامي الذي يكشف عن جوانب في القصة غير واضحة في الرواية التوراتية ، فلم يكن غضب الاله من سدوم وعمورة ناتجا عن شذوذهم الجنسي المزعوم ، بل نتيجة عدم ترحيبهم بالاجانب و قيامهم بانشطتهم الاقتصادية باسلوب اقرب الي اسلوب اهل تكساس وفرجينيا لامكان فيه لكلمة (لله يامحسنين )
هذا الاتجاه الثالث في البحث هو بيت القصيد ، فكما اسقط اليهود حقدهم ودناءتهم علي الفراعنة والبابليين اسقطوها ايضا علي المدن الكنعانية الغنية التي صدتهم عن الدخول والتغلغل ، وهكذا صار اهل سدوم وعمورة اهل فسق وفجور ، ويصبر جنون الاله من جنون رعاياه فيرسل ملاكين لمقابلة لوط الذي تسلل الي المدينة لينصحاه بالرحيل لأن الرب قد قرر تدمير تلك المدينة ، وغني عن الذكر ان الكنعانيين الانجاس بمجرد رؤية الملاكين ثارت شهوتهم لدرجة ان لوط الهمام عرض ابنتيه كبديل عنهما !!!
وبجرد خروج لوط من المدينة انهالت كرات النار والكبريت ، وضاع القارئ في هول الرعب والتبكيت ، ولو كان يملك ذرة من جسارة الوجدان لطالب بحرق الاله نفسه .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-


.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها




.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24