الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في اللاعنف ....

اسماعيل داود

2008 / 7 / 17
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يتردد في الكثير من الأحيان إن بعض من نُخبنا ترفض المساهمة في النقاش حول ما يجري من أحداث حولهم كطريقة للتعبير عن احتجاجهم، إما احتجاج على الواقع الاجتماعي أو السياسي بشكل عام أو احتجاج على موقف أشخاص بعينهم يتحكمون برسم هذا الواقع من حولنا ،والمهم هنا أن ننتبه الى إن الاحتجاج يتضمن الكثير من وسائل النضال اللاعنفي وقد تكون عملية الاحتجاج هذه عبارة عن ((صيام)) عن طعام أو صيام عن الكتابة او عن المساهمة في العمل السياسي او المجتمعي وهذا سلوك لاعنفي بحت لجئ إليه قبلنا آخرون، ولكنه لوحده لايرتقي لان يكون نضال لاعنفي.

والأمر الذي يجب أن نتناوله بالتفكير هو كيف يمكن أن نطور من احتجاجنا ليكون نضال لاعنفياً، وكيف نتجنب أن يكون احتجاجنا مجرد سلوك سلبي ، بمعنى انه لا يثمر عن نتيجة تؤدي إلى تغيير الواقع الذي نسجل عليه احتجاجنا؟والجواب يكمن في احد أهم أركان النضال اللاعنفي والمسمى ب (البرنامج البناء) فكل عمل ونضال لاعنفي يجب أن لا يخلو من برنامج بناء ، ولتقريب الفكرة وتوضيحها نأتي إلى تجربة المهاتما غاندي (ابو اللاعنف )،حينما سجل احتجاجه على الهيمنة الاستعمارية على مقدرات بلده والاستئثار بموارد بلده الأولية وتحويلها إلى سلع وإعادتها إلى الهند لتحقيق واردات هي في الواقع تديم الاستعمار، ماذا فعل المناضلون في الهند وماذا فعل غاندي :

أولا: سجل احتجاجه على هذا الواقع لذا قاطع المنتج الأجنبي من الأقمشة - وهنا عملية احتجاج ومقاطعة لكنها لوحدها كان من الممكن أن تتحول إلى سلوك سلبي بدون البرنامج البناء لذا لابد من أن يكون هناك ثانياً.
ثانيا: فكر في أن يكون هنالك بديل للأقمشة ويجب أن يكون بديلا محليا ،وهنا الابتكار والفكرة البديلة لكنها كان ممكن أن تكون فقط مناداة للبديل وتتحول إلى عملية وعظ بحت، لذا لابد من أن يكون هنالك ثالثاً
ثالثا : باشر غاندي ورفاقه العمل على حويل القطن إلى نسيج بالأدوات المحلية وأمام الجمهور ، وهنا فقط تحول الاحتجاج و الوعظ إلى عمل لاعنفي متكامل لأنه حقق برنامج بناء تمثل بتحديد البديل والمباشرة به وقد تبعه لذلك الآلاف من الهنود .

فلنا أن نقول إن الاحتجاج بالمقاطعة هو سلوك لاعنفي ولكن بدون البرنامج البناء يبقى العمل اللاعنفي غير مكتمل وقد ينتهي إلى أن يوصف بالسلوك السلبي ،وفي حالة بلدنا العراق ، يحتاج الاحتجاج أو الاعتراض على أمر ما أو واقع ما أن يتجاوز السلبية ليسمو إلى ان يكون عمل لاعنفي ،يخطئ كثيرا من يتصور إن اللاعنفي هو الموقف السلبي من الواقع المراد تغييره، بل هو المبادرة إلى تحديد البدائل والعمل بها ،فالاحتجاج يبقى بانتظار أن يبادر صاحبه إلى تبني البرنامج البناء والذي يمكنه من عرض بديله للمجتمع ليس عن طريق الوعظ بل عن طريق العمل ، وليس عن طريق الاعتزال أو المناداة بعدم جدوى النضال السياسي أو المجتمعي .
واسمحوا لي أن أقول هنا: مازلت من تلامذة الصفوف الأولية لمدرسة اللاعنف لكني أراها مدرسة مثيرة للاهتمام وجديرة بالتأمل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيد


.. ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. استمرار تظاهرات الطلاب المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمي


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. ومقترحات تمهد لـ-هدنة غزة-




.. بايدن: أوقع قانون حزمة الأمن القومي التي تحمي أمريكا