الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملف الطفولة الدينية !

فيليب عطية

2009 / 1 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لا اعتقد أن التطرف الديني الذي تفاقم في مصر وشتي بلدان العالم منذ السبعينات من القرن العشرين ، قضية ترتبط بالجهل أو التعصب للمدركات المعرفية للانسان ، وهكذا يمكن لخطبة سمحة عصماء أو درس بليغ من دروس البلغاء أن يمحو الفتن والتصرفات الخرقاء ، ويعود الدب ليرعي مع العنقاء ، ويأكل الاسد مع الحرباء ، وكله في الاونطة !!
اما علي مستوي العالم وكما تجلي هذا التطرف بابشع صوره في كوسوفو ، فيمكن ان نجد اسبابه في النماذج الديموجرافية الكاريكاتيرية التي ظهرت في اوروبا في اعقاب الحرب العالمية الثانية ، والتي كانت يوغسلافيا السابقة مع البوسنة والهرسك ابرز النماذج لها ، وما طرأ علي تلك النماذج من تغيرات نتيجة تغير مراكز القوي العالمية وانهيار الاتحاد السوفيتي ....الخ وتلك نقطة لايعنيني كثيرا التوقف عندها بقدر ما يعنيني ماحدث في مصر .
مصر ليست كوسوفو ، وليس المصريون المعاصرون اشباها لهمج اوروبا من السلاف الجنوبيين . مصر تكوين حضاري يضرب في التاريخ لاكثر من عشرة آلاف سنة ، ورغم كل صنوف المواجهات لايستطيع باحث نزيه ان يقول ان هناك انقطاعا في التاريخ او التكوين المصري ، ولايمكن لباحث امين أن يقول ان مجموعة من القبائل العربية البدوية استطاعت ابتلاع مصر ، وان مجموعة من لصوص الصحراء استطاعت ان تعلم المصريين فنون الحرث والزراعة ، بل ان اللغة التي جري الطبل والزمر حولها قرونا طويلة ليست في نظر الباحث المدقق غير لغة مصرية فرعونية في الكثير من مفرداتها وقواعدها ،وهي مفردات وقواعد مازالت في حاجة الي النشر والتعميم ، وكما اخرج ""دانتي" اللغة الايطالية الي الوجود بعيدا عن الحذلقات اللاتينية فما زلنا ننتظر خروج اللغة المصرية الي الوجود بعيدا عن الحذلقات العربية . وهناك ماهو أخطر : ان اللاهوت العبري بصورتيه اليهودية والمسيحية ليس سوي ترديدا طفوليا للتصورات البابلية من جهة ، والمصرية الفرعونية من جهة اخري ، وقد مال السطو العربي للعقيدة الي الجانب اليهودي البحت دون ان يغفل الجوانب الايجابية في التصور المسيحي بل الفرعوني الخالص عن الثواب والعقاب ، الجنة والنار ، وعندما وقع النبي العربي في مأزق الاجابة عن طبيعة الروح ، وقال كلمته المشهورة : قل الروح من امر ربي ، فقد كان حينئذ في قبضة اللاهوت اليهودي الذي لم تتعد تصورات الروح فيه عن ظلال واشباح ، في حين كان يمكن للاهوت المصري ان يقدم له صورة بالغة الثراء عن الروح وتجلياتها المتعددة .
وكان يمكن لموقف كهذا ان يمر مرور الكرماء بالنسبة الي شخص عادي لكنه بالضرورة لن يكون هكذا بالنسبة لصاحب عقيدة ، وعلي اتصال مباشر برب الارواح !
ليست تلك سوي نقطة واحدة من جوانب القصورفي اللاهوت العبري ، فما فعلته الابستمولوجيا العبرية في أذهان الشعوب المجاورة وغير المجاورة اكبر من هذا بكثير : لقد ارغمتنا علي الاعتراف بأن اليهود ومن لف لفهم من العرب هم شعب الله المختار ، وارغمتنا علي قبول تاريخهم ومؤلفاتهم بقدر من القداسة لايعلي عليه ، وارغمتنا علي طرح افكارنا وتراثنا وتاريخنا ارضا ، وارغمتنا علي تمثيل دور اليهودي الهارب من لعنة الاله الجبار .
واعجب الصبية باللعبة ، وانا اقصد بالصبية هنا تلك الاجيال المصرية الشابة التي دفعتها تغيرات السبعينات القاتلة الي احضان العجز والبطالة ....ان كانوا قد فقدوا نصيبهم في الارض فنصيبهم محفوظ في السماء ، وان عوملوا كصعاليك الارض فهم ملوك السماء ، ولك ان تصب علي هذا المعتقد النفسي ما شاء لك من ضروب الاحباط والفشل . الامر اذن لاعلاقة له بالجهل فهذا الصبي القاتل يعرف بينه وبين نفسه ان الموضوع شغل اونطة ، لكنه مجبر اجبارا نفسيا واجتماعيا علي اثبات ذاته
وعندما توجد بجانب ذلك طبقة لاتتورع عن سر قة الكحل من العين فسوف يتحول ذلك الاحباط والفشل الي القتل والدمار .....وربنا يستر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها


.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الدكتور قطب سانو يوضح في سؤال مباشر أسباب فوضى الدعاوى في ال


.. تعمير- هل العمارة الإسلامية تصميم محدد أم مفهوم؟ .. المعماري




.. تعمير- معماري/ عصام صفي الدين يوضح متى ظهر وازدهر فن العمارة