الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حديث حول (الجنائية) والقضايا (الوطنية) :

عبد الفتاح بيضاب

2009 / 3 / 20
دراسات وابحاث قانونية


ثمة معطيات يسرت إخراج موقف آمن عقب إعلان قرار الجنائية الدولية بتوقيف واعتقال رئيس الجمهورية ، الكثير الذي أصبح معلوماً عن نوايا الأوغاد الرأسماليين (في الراهن العالمي) وما نجم أثر سياساتهم من مجاعات وحروب وفساد وعطالة وأمراض مما يجعل الميول نحو العالمية كقناعة ثقافية مجرد حالة ذهنية ومنبتة عن عمق التعرف على محتوى عصر العولمة ، الرصاص المسكوب في غزة على رؤوس الأطفال والشيوخ والنساء ، العراق وما يجري لها ومنظر ذبح صدام حسين في عيد الأضحى ، الصومال والحادث هناك هذا من جهة ، وفي الأخرى القرار الراشد الذي خرج به الاتحاد الأفريقي في رفض محاكمة أي رئيس خارج بلاده وهو في سدة الحكم كذا (الحال الإقليمي) أعان في إضاءة الطريق ، كما الحال المحلي وأزماته الطاحنة اقتصادياً بموازنة على حافة الانهيار ، حرب دارفور ومآلاتها، ودنو مواقيت الانتخابات الديمقراطية ، دنو زمان الدوحة الثانية وما بعثت به من أمل للخروج من الأزمة وجملة تفاصيل تصب في هدف التحول الديمقراطي ، وكل تلك الأسباب ما كانت تفيد لولا اتساقها بالتركيب العقلي والوجداني للشعب السوداني في حبه للوطن وتوقه الواعي للديمقراطية والاحتفاظ على مكتسبات التطورات الدستورية نحو التحول الديمقراطي رغم قلتها ، كذلك يستحق أن نقول عنه أنه شعب حر و(أسطى) لأن تطابق الإرادة مع ضرورات التاريخ الموضوعية تماماً عليه تعرف الحرية بأي منهج ذو طابع علمي ، وعلى كلٍ استوت جودى الشعب والمعارضة والسلطة (رغم تفاوت الرضا على الإنقاذ) على سيكولوجيا اجتماعية معقلنة ورأي عام موحد. غير كافٍ الرأي العام الموحد إن لم يصطحبه وعياً وفعلاً سياسياً عاماً لأثر القرار من جبهات مثل الاقتصادية وما يترتب على خلفية نفور المستثمرين ونحن في حاجة لنهضة زراعية وحيوانية وكافة أشكال الإنتاج المعيشي لأنه يحمي ظهر الناس من المجاعات المحتملة ، زيادة الإنفاق على الأمن الشخصي وتأمين الدولة ومؤسساتها ، وما ينفق من أموال على النشاط الدبلوماسي والقانوني أجل مناهضة القرار ، نموذج عشرة منظمات إغاثة غادرت والحاجة ماسة لتدفق معونات المسكن والملبس والغذاء والدواء في مناطق النزوح والمعسكرات ، كما لا نستبعد احتمال مقاطعات اقتصادية من دول عميلة هنا أو هناك ، أيضاً على المستوى السياسي يمثل القرار خصماً على الخطوات في حل أزمة دارفور مما يرفع من وتائر الغبن ويؤجج نيران بدأت بالانطفاء على خلفية الدوحة الأولى والذي توافقت على وقف العدائيات ، إلا أن تصريحات خليل لإذاعة الـ BBC أو خطاب البشير في افتتاح سد مروي لم يحالفهما التوفيق والرؤية العميقة لهدف الحل ، كما أن القرار يعيد صناعة أيدلوجيا الصراع العنصري والفتن العرقية بالسودان ، وزد على ذلك إنه يعلي سقف مطالب الحركات المسلحة في دارفور ، وأيضاً ليس مفصولاً عن ذلك ما يترتب على خلفية القرار من تهيئة المناخ المعافى لإجراء انتخابات عامة وشاملة ومن ثم الاستفتاء على حق تقرير المصير لأن : (الأمن والحرية) كفتان لرافعة ميزان عالي الحساسية إذ أن علو سقف أحدهما يتناسب عكسياً مع الأخرى ، فإذا ركزت السلطة على الأمن فينعكس ذلك على هامش الحريات الشخصية والعامة والتي هي مرتكز هام في أولويات مصفوفة التحول الديمقراطي والانتخابات العامة والنقابية واللجان الشعبية، والحريات الصحفية ، والقوانين المقدمة للتعديل في دورة المجلس الوطني القادمة هي معنية بذلك تماماً وفي مقدمتها قانون الأمن الوطني لأن الفعل الانتخابي يحتاج لحرية الحركة والتعبير والتنظيم والدعاية والإعلام والليالي السياسية وما إلى ذلك.
إذن ما العمل !!؟ لن يفيد الموقف العاطفي والوجداني حيال القضايا العملية الملحة إن لم يتحول لعمل مؤسس يحمي ظهر الوحدة ويحمل الجميع المسؤولية ، واعتقد أن الوضوح النظري ممهد له ومؤطر بشكل بات بائن ومعلوم منذ مؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية ، نيفاشا ، وأبوجا ، والشرق والقاهرة ، تراضي الصادق ، مبادرة الميرغني ، جمع الصف الوطني حتى مبادرة المجتمع المدني بتعدد عناوينهم تحسبهم (شتى) ولكنهما في كثرة القواسم المشتركة العظمى بينهما فهي(جميعاً) واحدة، وإذا استثنينا نيفاشا وأبوجا والشرق للثنائية فيهم فكل الأخريات تقترح المؤتمر الدستوري (الجامع) كآلية للمخرج من الأزمة فما الذي يحول دون دمج كل المبادرات في واحدة!!؟ وما الذي يمنع الدستور الانتقالي لاستيعاب القاهرة وأبوجا والشرق !!؟ وما الذي يجعل المؤتمر الدستوري الجامع غير ممكن !!؟ ليس للوطن في خارطته وشعبه (غير مخرج من هذا المنعطف) ، وليس بد من أن يتهيأ الجميع لتقديم التنازلات في أقصى حدودها تبدأ بالخروج من ضيق الأفق الشخصي والحزبي في منهج وأسلوب شرف أسبقية المبادرة والمتوقع منها الكسب السياسي والاستقطاب، فالوطن أولى هذا عند المعارضة ، أما شريكي السلطة المؤتمر الوطني والحركة الشعبية فلابد من تجاوز نصوص وظاهر الاتفاقية والدستور غوصاً في روحهما وجوهرهما بما يبدد غشاوة السلطة وسواد النفط كثروة إلى بهاء التحول الديمقراطي في شراكة تستوعب كل الشعب في الدولة والموارد لينعم الجميع بوطن شامخ وعاتي فإن أصرت الصقور هنا وهناك لتمسك بمخالبها مكاسب ضيقة لا تثمن الوطن ولا تغنيه من جوع ، فيبعث المستعمر مرة أخرى غراباً ليريهم كيف يواروا سوءة إخوانهم، ونخشى بذلك ينفلت ويضيع هذا المشهد الوطني الموحد والباعث للأمل، وتصبح جماهير الشعب دوماً تقدم جبال من التضحيات ولا تجد إلا التراجع والنكوص عن العهود وتجرجر أذيال الخيبة وتفتأ تتذكر جزاء سنمار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات واعتقالات في الولايات المتحدة الأمريكية.. حراك جامعي


.. الأمم المتحدة: هناك جماعات معرضة لخطر المجاعة في كل أنحاء ال




.. طلاب معهد الدراسات السياسية المرموق في باريس يتظاهرون دعمًا


.. الأمم المتحدة: الهجوم على الفاشر بالسودان سيكون له عواقب وخي




.. مصر تعرض على إسرائيل عدة أفكار جديدة كقاعدة للتفاوض حول الأس