الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التطرف الاسلامي فرصة للتنوير والاعتدال

سامي الرباع

2009 / 4 / 6
مواضيع وابحاث سياسية



منذ الاف السنيين خلق الانسان الاديان وذلك لعدة اسباب اهمها عدم فهمه للظواهر الطبيعية المحيطة به من كوارث وطوفانات وقحل وغيرها ، وعزى كل ذلك الى قوة جبارة تحرك كل شيئ في الكون، أسماها "الله". حتى الامراض عزى الاصابة بها وشفائها الى "الله".

جاء الانبياء وكانوا أفطن من غيرهم يتمتعون بشخصيات جذابة Charismatic وقدرة لغوية بلاغية عالية وشكلوا أديانهم وألفوا كتبها وبشروا بها مدعين انها مرسلة من عند الله وأنهم رسله بعثهم لنشر الحق والعدل والفضيلة.

لاشك ان الاديان، بشكل عام، لعبت دورا ايجابيا في نشر الفضيلة ونبذ الشر وخاصة في عصور كان يسودها قانون الغابة وتفتقر الى قوانين مجتمعية تعاقب على ارتكاب الشر بكل أشكاله. ووعدنا الانبياء بالجنة اذا عشنا حياتنا على الارض مؤمنين ابرار، وبالنار اذا لم نكن كذلك. وعلى مر العصور أصبح الدين جزءا من حياة الانسان والمجتمعات.

جدتي – الله يرحمها – كانت عجوز متدينه كغيرها من الناس تلقت تعاليم الدين من هنا وهناك، عادة من خطب الجمعة في الراديو، وكامية لاتقرأ ولاتكتب لم تقرأ القراَن والحديث ولم تتعلم الدين من مصادره الاولية، فضلا عن أن هذه الكتب كتبت بلغة قديمة طنانة رنانة تبدو وكأنها بالفعل كلام قوة الاهية. وكانت جدتي تكره ان يشكك احدهم بالدين. فحين كنت أقرأ لها بعض الايات القراَنية التي تتناقض مع حقوق الانسان من ضرب المرأة اذا خالفت زوجها والدعوة لقتل الكافرين من مسيحيين ويهود وهم جيران لنا، ورجم المرأة بالحجارة حتى الموت اذا شهد اربعة رجال على انها زنت، كانت تقاطعني بالقول "اخرس ! هذا كلام الله . بلا مسخرة (سخرية) ! هذا كفر!"

كنت ادرك بأن جدتي كانت بين نارين: نار الكفر ونار رفضها لعدم احترام حقوق الانسان. لقد كانت جدتي كغيرها من النساء تعارض جدي لكنه لم يضربها ولو ضربها لعتبرت ذلك ظلما وطلبت من الله العون والرحمة.

ولاعجب في ذلك. فالدين جزء لايتجزأ من تكوينها الفكري والعاطفي غير قابل للجدل والنقاش والنقد. وهذ في الواقع ينسحب على معظم المتدينين من مسلمين ومسيحيين ويهود وغيرهم.

وعلى الرغم من انتشار العلم والمعرفة في القرون الثلاث الماضية الا أنه لاتزال الغالبية العظمى من أتباع كافة الاديان تتمسك بالدين وتعاليمه مهما كانت مناهضة لحقوق الانسان والحرية الفكرية.

في المجتمعات الغربية ، وخاصة الاوربية منها التي يدين معظم سكانها بالمسيحية ، هناك دراسات واحصائيات تشير الى ان ثلث افراد هذه المجتمعات فقط لايزال متدين ويتردد على الكنيسة على الاقل يوم الاحد. علما بأن هذه المجموعة قد تجاوزت النصوص المعادية للمرأة وتركز على التعاليم والقيم الايجابية .

اما باقي الاوربيين ولاسيما الشباب منهم فهم لايهتمون بالامور الدينية.

يتوقع علماء الاجتماع ان يصبح الدين في اوربا بعد عقدين او ثلاثة من الان في عداد الذكريات ترويه كتب التاريخ ولايمارسه احد أو عدد قليل من الناس.

اما المجتمعات العربية والاسلامية فمن المتوقع ان يستمر التدين فيها تحت سيطرة نظم سياسية مستبدة ومؤسسات دينية تقليدية اصولية خلال العقدين القادمين، وخاصة اذا استمر الحال عليه من تخلف مادي وتعليمي. فالمجتمعات المتخلفة هي عادة أكثر تدينا من نظيراتها المتقدمة.

ولكن في ظل انتشار الثورة المعلوماتية التي تجتاح العالم فمن المتوقع ان يتشكل حركة اصلاحية علمانية تنويرية مناهضة للتطرف والغلو الديني تبرز التعاليم السلبية في الاسلام، الامر الذي سيزيد من عدد المناوئين للاسلام الاصولي المتطرف.

وكما أشرنا في مقالات سابقة، تشير دراسات ميدانية اجراها فريق من الباحثين من جامعة بيليفلد الالمانية في عدد من الدول الاسلامية ومن ضمنها العربية خلال عامي 2006 و 2007 الى ان نسبة المسلمين ممن قرأوا القراَن لاتتجاوز ال 10% بين الرجال و 5% بين النساء. وبالتالي يصبح العديد من ملايين المسلمين فريسة سهلة للدعاة الذين يطلقون على أنفسهم مسمى "العلماء".

وكما أشرنا سابقا ان القراَن كتب بلغة عربية قديمة يصعب على القارئ العادي فهمها وتجعله يعتقد بأنها الاهية يفسرها "العلماء" كما يشاؤون بلغة عربية فصيحة تنم عن أنهم بالفعل "علماء"، ينطبق عليهم المثل الشعبي "أعور بين عميان"، ومن خلالها يقودون الجماهير المسلمة كقطيع من الغنم في الاتجاه الذي يروق لهم. بالمقابل تعتقد هذه الاغنام أن شيوخ الاسلام ادرى بشؤون الدين وهم البوصلة التي ستوصلهم الى ابواب الجنة.

فالمشكلة الاساسية ليست في الدعاة وشيوخ الاسلام الذين يصدرون اتفه الفتاوي غير الحضارية وغير الانسانية ولكنها في الغنم، في الجماهير الامية او شبه الامية، فهي لاتقرأ ولاتطلع ولا يسمح لها اصلا بذلك، فالكتب والمطبوعات الاخرى التي تنتقد الاسلام ممنوعة في العالم العربي والاسلامي - بعكس كتب الطبخ، فهي موجودة في كل مكتبة - وفي نفس الوقت تسيطر وسائل الاعلام الرسمية والخاصة على الساحة الاعلامية تنشر الاصولية والعمى عن الحقيقة.

اضافة الى ذلك تشير دراسات تاريخية الى أن القراَن والحديث تم جمع نصوصهما خلال أكثرمن سبعين عام بعد وفاة نبي الاسلام. باختصار شديد القراَن، علاوة على ان هذا الكتاب هو في الاصل من تأليف النبي محمد هو ايضا كتاب شارك في تأليفه أعرابيون امييون يعيشون حياة "فكرية" قاحلة أشبه بالصحراء التي يعيشون فيها.

أنا على ثقة بـأن ازدياد المعرفة والاطلاع على القراَن بدون وسيط "العلماء" و "أسراره واعجازاته" كما يحلو للداعية المصري زغلول النجار ان يصفه سيجعل الكثيرين من المسلمين يشككون في "قدسية" هذا الكتاب. وحتى لو اعتقدنا جدلا بأن هناك اله يحكم الكون فهو غفور رحيم باعتقاد كافة الاديان، حتى في الاسلام، ولايمكن له ان يدعو الى ضرب المرأة ورجمها بالحجارة وقتل الكافرين. هذه خزعبلات اعرابي يعيش حياة قاحلة كالصحراء من حوله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكراً
زهير ( 2009 / 4 / 6 - 18:38 )
لا فض


2 - شكراً
زهير ( 2009 / 4 / 6 - 18:40 )
لا فض فوك .. متى يتكون لدينا جمهوراً قارئاً ؟

اخر الافلام

.. مصر تعلن طرح وحدات سكنية في -رفح الجديدة-| #مراسلو_سكاي


.. طلاب جامعة نورث إيسترن الأمريكية يبدأون اعتصاما مفتوحا تضامن




.. وقفة لتأبين الصحفيين الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل


.. رجل في إسبانيا تنمو رموشه بطريقة غريبة




.. البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمقا