الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل هناك مكان بعدُ للثقافة «القومية» الصافية؟

اسكندر حبش

2009 / 5 / 24
الادب والفن


حبل السرّة

سؤال قادتني اليه مقالة على أحد مواقع الانترنت، إذ كنت أبحث عمّا قيل عن الكاتب الباكستاني حنيف قريشي - الذي يكتب بالإنكليزية - بعد أن أتممت قراءة روايته «هدية غبريل» الصادرة حديثاً في ترجمة عربية عن «دار المدى». ثمة جملة استوقفتني في هذه المقالة تقول: «يعتبر حنيف قريشي اليوم واحداً من أفضل الكُتّاب الانكليز».
من دون شك، يشكل حنيف قريشي (وهو سينمائي أيضاً كتب العديد من السيناريوهات لستيفان فريرز)، «منتوجا» إنكليزيا صافيا وهو بذلك يشبه بن أوكري وكازوو إيشيغورو وسلمان رشدي وزادي سميث ومونيكا علي (إلى آخرين) أي أنه ينتمي إلى أولئك الكُتّاب الذين جاؤوا من «مستعمرات» بريطانيا القديمة والذين أغنوا أدبها في السنوات الأخيرة بشكل كبير، لدرجة أنهم يشكلون اليوم طليعة جيل أدبي كامل يكتب بالانكليزية. جيل فرض نفسه واحدا من أفضل الأجيال الأدبية في بريطانيا الزمن الراهن، على الرغم من أن أفراده لا ينتمون اليه «عرقيا» بل لغويا. أي أن اللغة الانكليزية هي القاسم المشترك بينهم. ومع ذلك، لا تدل بريطانيا عليهم الا بصفتهم كتابا بريطانيين.
ثمة أمر مشابه في فرنسا أيضا، فنحن لو نظرنا الى الروايات الفرنسية في السنوات الأخيرة لوجدنا أن غالبية الجوائز الكبيرة كانت من نصيب الكتّاب الفرنكوفونيين، أي الذين اختاروا الفرنسية وسيلة تعبير، ومع ذلك لا تدل عليهم فرنسا بأنهم «أجانب»، بل أصبحوا يشكلون جزءاً من النسيج الثقافي الفرنسي. وربما تملك الولايات المتحدة بدورها، هذه الحصة المشابهة مع كتابها السود وذوي الأصول الأميركية الجنوبية...
بالطبع لا أريد أن أسأل، لماذا لم تنجح اللغة العربية في اختراع مثل هذه الحالة، أي وجود كتاب، جاؤوا من قوميات وبلدان مختلفة، ليختاروا العربية وسيلة تعبير، بل ثمة سؤال آخر أود الإشارة إليه: كيف تدل هذه الثقافة العربية، على كتابها الذين يكتبون... بالعربية؟
تخيّلوا مثلاً كاتباً ما قال شيئاً يشبه جملة حنيف قريشي التالية: «لا أجد نفسي مهاجراً من الجيل الثاني وعالقاً بين ثقافتين، ثقافتي هي الثقافة البريطانية». بمعنى آخر، ماذا لو قال أحد الكتاب العرب إنه لا يشعر أبداً بأنه ينتمي إلى الثقافة العربية بل الى ثقافة أخرى وهي التي تسيّر وعيه وكتاباته. هل يستطيع عندها أن يبقى بعيدا عن الاتهامات التي توجه اليه بأنه ليس عدواً لهويته وتراثه، وبأنه لا يخدم مصالح الامبريالية التي تريد تفتيت حضارتنا ومحوها و...و...؟
هل تستطيع الثقافة العربية أن تتقبل هذه الروح «الخلاسية» لتجعلها رافداً من روافدها؟ مشكلة هذه الثقافة أنها لا تزال تنظر الى نفسها كمنتوج صاف تريد المحافظة عليه، وإن كانت اعتباراتها هذه قادتنا الى كوارث وإلى حركات أصولية لا أحد يعرف كيف ستنتهي. كل ثقافة «صافية» إلى هذا الحد، ليست في العمق، سوى ثقافة فاشية، تنتج أصوليات تتوالد من بعضها بعضاً. ربما ما نحن بحاجة اليه اليوم، هذه الخلاسية، أي قطع «حبل السرّة» هذه، كي نصبح أكثر تقبلاً لا للآخر، بل لأنفسنا.

عن السفير اللبنانية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أقرب أصدقاء صلاح السعدني.. شجرة خوخ تطرح على قبر الفنان أبو


.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب




.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث